العدد 4495
الأربعاء 03 فبراير 2021
banner
نقطة ارتكاز د. غسان محمد عسيلان
د. غسان محمد عسيلان
التقنية والسعادة الحقيقية
الأربعاء 03 فبراير 2021

هل منحتنا التقنية سعادة حقيقية؟! لأول وهلة قد يبدو هذا السؤال غير موضوعي أو غير محايد! فصياغته توحي بوجود نوع من الشك في صدق مشاعر السعادة التي منحتنا التقنية إياها! والواقع أن البشرية على أعتاب ثورة تقنيَّة جديدة بطلها الذكاء الاصطناعي، ونحن مقدمون على نوع جديد من الحياة ستلعب فيه الآلات المتعلمة شديدة الذكاء دورًا كبيرًا، ومن المنتظر أن تندمج هذه الآلات الذكيَّة مع العنصر البشري، وتتنبأ بمتطلباته، وتتناغم مع احتياجاته، وتلبي رغباته، بحيث أن الإنسان البشري سيتعايش مع “إنسان آلي” يتآلف ويتعاون معه في تناغم كبير، فيساعده في قضاء حوائجه، والعناية بمنزله، وشراء احتياجاته، بل وحتى فهم حالته المزاجية، والعمل طوال الوقت على خدمته وتحقيق رفاهه وسعادته.

ورغم الآفاق الواسعة من الأحلام المترعة بالأمل والتفاؤل بأن البشر مقبلون على عصرٍ من البهجة الدائمة والسعادة اللانهائية إلا أن هناك من العلماء من يدقُّ نواقيس الخطر بشدة، ويقرعُها بقوة منبهًا الناس قبل فوات الأوان بأن عصر الآلات فائقة الذكاء الذي نحن مقبلون عليه ربما يحمل في طياته مخاوف تنذر بفناء الجنس البشري، فأمر واحد فقط ينشأ فجأة في برمجة هذه الآلات الذكية عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي قد تفسره إحدى هذه الآلات بطريقة خطأ وبشكل غير مقصود، فيتسبب ذلك في وقوع كارثة تبيد البشر من الوجود! لكن هذا الاحتمال بعيد وهو مجرد افتراض يضعه العلماء من باب السلامة فقط، لكن الأمر الأكثر جديَّة والسؤال المهم حقًّا الذي يطرح نفسه بقوة: هل فعلا منحتنا التقنية مشاعر البهجة؟! وهل يمكن أن تكون تقنيات العصر الرقمي مفتاحًا لسعادتنا الحقيقيًّة؟!

أغلب الناس اليوم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بتطبيقاتها وتنويعاتها المختلفة، وهي ولا شك توفِّر لهم لحظات سعيدة في حياتهم، ولكن بشكلٍ عام هل بات الناس الآن أكثر سعادة من ذي قبل؟! هل العلاقات الأسرية الآن أكثر دفئا من السابق؟! هل قرَّبت وسائل التواصل الاجتماعي بين الأزواج وجعلت حياتهم الزوجية أكثر دفئًا وحميميَّة وسعادة؟!

الإجابة قطعًا لا يمكن أخذها من انطباعات شخصية أو ملاحظات فردية هنا أو هناك! لكن العلماء كفونا مؤونة ذلك، ففي عدد كبير من البلدان أُجريت دراسات علمية كثيرة أكَّدت معظم نتائجها أن وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي أثَّرت سلبًا على التواصل الإنساني الحقيقي بين الناس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .