العدد 4605
الإثنين 24 مايو 2021
banner
تعُّقبُ الأزواج.. شقاءٌ اختياري!
الإثنين 24 مايو 2021

تُراقبُ تعابيرَ وجهه كلما تلقَّى رسالةً على هاتفه المحمول أو انخرط في حوارٍ على برنامج الواتس آب، وتتفحصُ ملابسه للكشف عن آثارٍ لجريمةٍ لمْ تُرتكب إلا في دماغها المزدحم بالسيناريوهات والصور، وقد تشتمُّ ملابسَه للتأكد من أنها لا تفوحُ برائحةٍ نسائيةٍ بأيِّ شكلٍ من الأشكال، وقد لا تكتفي بذلك وحسب، لكنها تتجاوزُ حدودها بتحميلِ برامج للتعقبِ في جوالها، ودونَ أنْ يُدرك تصطاده أينما ذهب وتضبطه بالجرم المشهود حقيقةً كان ذلك أو خيالاً نسجته وحدها في مُخيلتها المُتعَبة لا غير.

شقاءٌ لا داعي له البتَّة، وانغماسٌ في الهم والخوفِ والترقب والغيرة المريضة التي لا تُؤذي سواها، وحريٌ بها أنْ تدعهُ وشأنه، لا أنْ تُنقِّبَ خلفه وتحفرَ تحت قدميه للبحث عن آثارِ خيانةٍ، أو لاكتشافِ أخرى أو أخريات في حياة زوجها، ماذا لو كان ذلك صحيحاً، لِم تلهثُ نحو خرابِ عِشِّها الهادئ وخسارةِ زوجٍ قد يكونُ انجرَّ فعلاً لنزوةٍ عابرة، سيعودُ بعدها لرشده عاجلاً أو آجلا؟ لِمَ تجلبُ بعضُ النساء الشقاءَ والتعاسة لنفسها بالشك والغيرةِ العمياء في حين يجدرُ بها أنْ تكونَ عمياءَ بكماءَ صماء عن نزواتِ رجُلِها لتحيا بسعادة؟

ولا نقولُ إنَّ الرجالَ خونةٌ بالمجمل، لكنهم مُعرَّضون للجذبِ والإغراء من الخارج، وعليه فإنَّ الصورةَ النمطية الراسخة عن الرجال هي أنهم “بصَّاصون” لا تملأُ عيونهم امرأةٌ واحدة، هذه الصورةُ، بالإضافة لفقدانِ بعض النساء ثقتهنَّ بذواتهن، نتيجةَ عدمِ تقدير أزواجهن لهن بالأقوال أو الأفعال، تقودان تلك الزوجات للخوفِ من دخولِ أخرى في حياة أزواجهن. في نهايةِ المطاف لا تمتلكُ المرأةُ الرجل، كما لا يمتلكُ الرجلُ المرأة، فقد خُلقوا جميعا أحراراً، وعلى الزوجة أنْ تعيَ أنَّ أساليبَ المراقبةِ التي تجتهدُ في تطويرها، ليست سوى معول لهدمِ بيت الزوجيةِ الذي يجب أنْ يقومَ على الاحترامِ المتبادل وحسن المعاملة والحب والثقة؛ فلتدعْ الزوجاتُ أزواجهن دون قيودٍ أو رقابة، فتلك القيودُ وتلك الرقابةُ تجعلهم يقاومون الهيمنةَ والتحكم، ليخرجوا من مركزِ الزوجية الطاردِ إلى محيطهِ الجاذب، فالممنوع مرغوب. ثم لماذا تُغلِقُ النسوةُ على رجالاتِ حياتهن بالأقفال وتُوجهُ عدساتِ الرقيب نحوهم وكأنهم لا شبيه لهم بالكون ولا نظير، ظناً منهن أنهن قادرات على منعهم من معرفة أخرى أو الاقترانِ بها، وينسينَ أنَّ الرجلَ يفعل ما يريد إذا قرر ذلك. نصحيتي لهذا النوع من النساء، ثِقْنَ بأنفسكنَّ وتحلَّينَ بالقوة وتوقفنَ عن جلدِ ذواتكُنَّ وتعذيبها بالشك الفارغ والغيرة القاتلة التي تُشْقيكنَّ ليس إلا، وتشغلكن بالبحث وتقصي تحركات أزواجكن، بدلَ أنْ تشغلنَ أنفسكن بتهيئة عش الزوجية بشتَّى أنواع الراحةِ والسعادة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية