+A
A-

ما الذي كان يخاف منه الفنان الراحل إبراهيم بحر؟

ذات يوم وتحديدا في 4 يناير 2008 سالت الفنان القدير إبراهيم بحر رحمه الله في مقابلة: مم يخاف الفنان إبراهيم بحر؟" فأجاب: أخاف على كل ما نعانيه في المسرح، والإذاعة والتلفزيون. أخاف من الزمن الذي بدا يمشي بطريقة سريعة وتجربتنا مازالت بطيئة. تجربتنا الفنية مازالت محلك سر، بل وبدأت تصدأ

الإثنين 15 فبراير الذكرى الثانية لوفاة الفنان القدير وعميد الدراما البحرينية إبراهيم بحر، الذي توفي في العام 2019 تاركا إرثا فنيا خالدا وحالة من الوهج والإشعاع لن تنطفئ أبدا. لقد كان لإبراهيم بحر رحمه الله شفرة خاصة في التعامل مع النص، ويمتلك مرونة إبداعية في الأداء وقوة شخصية أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح. كان هو مفتاح نجاح أي عمل أو مسرحية حتى لو كان السيناريو المكتوب ضعيفا؛ بسبب مخزونة الإبداعي الخصب. ويمكننا القول هنا أن إبراهيم بحر رجل لكل الأدوار.

مع الزميل الماجد والفنان الكويتي إبراهيم الحربي في الشارقة

الفنان إبراهيم بحر اسم مرتبط بتاريخ الحركة الفنية في البحرين وعلى مستوى الخليج والوطن العربي، حيث كانت له مشاركات خارجية باسم الفنان البحريني، فكان خير من يمثل البحرين وفناني البحرين سواء في المسرح أو التلفزيون، وسيبقى اسمه محفورا في تاريخ الفن المسرحي والدرامي والإذاعي وحتى السينمائي في البحرين، فنان عربي أصيل يشع من داخله الإبداع، وبرحيله سيفتقده الجميع، ولكن اسمه لن ينسى". هذا ما قاله الفنان يوسف بوهلول الذي تعرف على بحر في العام 1982 من خلال الأنشطة الصيفية.

أما الفنان عبدالله ملك، فيصف بحر رحمه الله أكثر ما يعجبني في شخصية إبراهيم بحر ثقته العالية بنفسه وجديته في العمل، والتزامه، وصرامته في آرائه، وقناعته بكل ما يقول بصرامة وبإيمان، ولا يخشی رد فعل الآخرين، ولديه إجابة لكل سؤال، فهو بحق كان مؤهلا أن يكون نائبا في المجلس النيابي البحريني؛ لأننا كشعب بحريني بحاجة إلى شخصية مثله، وبقوة شخصيته، وحرصه وألمه لهموم المواطنين. كانت شخصية إبراهيم بحر مثيرة، وقوية، وملفتة سواء كان ممثلا أو مخرجا أو حتى في مداخلاته أثناء الندوات، وتكون آراؤه دائما قوية وصريحة ومؤثرة وحازمة.

فيلم الحاجزوللفنانة مريم زيمان هذا الرأي في الفنان بحر حين قالت: عبر معرفتي به في المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، وجدته فنانا صاحب "کاریزما" متفردة، شخصية ملتزمة محترمة لها حضورها الخاص. ومعظم الأعمال التي شارك بها كانت متميزة. المرحوم نجم من النجوم الساطعة في سماء الفن البحريني لكونه قدم العديد من الأعمال في مجالات الفن المتعددة "المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما". سنفتقده كثيرا في أعمالنا؛ لأن لكل فنان بصمة، وهذه هي بصمة إبراهيم بحر، ولا يمكن أن يحل أيا كان محله وهذا الكلام ينطبق على جميع الفنانين، فلكل فنان بصمته الخاصة

 كثيرة هي الأعمال التي شاركنا في تنفيذها مثل فيلم الحاجز، والمسلسلات فرجان الأول، حزاوي الدار، سعدون، ملفي الأياويد، صانعو التاريخ، بحر الحكايات، ملاذ الطير، حنين السهاری، برايحنا، أولاد بوجاسم، الكلمة الطيبة، سلامتك، وحياتنا بدولة الكويت، والسهرات آه سلمان، ام ناصر، علياء وأبا زيد وكذلك بمسرحية عطيل يعود، وعدد من المسلسلات الإذاعية.

مع  سعد البوعينين وعبدالله ملك

ويرحل عنا سيد الفرح الصديق الجميل الفنان الإنسان إبراهيم بحر الساكن في القلب حد الحب والحياة. بهذه الكلمات نعى الناقد المسرحي يوسف الحمدان صديقه بحر، مضيفا يتميز إبراهيم بحر بحكمته الإدارية وبسخائه الإنساني على أعضاء الفرقة وتحمل المسؤوليات الصعبة فيها، وكان مرنا هادئا لطيفا لا مكان للأنانية في نفسه أو سلوكه، كانت الفرقة بالنسبة له هي أولا وقبل كل شيء، هي الهم والحلم، وإن كلفه ذلك الكثير من المتاع.

ويتميز بومحمد في علاقاته الفنية والإنسانية الرحبة حتى مع من اختلف معهم أو يختلف معهم، فهو بالرغم من العشرة الذين استقالوا من مسرح الجزيرة العام 89، إلا أنه ظل على صلة طيبة مع أعضاء هذا المسرح ويشاركهم أدواره في كثير من المسلسلات التلفزيونية، كما أن إبراهيم بحر لم يبخل على فرقة مسرحية أخرى، فقد كان حاضرا ومؤثرا فيها بقوة، فقد شارك مع مسرح أوال في مسرحية "سوق المقاصيص" للكاتب عقيل سوار، والمخرج عبدالله يوسف، وكان متألقا في دوره، بل كان الأكثر حضورا في أدائه بين أسرة العرض في هذه المسرحية.

في أحد أدواره التاريخية

وأخرجت الفنانة استقلال أحمد ما في قلبها من كلمات عن الفنان الراحل، حيث قالت: إبراهيم من الفنانين الذين يحسنون اختيار أعمالهم، ويتقمصون "الكركترات" التي يؤدونها دائما، وأعجبني كثيرا دوره في مسلسل "ملفی الأياويد" وغيره من الأعمال التراثية التي أبدع فيها، فهو فنان مثقف وإنسان في غاية الاتزان واحترام الذات وطيب وهادئ وخلوق وملتزم بالمواعيد ومتمكن من قواعد اللغة العربية. إنه من الفنانين الذين يعملون بهدوء وغيابه مؤثر جدا، ولابد أن تفرغ له الكثير من المساحات لتشغل بسيرته وبأعماله، وبما قدمه للفن البحريني كونه نموذجا رائعا للفنان الخلوق المبدع.