العدد 4551
الأربعاء 31 مارس 2021
banner
لماذا يتجه الناس إلى حسابات “الهشك بشك”؟
الأربعاء 31 مارس 2021

من الأزمات الجديدة المتتالية والنكبات المتعددة والمآسي التي يمر بها مجتمعنا العربي انعدام الذوق والابتعاد عن الإبداع الحقيقي والمواضيع الجادة المفيدة في معظم حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بلا أدنى شك مرآة للواقع وصورة له، فتجد مثلا “15 لايك” لصورة وخبر إصدار كتاب لأحد الأدباء والمفكرين، بينما تجد آلاف “اللايكات والتعليقات” على صورة مهرج أو مهرجة أو خبر تافه خال من أي معنى، فهؤلاء المهرجون فتحوا الباب السحري والعبور منه إلى جحيم الغباء، والغريب في الأمر أن هناك من يؤمن مقتنعا بالسخافات التي يقدمونها في مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي وكأن هناك عاطفة نبيلة حميمية بينهم.

تجد الناس تنفر من الحسابات الملتزمة والمفيدة والتي تقدم التنوير والنداء المفعم بالإبداع، وتتجه إلى الحسابات الرخيصة المبشرة بـ “الهشك بشك” والانحطاط والسموم. افتح حساب أية مؤسسة ثقافية أهلية أو حساب أي أديب ومفكر في “الإنستغرام” وانظر لعدد المتابعين وعدد “اللايكات” على المواد المنشورة، وفي المقابل اسحب كرسيك وافتح حساب أحد المهرجين وتفحص بعينك عدد “اللايكات” والمتابعين، ستجد الحالة المستعصية التي يمر بها مجتمعنا والتي تستدعي منا أن نحتضنه ونواسيه.

للروائية الزميلة فتحية ناصر رأي جميل ومعبر عن أعماق الكهوف الواجمة وحالة التحليق في سماء التخلف وهو “وسائل التواصل الاجتماعي بوسعها اليوم أن تجعل أي شخص كاتبًا شهيرًا بين عشية وضحاها، حتى لو كان ذلك الشخص رديء الإملاء أو يكتب باللهجة العامية أو حتى ليس لديه ما يقوله”. قد يخرج إلينا أحد من الفراغ أو العالم المجنون، ويقول لنا الكلمة التي ضيعت الوجه الحقيقي للأمة العربية وتسببت في ولادة أولئك المهرجين وهي “الناس أذواق”.. يا عزيزي إذا كان ذلك صحيحا فهذا يعني أن من بين كل 100 بيت عربي يوجد بيت واحد فقط يهتم أهله بالفكر والإبداع، وبلمعان الأعشاب الخضراء والخمائل الظليلة الوارفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية