العدد 4214
الثلاثاء 28 أبريل 2020
banner
“روايات” الشر وبريق الإغراء واليد الفاسدة
الثلاثاء 28 أبريل 2020

البناء المتين يجب أن يكون من الحجر الصلد، ذلك الذي يزداد قوة وجمالا بقدر ما نزيده نحتا وصقلا، فلماذا الدعوة إلى الانحلال تحت ستار الفن للفن، ولماذا تكون إثارة الغرائز فنا، بل لماذا يكون وصف مأساة فرد عملا فنيا، أو مأساة أسرة، ويمتنع عن الفن وصف أمة بأسرها. قضية الفن قضية أداء واجب، قضية إبداع، ونظرية الفن للفن، إذا استثمرت على غير حقيقتها، فكرة هدامة، فكرة تدعو عن قصد أو عن غير قصد إلى الانحلال الخلقي، فالانحطاط الإنساني.

أقول هذا الكلام لأن المكتبة العربية والخليجية تحديدا أصبحت تعج بالروايات والقصص السخيفة الباهتة التي لا تنبض بالأفكار، وكل ما فيها ثقافة مسمومة تهدف إلى بلبلة أفكار القارئ ودغدغة وإثارة غرائزه، والسبب في ذلك قيام بعض أصحاب دور النشر بتطبيق نظرية الفن للفن والربح هو المطلوب، ووقوعهم في خطأ جسيم وهو خطأ الفهم لحقيقتهم وحقيقة وظيفتهم، وخطأ سوء الفهم لحقيقة الأدب وما يقوم عليه من عناصر، وهم بهذه “اللخبطة والعشوائية” يساهمون في تلويث عقول الكثير من الشباب والناشئة التي تقبل على قراءة مثل تلك الروايات التافهة، وليس أعنف على النفس والقلب من مشاهدة طابور طويل عريض من الشباب والمراهقين أمام إحدى تلك الدور التي تطبع رواياتهم في معارض الكتب الخليجية، فالمشهد أشبه بلهيب الشر وبريق الإغراء. سكينة مسمومة تمتد إليهم في الظلام لتبعدهم عن الأيدي النقية التي تحميهم، وأعني بالأيدي النقية الكتاب والأدباء الخليجيين والعرب أصحاب التاريخ والمؤلفات الخالدة التي تنير العقول وتهذب النفس ولأدبهم وكتاباتهم فوائد لا يتسع المقام للإفاضة فيها.

في تصوري إن بعض دور النشر التي تسمح بطباعة ونشر تلك الروايات والقصص الهابطة، تشبه القوى الشريرة واليد الفاسدة المتخلفة التي تسعى إلى تدمير الذوق العام والكلمة الجميلة، وكثير من الأصدقاء دقوا نواقيس الخطر في كتاباتهم وآخرهم أستاذي الأديب والكاتب والروائي أحمد جمعة، ولكن لا أحد يستوعب فداحة الأمر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية