من عوامل الهدم الخفية الإساءة للأوطان عبر تصرفات غير أخلاقية تخالف لغة الدين والتراث والعادات والتقاليد، وفجرت قضية المرأة التي قامت بتكسير مجسمات بأحد المحلات بمنطقة الجفير بتعمد، والتعدي علنا على إحدى الملل والإهانة علنا لرمز موضع تمجيد لدى أهل ملة، موجة سخط واستنكار من قبل كل شعب البحرين المعروف عنه التسامح والتعايش والمحبة والسلام، وأرض البحرين منذ القدم حاضنة لمختلف الأديان والأعراق، ويكفي البحرين فخرا منح سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه جائزة منظمة “التعايش بين الأديان”، تقديراً لإسهامات جلالته الكبيرة في مجال الحوار بين الحضارات والثقافات.

البحرين معروفة باحتضانها كل أبناء البشرية والأديان تحت مظلتها، بلد يسعى بكل جهد إلى تفاعل الإنسان مع أخيه الإنسان، مهما اختلفت ألوانهم وجنسياتهم ودياناتهم، وقدم نموذجا رائعا ومثالا ليس له أي مثيل عن كيفية التعايش بين الأديان والشعوب وترسيخ الصداقة والتعاون والاحترام، وما بدر من تلك المرأة ليس من شيم وأطباع أهل البحرين، إنما تصرفات دخيلة.

المتطلع إلى الحقبات الغابرة من سالف العصور، لابد له أن يتأمل بدهشة كيفية التعايش بين الأديان وبالتزام عجيب، وكل من يعارض ذلك ولا يتقبل الآخر يضحى متحجرا مغلقا، لأن التعصب خارج عن الطبيعة والإنسانية، وقد فسر لنا الفيلسوف الألماني “هيغل” التعصب وازدراء الأديان والملل بأنه صورة للانهيار الكوني، والطوفان الذي يدور في الزمان، فمهما يكون رأينا في أي دين أو ملة لا يمكن بأي حال من الأحوال التعدي والانحراف، لأن قياسات الخير والشر عند الله سبحانه وتعالى فقط “لكم دينكم ولي دين”.