ذكرنا في الأسبوع الماضي تأثير ظروف الحرب العالمية الثانية على النمو الذي استمر منذ انطلاق التعليم الصناعي في مملكة البحرين في بداية النصف الثاني من ثلاثينات القرن الماضي، وتحديداً في العام الدراسي (1936 - 1937م)، بتراجع مجموع الملتحقين إلى 55 ثم إلى 46 ملتحقاً خلال العامين الدراسيين (1943 - 1944م) و(1946 - 1947م) على التوالي.
ونرصد اليوم تغير الوضع صعوداً محققاً رقماً قياسياً في العام الدراسي التالي (1947 - 1948م)، بما نسبته 233 % وبلوغ مجموع الملتحقين في التعليم المهني الصناعي 60 ملتحقاً، مقارنة بنظيره قبل عقد من الزمان، أي في العام الدراسي (1937 - 1938م)، أي بزيادة بلغت 42 طالباً، وزاد عدد المدرسين في العام الدراسي (1949 - 1950م) ليبلغ 11 مدرساً، وتوزع الطلاب على الاختصاصات الصناعية المختلفة، وطبقاً للدكتور محمد الرميحي، “التحق تسعة طلاب في فرع الحدادة، وعشرة في فرع الميكانيكا، عشرة آخرون في فرع النجارة وواحد وثلاثون منهم في فرع الاختصاص العام”، و”زاد عدد المختبرات وورشات العمل كثيراً – في الأعوام (1955 - 1957م) - عما كان عليه من قبل، كما تم توزيع بزات - بدل - عمل وصناديق عدة على الطلاب مجاناً”، ويمكن أن يرجع هذا النمو في عدد طلبة التعليم الصناعي إلى تحرك مكونات الاقتصاد المحلي عموماً والنفطي خصوصاً نحو الطلب المتزايد على الأيدي العاملة المحلية المدربة، بل ارتفع الالتحاق بوتيرة متنامية خلال عقد الخمسينات ليسجل زيادة في عدد الملتحقين بالتعليم الصناعي لامست الخمسين بالمئة في العام الدراسي (1959 - 1960م) ليصل إلى 89 طالبا.
إلا أن أعوام الستينات والسبعينات من القرن العشرين وعلى مدى عقدين من الزمان، سجلت معدلات نمو فاقت التوقعات نتيجة التوسع في الطلب على الأيدي العاملة المدربة في سوق العمل الوطنية من جهة، واستقلال البحرين في (1971م) وارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية منذ العام (1973م) من جهة ثانية، وبالتالي توسع البلاد في المجال التعليمي وخدماته بشكل عام، وفي مجال التخصصات الفنية والصناعية بشكل خاص، حيث ولأول مرة يصل عدد الطلبة الملتحقين بالمدارس الصناعية الثلاث وبفصولها الـ 32 إلى 815 طالباً، فاق تسعة أضعاف، في العام الدراسي (1978 - 1979م)، بزيادة 726 طالباً، ما يبين تقبل المجتمع بما لا يدع مجالا للشك العمل في المهن اليدوية والفنية والصناعية، عكس ما كان سائداً مع بداية التعليم الصناعي في مملكة البحرين قبل خمسين عاماً عند بداية التعليم الصناعي. ونكمل لاحقاً.