العدد 4348
الأربعاء 09 سبتمبر 2020
banner
صوم الدهر كله عن الوطنية
الأربعاء 09 سبتمبر 2020

مثلما يكون الكتاب مفتوحا أمام العيون والأصابع، تكون خيانة الأوطان كذلك، ولغاية اللحظة لا نعرف كيف يعيش البعض في أقبية الخيانة وقبور التآمر على الوطن بكل الطقوس والمناخات، حتى أن خيانتهم أصبحت كرائحة الملابس القديمة والمستنقعات، ومازالت أنفاسهم النتنة تأتينا كعنق مكسور من تلك الدول الإرهابية المعروفة بفتح صنبور التخريب والإرهاب في وطننا، وتشترى لهم أكفان السماء الخائنة، وتحركهم كدمى محطمة، والغريب في الأمر كله أن هؤلاء يركضون كالطفل وراء “ملالي طهران” ويصرخون.. “هلا بالخيانة هلا”.

أحدهم بدأ يشعل بوق الكذب والافتراءات، ودخان الخيانة يخرج من فمه المحروق، وأخذ يثرثر من زاوية أحد الشوارع المعروفة هناك، يصعد ويهوي من الكذب ويقول كلاما فارغا يدل على صوم الدهر كله عن الوطنية وحب البلاد، ولا يتردد أبدا في نشر التغريدات المسيئة، وكأنه يحمل تحت ابطيه مجلدين ضخمين، أحدهما بالعربية والآخر باللغات الأجنبية عن الخيانة والتطاول على الأوطان.

للمفكر والباحث العربي الكبير حافظ الجمالي تعبير جميل عن الوطنية وأمثال هؤلاء حيث يقول: “ما أسهل أن يحب الإنسان بلاده، وأن يحب مواطنيه، وأن يحرص عليهم ويتمنى لهم الخير، ويفرح لفرحهم ويبتئس لبؤسهم، بل ما أسهل كذلك أن يحب الإنسان الخير للناس جميعا، دون استثناء... أما أن تنقلب الآية، ويكره أحدهم بلاده، فهذه حالة مرضية لا شك أن وراءها عقدة نفسية، ما من أحد غير المحللين النفسيين، قادر على معرفتها، والخيانة الصريحة هي أن تكره بلدك، وتحب البلد الأجنبي، وتفضل مصلحة هذا الأخير، على مصلحة بلدك، وتضع نفسك في خدمة الأجنبي ضد بلدك. الشعور الوطني عاطفة طبيعية، حتى لكأنها العاطفة التي تربط الأب بأبنائه، أو الأم بأولادها”.

بالفعل.. الشعور الوطني عاطفة طبيعية، ولكن هؤلاء يكتبون خيانة الوطن بفرحة رومانسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .