العدد 4608
الخميس 27 مايو 2021
banner
برحيلك “يا أم مريم” اعترت العالم شهقة خرساء
الخميس 27 مايو 2021

سارت هادئة في الحياة، وكانت بالنسبة للجميع منبع السعادة وتطييب الجراح وتخفيف الآلام، أحبت الخير للناس حتى العناد، وتحدت العواصف وحافظت على شمعتها الصغيرة حتى لا تنطفئ لتنير الطريق لكل من يعرفها. حنان علي حمد الرويعي “شقيقة زوجتي” التي رحلت يوم أمس الأول عن هذه الدنيا الفانية، لم تكن امرأة عادية في جميع الظروف والأحوال، بل كانت ألوانا بهية تراها العين البشرية، مفاجآت رائعة لا تعد وتحصى، قلب نظيف وطاهر، قدمت رسالتها الكبرى في الحياة بامتياز، كانت بالنسبة لنا خطبة وموعظة في الحق والخير والفضيلة والمساندة للتغلب على مشاكل الحياة وصدماتها، بالرغم من كل التحديات التي واجهتها كأي امرأة كانت ترى الدنيا باسمة أمامها وتردد عبارتها التي حفظناها عن ظهر قلب “الحمد لله.. شيسوي الواحد”.

يمر الإنسان في تقلبات كثيرة وقاسية وظروف صعبة وشديدة، لكن القوي من يستطيع أن يتخطى تلك الدروب ويقف على مسرح الحياة متوازنا، لأنه ينظر إلى الحياة ممتدة أمامه تنبسط ثم تتلوى وتنحني ثم تختفي في بطون الأودية، وقد تمتد صعودا في سفوح الجبال إلى أن تختفي وراء الأفق البعيد، وهنا يتساءل.. ماذا تعني يا ترى، وكم الذين يدركون أسرارها؟ حنان الرويعي كانت تعيد على مسامعنا دون شعور مقولة شكسبير الشهيرة “إلى الفناء أيتها الشمعة الصغيرة، فالحياة ظل زائل وممثل هزيل يتخطر مضطربا على مسرح الحياة، ثم يختفي وراء الستار على أن لا يعود أبدا”.

نعم.. لن تعودي إلينا يا “أم مريم” وستكونين مثل خيوط الحلم تتربعين على عروش الروعة، وسيبقى اسمك يشع كما النجمة، كمفاتيح بيانو هائل ترسم نغمة الضوء في طريقنا، كل يوم سيقفز اسمك من التربة كصورة من حياة أهل الخلود وسيحلق فوق رؤوسنا ويجعل الدنيا نجما جميلا ضحوكا، إذا كانت للأرض أوجاع، فرحيلك السريع عنا هو وجع هذا العالم الفسيح الذي اعترته شهقة خرساء، فلروحك الطاهرة السلام “يا أروع الأمهات والخوات” التي جادت بها البشرية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .