بينا في المقالين السابقين أن بدايات التعليم الصناعي النظامي في مملكة البحرين ترجع إلى (1936 - 1937م) بأربعة فصول في المنامة والمحرق، فصلان للنجارة والميكانيكا وفصلان للبرادة والحدادة، وفي العام التالي تأسست مدرسة المنامة الصناعية كأول مدرسة حكومية، بمدرسين سوريين اثنين عن طريق الجامعة الأميركية ببيروت، وبلغ الملتحقون 18، منهم 12 بالمنامة و6 بالمحرق، بمكافأة شهرية قيمتها 15 روبية، لتشجيع الطلاب على التعليم المهني غير المرغوب آنذاك وفقًا للمستشار بلجريف، وقفز العدد إلى 35، أي 94 % في (1940 - 1941م) مقارنة بثلاث سنوات خلت، ثم نما 86 % بالعام التالي ليبلغ 65. وقد ألقت الحرب العالمية الثانية بظلالها فتراجع الملتحقون إلى 55 و46 بالعامين (1943 - 1944م) و(1946 - 1947م) على التوالي، ووصل إلى 89، في (1959 - 1960م).
وواصل معدل التحاق الطلبة صعوده في العقدين التاليين نتيجة التوسع في الطلب على أصحاب المهارات المهنية في سوق العمل المحلي والاستقلال، وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ليسجل الملتحقون في 3 مدارس صناعية فيها 32 صفا 815 طالبًا، محققًا نموًا قياسيا فاق 9 أضعاف أي بـ 726، في (1978 - 1979م)، عاكسًا تغير نظرة المجتمع الإيجابية للتعليم المهني عما كان سائدًا في سنوات تأسيس التعليم الصناعي.
ونكمل اليوم مسار التعليم المهني، في العقدين القادمين (1980 - 1999م) راصدين ارتفاعات متتالية في إجماليات الالتحاق بالدراسة الصناعية والتي كانت مقتصرة على الذكور – مع ملاحظة ظهور التعليم الفني الذي التحقت به الإناث، وسنذكره مستقبلًا – حيث التحق في مدارس الصناعة الثلاث 1122 طالبًا في (1980 - 1981م) وهي المنامة وجدحفص والمحرق موزعين كالتالي: 399 و395 و328 في المدارس الثلاث على التوالي، ثم بين لنا عام (1984 - 1985م) نموًا 96 % أي 1598، ليكون هناك 2413 طالبًا، مقارنة ببداية عقد الثمانينات وفي مختلف التخصصات، ثم لينمو عددهم بوتيرة بلغت حوالي 40 % أي 952، ليصبح عددهم بعد أقل من عقد 3365 ملتحقا بالتعليم الصناعي في (1992 - 1993م)، موزعين على مختلف محافظات ومناطق مملكة البحرين البالغة 11، فكان من جدحفص (664) والمنامة (485) والمحرق (460) والشمالية (361) والوسطى (321) ومدينة عيسى (263) وسترة (250) والغربية (190) والرفاع (168) ومدينة حمد (160) والحد (40)، إلا أن عقد التسعينات (1998 - 1999م) أظهر تراجعًا طفيفًا في أعداد الملتحقين بالمدارس الصناعية، بـ 71 ليقف عند 3294 طالبًا، ربما يعزى إلى تغيرات في التحاق الطلبة في مختلف المسارات التعليمية. وسننهي الموضوع لاحقًا.