+A
A-

في وقت الأزمات.. كيف تخلق أميركا مئات المليارات من العدم؟

تضمنت خطة التحفيز التي أطلقتها حكومة دونالد ترمب للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا بقيمة 900 مليار دولار، المزيد من المساعدات للأعمال الصغيرة، وجولة أخرى من المدفوعات المباشرة للأميركيين، فضلاً عن مساعدات إضافية للعاطلين عن العمل، وتمويلًا لتبسيط توزيع لقاح Covid-19.

وتأتي حزمة المساعدات هذه في وقت يكافح ملايين الأميركيين لدفع ثمن الطعام والمسكن، ويواجهون احتمال خسارة إعانات البطالة وإجراءات الحماية من الإخلاء في الأيام المقبلة.

يقول العديد من الاقتصاديين والمشرعين إن هذا الإجراء سيساعد، لكنه لن يذهب بعيدًا بما يكفي للحد من الأضرار التي عانت منها الأسر والشركات الصغيرة أثناء الوباء. وقد شدد الديمقراطيون بالفعل على أنهم سيدفعون قدماً للحصول على حزمة مساعدات أخرى بعد تولي الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه في 20 يناير.

يضاف إلى هذا الإنفاق المالي للخزينة العامة جهود الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على سيولة النظام المصرفي، وأن الكيانات المالية يمكن أن تستمر في الإقراض.

لكن تلك الأموال الضخمة - وعكس ما يعتقده معظم الناس - لم تخرج من الخزنة، بل تم خلقها من العدم للمساعدة في مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب!

وتيرة غير مسبوقة

تشير الأرقام إلى أن الحكومة الأميركية والفيدرالي قاموا بطبع النقود بسرعة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، لدرجة أنه في الفترة من يناير إلى نوفمبر من هذا العام وحده، نما المعروض النقدي في الولايات المتحدة بنسبة 24% تقريباً.

وفقاً لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع حجم الدولار من 15.33 تريليون في نهاية العام 2019 إلى 19.1 تريليون في نهاية نوفمبر المنصرم.

لذا فإن هذا النمو النقدي للدولار الأميركي، الذي عادة ما يكون عملية بطيئة وثابتة، أصبح جامحاً في العام 2020.

على مدى ثلاثة أشهر ونصف فقط طبع الاحتياطي الفيدرالي وضخ 3 تريليونات دولار في الاقتصاد

كيف تتم العملية؟

يقوم الاحتياطي الفيدرالي بطباعة النقود (أو ينشئها رقمياً) ثم يستخدم تلك الأموال لشراء السندات. ففي 26 من فبراير الماضي، كان حجم الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي 4.16 تريليون دولار. أما بحلول 10 يونيو، قفز هذا الرقم إلى 7.17 تريليون دولار.

بالتالي، على مدى ثلاثة أشهر ونصف فقط، طبع الاحتياطي الفيدرالي وضخ 3 تريليونات دولار في الاقتصاد، حيث تم ذلك عن طريق شراء سندات من المؤسسات المالية.

وتتمثل الفكرة وراء ضخ الأموال في خفض أسعار الفائدة، والأمل في أن يقترض الأفراد والشركات وينفقون المزيد، وفي تلك العملية إنعاش للاقتصاد الأميركي.

التأثيرات: تضخم وضعف للدولار

التأثير الأول لهذا العرض النقدي الجديد المتداول هو أنه يمكن أن يولد التضخم في الولايات المتحدة، أما الثاني فهو خفض متسارع لقيمة الدولار مقابل العديد من العملات، والذي وفقاً لمحللين استشارتهم BBC، سيوفر راحة غير متوقعة لاقتصادات أخرى مثل أميركا اللاتينية التي دمرتها آثار وباء كورونا، خاصة تلك المثقلة بالديون كالأرجنتين، مرجحين تراجع الدولار بنسبة 10-15% مقابل عملات تلك الدول.

يقول كبير الاقتصاديين في شركة "شرودرز"، كيث ويد، لـ BBC: "سيستفيدون بشكل خاص من خلال التمويل الأسهل الذي يقلل الضغط على عملاتهم. وهذا يسمح بسياسات نقدية محلية أكثر مرونة ويقلل أيضاً من عبء الديون الخارجية المقومة بالدولار".