+A
A-

عقيل: مشكلة الثقافة أنها لم تكن أبدا ضمن أولويات النمو الاقتصادي والاجتماعي

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬الصفحات‭ ‬الثقافية‭ ‬أصبحت‭ ‬شيئا‭ ‬زائدا‭ ‬عن‭ ‬الحاجة

لا‭ ‬يزال‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬أنشطة‭ ‬ترفيهية‭ ‬وكرنفالية‭ ‬وفنية

تحول‭ ‬الصراع‭ ‬الفكري‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬شعواء‭ ‬طالت‭ ‬حتى‭ ‬الأخلاق‭ ‬والشرف

الظروف‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الكتاب‭ ‬الشباب‭ ‬اليوم‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬جربناها

 

في‭ ‬كل‭ ‬الآداب‭ ‬الإنسانية‭ ‬شخصيات‭ ‬مؤسسة‭ ‬تمثل‭ ‬جيلها‭ ‬وتصور‭ ‬عبقرية‭ ‬عصرها،‭ ‬فتغدو‭ ‬بإبداعها‭ ‬مدرسة‭ ‬أدبية‭ ‬ومفخرة‭ ‬وطنية،‭ ‬تعلو‭ ‬في‭ ‬وزنها‭ ‬وتقديرها،‭ ‬والأديب‭ ‬البحريني‭ ‬عبدالقادر‭ ‬عقيل‭ ‬أحد‭ ‬أولئك‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬ارتقوا‭ ‬بالرواية‭ ‬والقصة‭ ‬والترجمة‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬رفيع،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬بتجربته‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليها‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬أصدق‭ ‬وأعمق‭ ‬تمثيلا‭ ‬لتجربة‭ ‬الإنسان‭ ‬والرؤيا‭ ‬التي‭ ‬تبشر‭ ‬بحياة‭ ‬جديدة‭.‬

عبدالقادر‭ ‬عقيل‭ ‬عمل‭ ‬وخلق‭ ‬وتوهج‭ ‬وعاطفة‭ ‬متدفقة،‭ ‬والكتابة‭ ‬عنده‭ ‬متجاوزة‭ ‬للحدود،‭ ‬شيمته‭ ‬السبق‭ ‬والتنبؤ،‭ ‬كفاه‭ ‬نبلا‭ ‬وأصالة‭ ‬أنه‭ ‬الدواء‭ ‬الواقي‭ ‬من‭ ‬الجمود‭ ‬والرتابة‭. ‬إنه‭ ‬باختصار‭ ‬صدمة‭ ‬منعشة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأدب‭.‬

وفيما‭ ‬يلي‭ ‬“نص‭ ‬حوار”‭ ‬البلاد‭ ‬مع‭ ‬عبدالقادرعقيل‭.‬

 

هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الفنون‭ ‬الأخرى،‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬بطبيعة‭ ‬تكوينها‭ ‬تقوم‭ ‬بسهولة‭ ‬بدور‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬طموح‭ ‬الفرد‭ ‬وصراعه‭ ‬وضياعه‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر؟‭ ‬

القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬فن‭ ‬معقد‭ ‬وصعب‭ ‬جدا،‭ ‬فهي‭ ‬تختزن‭ ‬الكثير‭ ‬وتوحي‭ ‬بالكثير‭. ‬فهي‭ ‬فن‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تعقيدات‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬وهشاشتها،‭ ‬وتشرذم‭ ‬الذات‭ ‬البشرية،‭ ‬وتتجه‭ ‬نحو‭ ‬الداخل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬القاع‭. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬بالمهمة‭ ‬السهلة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬أما‭ ‬الرواية،‭ ‬فهي‭ ‬عمل‭ ‬أدبي‭ ‬مركب،‭ ‬أو‭ (‬روح‭ ‬التعقيد‭) ‬كما‭ ‬يعرفها‭ ‬ميلان‭ ‬كونديرا‭. ‬فكل‭ ‬رواية‭ ‬تقول‭ ‬للقارئ‭ ‬إن‭ ‬الأشياء‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬مما‭ ‬تظن‭. ‬الروائي‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬شخص‭ ‬مثقف‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬وصاحب‭ ‬خبرة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬

والرواية‭ ‬هي‭ ‬الحياة‭ ‬بشكلها‭ ‬الواسع،‭ ‬والروائي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الحياة‭. ‬أما‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬فإنها‭ ‬باقية‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬‭ ‬

 

ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬أدبنا‭ ‬البحريني‭ ‬الحديث‭ ‬ليصبح‭ ‬أدبا‭ ‬عالميا؟‭ ‬

كان‭ ‬الشاعر‭ ‬الألماني‭ ‬غوته‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استخدم‭ ‬مصطلح‭ ‬“الأدب‭ ‬العالمي”،‭ ‬وكان‭ ‬يعنى‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬الأدب‭ ‬ولاسيما‭ ‬الشعر‭ ‬الذي‭ ‬يرتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬موضوعاته‭ ‬وفنه،‭ ‬ولا‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬بعده‭ ‬القومي‭ ‬أو‭ ‬الوطني‭ ‬أو‭ ‬المحلي،‭ ‬وكان‭ ‬غوته‭ ‬يرى‭ ‬بأن‭ ‬آداب‭ ‬الأمم‭ ‬سوف‭ ‬تلتقي‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأدب‭ ‬العالمي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬خصائصها‭ ‬المحلية‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تذوب‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬الأدب‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬النظرة‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الرأسمالي‭ ‬مقرا‭ ‬مميزا‭ ‬للأدب‭ ‬العالمي،‭ ‬فالموقف‭ ‬تجاه‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬كثيرا،‭ ‬والغرب‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يحتفي‭ ‬بما‭ ‬تطرحه‭ ‬الكتابات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬سلبية‭ ‬تجاه‭ ‬مجتمعاتها‭ ‬المتخلفة،‭ ‬فموضوعات‭ ‬مثل‭ ‬الحريم‭ ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬وعوالم‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ ‬والخصيان‭ ‬وختان‭ ‬الإناث‭ ‬والتخلف‭ ‬والفقر‭ ‬وكبت‭ ‬المرأة‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يحتفي‭ ‬بها‭ ‬ويعظم‭ ‬من‭ ‬شأنها‭. ‬لقد‭ ‬قدمت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬بعد‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬نوبل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ (‬بطل‭ ‬وحيد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬خاو‭ ‬جاهل‭). ‬

ولك‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬رواية‭ (‬بنات‭ ‬الرياض‭) ‬التي‭ ‬كتبتها‭ ‬شابة‭ ‬سعودية‭ ‬في‭ ‬العشرينات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬وكيف‭ ‬تلقفتها‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬الغربية‭ ‬وترجمتها‭ ‬إلى‭  ‬20‭ ‬لغة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حققت‭ ‬أرباحا‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا‭ ‬لمجرد‭ ‬أنهم‭ ‬وجدوا‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬كسرا‭ ‬لجملة‭ ‬من‭ ‬التابوهات‭ ‬لمجتمع‭ ‬شرقي‭ ‬ينفرد‭ ‬بسلطة‭ ‬الذكورة‭. ‬

العمل‭ ‬الجيد‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬عاجلا‭ ‬أو‭ ‬آجلا؛‭ ‬لذا‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬إلى‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬والإبداع‭ ‬والصدق‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬وندع‭ ‬الخيال‭ (‬العالمي‭) ‬إلى‭ ‬حينه‭.‬

أنت‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬مزقته‭ ‬مرحلة‭ ‬حضارية‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬يستقبلها‭ ‬مجتمعنا‭ ‬العربي‭ ‬بمقدمة‭ ‬نفسية‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬تدعمه‭ ‬أرضية‭ ‬فكرية‭ ‬معقولة،‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خيط‭ ‬النجاة‭ ‬الذي‭ ‬تلوح‭ ‬به‭ ‬الحياة‭ ‬امامكم،‭ ‬فتعلقكم‭ ‬بالقراءة‭ ‬والاطلاع‭ ‬بنهم‭ ‬وكانت‭ ‬لكم‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬التأصيل‭ ‬والتأسيس‭... ‬ما‭ ‬تعليقك؟

الباحث‭ ‬الأدبي‭ ‬“روبرت‭ ‬فول”‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬الأدبية‭ ‬لا‭ ‬تولد‭ ‬بطريقة‭ ‬تلقائية‭ ‬حسب‭ ‬الحقب‭ ‬الزمنية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأحداث‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال،‭ ‬فحقبة‭ ‬الستينات‭ ‬كانت‭ ‬مزيجا‭ ‬من‭ ‬الصحوة‭ ‬القومية،‭ ‬والمد‭ ‬العروبي‭ ‬الناصري‭ ‬لجيل‭ ‬انفتح‭ ‬وعيه‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬الزهو‭ ‬والصمود،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو،‭ ‬ومفاهيم‭ ‬الوحدة‭ ‬القومية،‭ ‬ومناهضة‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وتصاعد‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬عالميا‭ ‬وعربيا،‭ ‬ومخاضات‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬هزيمة‭ ‬حزيران‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬هزيمة‭ ‬حضارية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬هزيمة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وصدمة‭ ‬عنيفة‭ ‬رجت‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬رجة‭ ‬عنيفة‭ ‬لجيل‭ ‬رأي‭ ‬أحلامه‭ ‬تنهار‭ ‬أمام‭ ‬أعينه،‭ ‬ثم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬البديل‭ ‬عبر‭ ‬تبني‭ ‬الأفكار‭ ‬الماركسية‭ ‬وأفكار‭ ‬اليسار‭ ‬الراديكالي‭ ‬الجديد‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬بعد‭ ‬انتفاضة‭ ‬مايو‭ ‬1968‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وأوروبا‭ ‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬فيها‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ (‬1969‭) ‬بكل‭ ‬عنفوانها‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والفكري،‭ ‬لتمثل‭ ‬الصوت‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬للحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والحضور‭ ‬الأدبي‭ ‬الأكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬وبروزا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬والعربي‭.   ‬

 

عالم‭ ‬عبدالقادر‭ ‬عقيل‭ ‬القصصي‭ ‬والروائي‭ ‬ينقل‭ ‬لنا‭ ‬الحقيقة‭ ‬الكبرى،‭ ‬حقيقة‭ ‬الإحساس‭ ‬الداخلي‭ ‬للإنسان،‭ ‬واستطاع‭ ‬بعبقريته‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬المعادل‭ ‬الموضوعي‭ ‬الكامل‭ ‬للحالة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬ينقلها‭ ‬للقارئ‭ ‬بحيث‭ ‬يحسها‭ ‬عند‭ ‬قراءتها‭... ‬ما‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬ذلك؟

يقول‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬في‭ ‬مقدمته‭: (‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬تصف‭ ‬موج‭ ‬البحر،‭ ‬وظهور‭ ‬السفن،‭ ‬حين‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬البحر‭. ‬لابد‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬القاع،‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬المليء‭ ‬بالغرائب‭ ‬والتيارات‭ ‬والوحوش‭. ‬وقاع‭ ‬السفينة،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬عبيد‭ ‬وملاحون‭ ‬إلى‭ ‬المجاديف‭ ‬أياما‭ ‬كاملة‭ ‬يدفعون‭ ‬بسواعدهم‭ ‬بضائع‭ ‬تحملها‭ ‬السفن،‭ ‬وثروات‭ ‬وركابا،‭ ‬وينزفون‭ ‬عرقا،‭ ‬وتتمزق‭ ‬أجسامهم‭ ‬تحت‭ ‬السياط‭).‬

أكتبُ‭ ‬عن‭ ‬أعماق‭ ‬الذات‭ ‬البشرية‭ ‬المتشظية،‭ ‬وهذا‭ ‬كالدخول‭ ‬في‭ ‬نفق‭ ‬طويل‭ ‬مظلم‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له،‭ ‬وحتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أعماق‭ ‬إنسان‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬كبير،‭ ‬ومعرفة‭ ‬واسعة،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يفتح‭ ‬لك‭ ‬قلبه‭ ‬بسهولة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬أية‭ ‬فرصة‭ ‬لاقتحام‭ ‬عالمه،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬تواجه‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬الطريقة‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تكتشفه‭ ‬في‭ ‬الداخل‭. ‬إنها‭ ‬رحلة‭ ‬نحو‭ ‬المجهول‭. ‬لذلك‭ ‬تكون‭ ‬الكتابة‭ ‬دائما‭ ‬مغامرة‭ ‬لذيذة‭.  ‬

 

هناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬عطاء‭ ‬أبناء‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬المهم،‭ ‬بينما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬عطاءهم‭ ‬في‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬يعد‭ ‬عطاء‭ ‬الرواد؛‭ ‬لأن‭ ‬الجيل‭ ‬اللاحق‭ ‬وجد‭ ‬الطريق‭ ‬ممهدا‭ ‬أمامه؟

كل‭ ‬جيل‭ ‬يصنع‭ ‬الإبداع‭ ‬حيث‭ ‬يكتب‭ ‬مبدعوه‭ ‬بروح‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬يعيشون‭ ‬فيه،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬يضيف‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬موهبة،‭ ‬وكذلك‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬واقعية‭ ‬وتقنية،‭ ‬وكذلك‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية،‭ ‬والعلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬تكاملية،‭ ‬وليست‭ ‬علاقة‭ ‬تضاد‭ ‬أو‭ ‬علاقة‭ ‬تفاضل‭. ‬

هناك‭ ‬وضعية‭ ‬خطيرة‭ ‬جدا‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالصفحات‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬العربية‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬تصوري‭ ‬يهدد‭ ‬الوضعية‭ ‬الثقافية‭ ‬والحياة‭ ‬الثقافية‭ ‬العربية‭.. ‬هل‭ ‬توافقني؟

بالتأكيد،‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬الصفحات‭ ‬الثقافية‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررا،‭ ‬وهي‭ ‬الضحية‭ ‬الأولى‭ ‬والسهلة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تقزيمها‭ ‬أو‭ ‬تحجيمها‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عنها،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الواقع‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬يهمش‭ ‬الثقافة،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬المالية‭ ‬الخانقة،‭ ‬وشح‭ ‬الإعلان‭ ‬التجاري،‭ ‬والمنافسة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والمدونات‭ ‬الشخصية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬الثقافية‭ ‬شيئا‭ ‬زائدا‭ ‬عن‭ ‬الحاجة،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مؤسف‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬صحيفة‭ ‬فيها‭ ‬تتنافس‭ ‬بملاحقها‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ثماني‭ ‬صفحات‭.‬

 

الثقافة‭ ‬هي‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتنمية‭ ‬الشاملة،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المصطلح‭ ‬العصري‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬القطاع‭ ‬الثقافي‭ ‬عموما‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬ورعاية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬لاسيما‭ ‬وأنت‭ ‬قد‭ ‬شغلت‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون‭. ‬حبذا‭ ‬لو‭ ‬تطلعنا‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬وآفاق‭ ‬السياسة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬بلادنا؟‭ ‬

مشكلة‭ ‬الثقافة‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدا‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي؛‭ ‬لذا‭ ‬كانت،‭ ‬ولا‭ ‬تزال،‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬والقصور،‭ ‬فما‭ ‬دمنا‭ ‬لا‭ ‬نعترف‭ ‬بأن‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الحضارة‭ ‬والتقدم،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬بكل‭ ‬مقوماتها،‭ ‬دون‭ ‬التنمية‭ ‬الثقافية،‭ ‬فستظل‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬أسفل‭ ‬قائمة‭ ‬الاهتمامات‭.‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬طُرحت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬المستقبلية،‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬وأفكار‭ ‬لتحرير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬لم‭ ‬تتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬بوصفها‭ ‬أداة‭ ‬فاعلة‭ ‬رئيسة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة،‭ ‬بل‭ ‬مازال‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬أنشطة‭ (‬ترفيهية‭) ‬و‭(‬كرنفالية‭) ‬و‭(‬فنية‭)‬،‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬حال‭ ‬تغير‭ ‬الأحداث،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬أبدا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الرؤى‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬الفوضى‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬الثقافية‭.  ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صوت‭ ‬الثقافة‭ ‬يبدو‭ ‬خافتا،‭ ‬وصوت‭ ‬المثقفين‭ ‬أكثر‭ ‬خفوتا،‭ ‬مما‭ ‬يدعونا‭ ‬للمطالبة‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الثقافة،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تحديد‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬بكل‭ ‬مكوناته‭ ‬وأطيافه‭. ‬

 

هناك‭ ‬أمر‭ ‬ملاحظ‭ ‬وهو‭ ‬قلة‭ ‬المجلات‭ ‬المتخصصة‭ ‬بالطفل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.. ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬ابتعادنا‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬مجلات‭ ‬لأطفالنا‭ ‬المتعطشين‭ ‬للثقافة‭ ‬بكل‭ ‬ألوانها،‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬عندنا‭ ‬مركز‭ ‬لكتب‭ ‬الأطفال‭ ‬يهتم‭ ‬بالدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬والتخطيط‭ ‬لكتب‭ ‬ومجلات‭ ‬الطفل،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تشجيع‭ ‬الكتابة‭ ‬للأطفال‭ ‬ماديا‭ ‬وأدبيا‭ ‬وفنيا،‭ ‬ويقدم‭ ‬حوافز‭ ‬لمؤلفي‭ ‬كتب‭ ‬ومجلات‭ ‬الأطفال؟‭  ‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬أدب‭ ‬الطفل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينتعش‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬ثقافة‭ ‬جادة‭ ‬تتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الطفل،‭ ‬وهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬لن‭ ‬تأتي‭ ‬بالنوايا‭ ‬الطيبة،‭ ‬ولا‭ ‬بالجهود‭ ‬الفردية‭ ‬لهذا‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬ممن‭ ‬يهتمون‭ ‬بالكتابة‭ ‬للأطفال،‭ ‬المطلوب‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭ ‬لثقافة‭ ‬الطفل‭. ‬

 

من‭ ‬الحقائق‭ ‬المسلم‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬التجديد‭ ‬والتطور‭ ‬هو‭ ‬سنة‭ ‬الحياة،‭ ‬ومعاندة‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬إن‭ ‬أمكنت‭ ‬فإنها‭ ‬تعنى‭ ‬الجمود،‭ ‬والجمود‭ ‬موت‭ ‬بطيء‭. ‬ما‭ ‬أوجه‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬البحريني؟

الحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بحاجة‭ ‬دائمة‭ ‬إلى‭ ‬دماء‭ ‬شابة‭ ‬تجدد‭ ‬الحياة،‭ ‬واعتقد‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الآن‭ ‬مؤاتيه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ ‬لظهور‭ ‬التجارب‭ ‬الجديدة،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الصوت‭ ‬الجديد‭ ‬الآن‭ ‬لن‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مكبلاً‭ ‬بتشابكات‭ ‬الصراعات‭ ‬الفكرية‭ ‬والرؤيوية‭ ‬التي‭ ‬انهكت‭ ‬الجيل‭ ‬السابق،‭ ‬وانعكست‭ ‬سلباً‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬الهم‭ ‬المشترك،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الصراع‭ ‬الفكري‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬إلى‭ ‬ورشة‭ ‬للحوار‭ ‬والتفاهم‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬شعواء‭ ‬طالت‭ ‬حتى‭ ‬الأخلاق‭ ‬والشرف‭ ‬والانتماء‭ ‬للوطن،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تفاهم‭ ‬حول‭ ‬مسائل‭ ‬أدبية‭ ‬وفكرية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬مسائل‭ ‬تجاوزها‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭. ‬انني‭ ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الكتاب‭ ‬الشباب‭ ‬اليوم‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬جربناها‭.  ‬

الترجمة‭ ‬مهنة‭ ‬وفن‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬نقل‭ ‬عبارة‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬اجنبية‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭.. ‬هل‭ ‬تسير‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مسارها‭ ‬الحقيقي؟

إن‭ ‬الترجمة‭ ‬الأدبية‭ ‬الإبداعية‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬جسور‭ ‬التواصل‭ ‬الإنساني‭ ‬الفعال‭ ‬بين‭ ‬ثقافات‭ ‬الأمم‭ ‬وحضاراتها،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ترجمة‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية،‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬في‭ ‬ثناياها‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬ثقافية‭ ‬وحضارية،‭ ‬تعد‭ ‬آلية‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬مد‭ ‬الجسور‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الثقافات،‭ ‬ونشاطاً‭ ‬فكرياً‭ ‬يخدم‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬مفهوم‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭. ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بيئة‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الترجمة،‭ ‬ولا‭ ‬مؤسسات‭ ‬ثقافية‭ ‬تعني‭ ‬بهذا‭ ‬الفن،‭ ‬وتحل‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬يواجها‭ ‬القلة‭ ‬من‭ ‬المترجمين‭ ‬المحترفين،‭ ‬بدءاً‭ ‬

من‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬والتكلفة‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬تطلبها‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬وما‭ ‬ترجم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مترجمين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬فردي‭  ‬

 

أخيرا‭... ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصفة‭ ‬الهوجاء‭ ‬وهذا‭ ‬العالم‭ ‬المجنون‭... ‬بماذا‭ ‬تحلم‭ ‬؟‭ ‬

كتب‭ ‬الباحث‭ ‬الشاب‭ ‬هشام‭ ‬عقيل‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬الرائع‭ ‬“النص‭ ‬الفصامي”‭ ‬عن‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬أكتبها‭ ‬بأنها‭ ‬نصوص‭ ‬فصامية‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬عقل‭ ‬فصامي،‭ ‬عن‭ ‬كائن‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬دائمة،‭ ‬لا‭ ‬لأنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬مفقود،‭ ‬لا‭ ‬لأنه‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬ضائع،‭ ‬بل‭ ‬لأنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الفراغ‭ ‬التام،‭ ‬حالة‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬غير‭ ‬محاط‭ ‬بكل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬بشكل‭ ‬أبدي‭. ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تسأله‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أحولك؟‭ ‬سيجيبك‭: ‬سأكون‭ ‬بخير‭ ‬لألف‭ ‬عام،‭ ‬أيمكنك‭ ‬أن‭ ‬تتركني‭ ‬وشأني‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين؟‭.‬