وتخطو الجبالُ، تنافسُ مُزنًا، تلامسُ دوْنا، تزاحمُ كونًا، تشعُ وسْنا. أفق أنت لأفقٍ،علوٌ أنت لعلوٍ، ورحابٌ للرحاب، وامتدادٌ للامتداد، وسعةٌ للسعة. أيها القادمُ من التاريخ صهيلَ مجدٍ، وتعملقَ مشرفيةٍ، وكبرياءَ مهند، وضوءَ أثير، وابتسامة حذيم، وغضبَ حسامٍ، وافتخارَ فيصل وحزمُ عطاف. حرفٌ يموجُ مع الموج، وأحرفٌ تكفن من زبد الوجع شراعَ وجع، وسفينةُ حزنٍ تهرب مع الريح، شاطئٌ دامع، وسيفٌ لامع، وزمنٌ سامع. ومرفأٌ ينتظرُ النورسَ ودموعٌ لا تعرف الانطفاء، جوهرَ الجوهرِ، وعمقَ العمقِ وبحرَ البحرِ وشمسَ الشمسِ وقمرَ القمر.
أبا عليٍ، نخالك القمر مزروعًا بطائرة الرجوع قمرًا مكفّنًا، وتاريخًا مدوّنّا، ولوحة كونٍ تلوّن.
أبا عليٍ، ودمعٍ يبحر بسفن العيون أشرعة وجزرًا وأرخبيلات، نزور المحرق، نتلمّسُ أصابعك توزعُ إكليلَ ورد، وفي البديع كتابًا يطيبُ له سرد، وفي الرفاع أغنية لها على طاولة كل أغنية شعبية نرد ونرد. أغنية أنت تُنشد للصغار، وسنونوٌ يكمل حفيفَ الحدائق، وقنديلٌ يوزّع الضوءَ في ليالي الظلام. كيف نمرُ ولا تمرُ، كيف نستنشق عبقًا أنت لست فيه عبقًا، كيف نغازل فرحًا أنت لست فيه فرحًا، كيف نهمس بالأهازيج في مسامع الصغار، وأنت مخبّأ في السماء سحبا وكواكبَ ونجوما. يا وتدَ الوتد وطودَ الطود، وعصفَ العصف وعاصفةَ العاصفة، وسكونَ السكونِ ودموعَ الدموع. نخبّئ وجوهنا في زوايا الغياب، وكل ركنٍ في الوطن عليك انتحابُ انتحاب.
علي، وللابن من أبيه سر امتداد، حكمة تعلو كوتد، وصبر متماسك كنْجد، وعلياء كطوْر، وتسلسل المجد من المجد مجد.
عليُ، ودمعك دمع الدمع، ورنة حزنك في كل قلبٍ سمع، وكل جرح يسكنه جرح أبيك جمعُ الجمع. وتُهطلُ دموعَك دموع، وكل دمعة في أبيك شموع الشموع.
أبا عليٍ، وداعًا، ويا ليت الوداع لقاء، وليت الفراق التقاء، وتاريخ أنت فيه ليس فيه انطفاء، وفلسفة مجدك لكل حكيم اصطفاء. مغروس حبك جذور، وابتسامتك تسأل كل فرد عن اسم عائلته غرس تبرعم فيك من طباع الجدود. سنبقى نزورك درسًا، ونراك لكل عرس وطنٍ عرسًا، ونقرؤك حروفًا في حديقة الولاء زهرًا وغرسًا.
لنا في المليك حمد دفء الوطن، وترحم الجَنان، ولفتة الخَلَد، ورقة الروع، وبلسم الاصمعان.
وفي سلمان، ولي العهد، عهد السند، وركن العمد، يجمل مستقبلاً، ويزرع قنديلاً، ويلاطف سماء.
نواسيك أبا سلمان، ونواسي العائلة المالكة الكريمة، وللمواساة طعم الوجع، ودموع الدمع واتساع الجرح، ونراك أبا سلمان، ركنَ الركن، وكوكبَ المجرة، وأسد العرين، الأصلَ والأصالةَ والأصيلَ، لكلِ موطنٍ ومَواطِن ومُواطِنٍ ووطن، حكيمَ الحُكم لحُكم الحكيم.