الذي يتابع كم المواد والتحليلات والتقارير التي تكتب حول ما تمخضت عنه الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية يشعر وكأن الدنيا ستنقلب رأسا على عقب، وأن الأنهار ستجف والجبال ستنقل من مكانها لأن الرئيس الجمهوري رحل والرئيس الديمقراطي جاء، ولأن الرئيس الجديد سيهدم كل ما صنعه الرئيس القديم. لست من بين المحللين والمنظرين الكبار في مجال السياسة والعلاقات الدولية، لكنني مع ذاك أرى أن العالم سيبقى مكانه ولن تزلزل الأرض زلزالها بسبب تغير رئيس دولة حتى لو كانت أقوى دولة في العالم، صحيح أن الولايات المتحدة دولة عظمى وستبقى كذلك لفترة طويلة وأن الانتخابات الأميركية أمر يشغل العالم كله ويؤثر بدرجة ما على الأصدقاء والأعداء والحلفاء، لكن ليس إلى هذا الحد خصوصا مع الدول التي تملك من أسباب القوة الاقتصادية والعسكرية الكثير.  العالم تحكمه المصالح وليس الشخصية ومشاعر الحب والكره وعلاقة الرئيس القادم بهذا الرئيس أو هذا الحاكم، لأن كل رئيس مسؤول أمام شعبه وأمام مؤسسات الدولة التي يحكمها، فالمصالح تجعل هذا الرئيس أو ذاك يرسم ابتسامة عريضة على وجهه وهو يلتقي أعداء بلده دون أي اعتبار للمشاعر الشخصية، وبالتالي ليس من المنطقي كل هذا الذي يطرحه الإعلام من تقارير حول ما يتوقع أن يقوم به الرئيس الأميركي المنتخب تجاه عشرات الدول وليس دولة أو دولتين، وليس فقط الدول المعادية للولايات، لكن حتى الدول المتحالفة تاريخيا مثل بريطانيا.

الرئيس القادم لن يحارب العالم كله ولن يعادي العالم كله لأنه يعمل مع مؤسسات راسخة ولا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، لذلك لا أتوقع كما يتوقع غيري بأن الرئيس الجديد سيفعل كذا مع الصين أو روسيا أو بريطانيا أو السعودية أو مصر أو غيرها، لكن الشيء الوحيد الذي أتوقعه أن يسعى الرئيس إلى تحقيق مصالح الولايات المتحدة الأميركية بكل السبل.