العدد 4222
الأربعاء 06 مايو 2020
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
الإعلانات الرمضانية... إلى أين!
الأربعاء 06 مايو 2020

نحن في زمن الغزو الإعلاني؛ حيث الإعلانات في كل مكان: على الشاشات الصغيرة والكبيرة، في الشوارع والطرقات، في المحال التجارية، وأينما ولينا، أو اتجهنا! وغالبا لا نختارها؛ أي لا نقصدها قصدًا، أو نجلس ونحدد الوقت لمشاهدتها؛ بل تُباغتنا – كالعادة – وسط أي فيديو، أو مقطع يوتيوبيّ، أو حلقة تلفزيونية، أو لوحة عرض هنا وهناك.. تتكرر، وتتناسخ، وإنْ اتخذت أشكالا مختلفة، لكنها أمينة للمنتج نفسه، أو الشركة، أو الجهة.

اللافت أن لهذه الإعلانات لونًا خاصًا في رمضان، ومنذ سنوات طويلة مضت. يرجع ذلك إلى منتجي الإعلانات أنفسهم؛ فهم يبحثون عن التميز، والجودة، والتنافسية؛ حتى أصبح رمضان موسمًا رائجًا لهم، ولاسيما مع معرفتهم المسبقة بأن هناك من ينتظر إعلاناتهم من مشاهدين، ومتخصصين، ونقاد، ومنافسين كذلك. هناك عقلية جاهزة لاستقبال ما سيخرجون به منها؛ لذلك لا عجب أنْ أصبحت الإعلانات الرمضانية ظاهرة، وظاهرة تستحق النظر.

لاشك أن كثيرًا من الإعلانات الرمضانية القديمة، كان ترويجيًا بالدرجة الأولى، مباشِرًا، وسطحيًا، لا يحمل أبعد من الصورة أو الكلام الموجهين للجمهور. لكن، ومع مرور الوقت، استطاع سوق الإعلان والدعاية أن يُثبت له قدمًا قوية على المواقع الإعلامية؛ حتى أصبح نِدًا للمسلسلات الدرامية والبرامج الرمضانية، فكما تحمل هذه الأخيرة فكرة، ومغزى، وهدفًا؛ أصبح الإعلان كذلك وأكثر. أصبح مدروسًا، وعلى تماس مع نفسية المتلقين، ما يرغبون فيه، أو يميلون، ومؤخرا؛ أخذ يُوصل رسائل مجتمعية، تبين موقف الجهة المُعلنة، من قضية ما في البلد، أو المنطقة، أو العالم. شاهدوا الإعلانات الرمضانية المنتشرة الآن، في سنة الكورونا 2020؛ ستجدون – الجيد منها - يحمل طابع التوجيه، والنصائح. كلماتها منتقاة بعناية، ذات حس عاطفي وجداني، وجرس موسيقي، وإن لم يُغنها أحد المشاهير، فإن صوتًا جميلًا يترنم بها، حتى تنسى أنها مجرد إعلان، لولا أنها - في آخر ثوانيها - تنتهي بشعار الجهة المُعلنة! فما الغاية من وجهة نظركم؟! موضوع الربح مؤكد، غير أنه لا يبدو أهم الغايات. إنه الرغبة في التقرب من عواطف المستهلك، أو الناس، على مدى بعيد، كما أنه فرصة لهذه الجهة؛ لاستيفاء متطلباتها تحت ما يسمى بالمسؤولية المجتمعية للشركات.

منذ عام فقط، كانت الإعلانات الرمضانية تدعو إلى التقارب والتواصل المجتمعيين، وتحيي روح الأسرة الواحدة، وصلة الأرحام؛ فما إن حل عام الكورونا هذا؛ حتى (انقلبت الموجة)، واشتدت الدعوات الإعلانية إلى التباعد! هذا طبيعي؛ فللإعلان سياسة مُسايرة، مُهادنِة، وإلا تحول إلى قضية تثير الجدل، وتحمّي النقاش، ولارتفعت الدعوات إلى حذفه. في المحصلة، للإعلانات الرمضانية طابع خاص، وهي كورونية هذه السنة، ولعلها ترجعنا للتواصل السنة القادمة. هذا رهن بالقادم، اللهم اجعله خيرا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية