العدد 4228
الثلاثاء 12 مايو 2020
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
في دائرة العشق
الثلاثاء 12 مايو 2020

“حروف متصلة تتراءى معها سبل العاشقين الذين لا يملون نقش أحلامهم في دائرة تبدأ بنقطة وتدور لتنتهي بها”، أعلم أنها عبارة تبدو مفعمة بكلمات لا روح فيها، ولكنها ممتلئة بالمشاعر، ذلك مثلما ينتاب العاشقين تمامًا، ومثلما تعتريهم من مفاجآت لتختبر عمق العلاقة التي تجمعهم بهم ومعهم... في الدائرة! كذلك يصوغها القلم اليوم، تلك الدائرة التي ارتكزت في أذهاننا وصار تخيلها سهلاً، وكأنني أرى صورتها تتلألأ في أذهانكم الآن، لكنني حتمًا لا يمكنني قياس حجم كل منها لديكم!

القصد والحديث هنا يبدأ، حيث الدائرة التي يمتلكها كل منا، وما تحوي في خلجاتها من شرايين النبض والحياة، واجتهادنا في اختيار كل ما يجعلها في توهج ونماء، والحياة هنا تبدأ، في مسار الفكر، النبض، مزيج الفكر بالنبض، ومن هنا يظهر الفن في اختيار مكونات تلك المسارات التي تجعلنا في عشق مستمر مع الحياة، وفي اجتهاد متواصل لتنمية ذلك العشق بما يجعله الأسمى والأمثل.

والآن لنبدأ معًا رسم دائرة مشتركة، كم هو رائع وجميل... أرى جملة من الأصابع معي رُفعت، وحيث أعلم بأن العشق هنا يجمعنا، فكل من بدأ فعلاً قد وصل به المغزى غايته، دعونا نسير.. ونسير.. والدائرة عجت وغصت، فلا أحد يقف دون غاية وهدف، جميعنا معًا في ذات المسار، فمهما بلغ حجم الدائرة وقطرها، فلا يمكن للعشق أن يتنامى داخلها إلا بمن أحياها، وسقاها، وجعلها قصة، لحنًا، أغنية، وتاريخا.

وهكذا يا أعزائي تبدو البحرين اليوم، معشوقة في أوج مظاهر الحسن والجمال، فكلما عَطشت زدناها نبضًا وحياة، وكلما حزُنت جئناها حبًا وعشقًا، فلا دائرة إلا بالجميع وللجميع، فكلما زاد الحب، ازداد الجمال، ازدادت الحياة. حقيقة دلائلها راسخة فيما تؤرخه هذه الأرض من رصانة العشق التاريخي بقيادة ملكية فاعلة، وحوكمة قيادية متماسكة، وثقافة شعبية متوازنة صالحة لكل وقت ومكان.

هكذا في عشق الوطن، حياة إن اعتدتها لن تنحى عنها أبدًا، ولن ترتضي إلا بدائرة الباء بها بحرين، والدال دنيا والألف أمل والهمزة أمن والراء رقي والتاء تاريخي (بحرين دنيا أمل وأمن ورقي تاريخي).

فعندما تتضح الرؤية وتتحدد الغاية والكل يسير في ذات المسار تبدو الدائرة أرحب بمن دخل، وترنو لمن يريد. وهكذا، فإن الأمر بالأمر يقاس، وتكون تلك الدائرة النموذج الأمثل لدوائر عدة في حياتنا، لا يمكن لنا بلوغ ما نرغب ونعشق إلا بوضوح المسار ودقته، والانسياق كل الانسياق لمحددات واضحة القيمة والأثر، والأمر أتركه لكم كيفما يمكنكم الوصول.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .