ثمة مقالات ودراسات مثيرة عنواناً، خاوية مضموناً، وأخرى مثيرة وثرية، كعنوان مقالنا أعلاه المستعار عن عنوان دراسة مهمة لواحد من أكبر صنّاع الاستراتيجية العسكرية الأميركية، روبرت مكنمارا وزير الدفاع الأسبق، ونُشرت في عدد مايو/ يونيو 2005 من مجلة “Foregn PoLicy” ذائعة الصيت، فمثل هذه العناوين يصعب تلاشيها من ذاكرة الباحث شديد الاهتمام بمجال تخصصه، ولحسن الحظ أن العدد موجود في مكتبتي.
وفي عنوان فرعي للدراسة على الغلاف: “لماذا الأسلحة النووية غير أخلاقية، غير قانونية وخطرة خطراً مفزعاً”، خلاصة الدراسة التي أعدها الرجل بعد 15 عاماً من انتهاء الحرب الباردة مفادها: أن السياسة النووية المتشددة لبلاده لم تتغير بعد، وأن من شأن إطلاق أسلحة نووية ضد دولة نووية أن يكون انتحاراً، أما ضد دولة غير نووية ففعل “مقزز أخلاقياً ولا يمكن الدفاع عنه سياسياً “، ويحذر قائلاً: “يجب أن نتحرك فوراً لاستئصال الأسلحة النووية”.
وإذا ما علمنا أن هذا التحذير جاء تحت تأثير قلقه لتلبد سحب حرب باردة جديدة لاحت في الأفق منتصف العقد الماضي، فماذا عساه يقول اليوم مع تفشي الجائحة التي تكاثفت معها طردياً نذر غيوم مخيفة بين بلاده وعدد من دول العالم، أخطرها النوويتان روسيا والصين؟ ولعل ما يزيد تحذيره أهميةً أن كلامه ليس وليد تجريد فكري في صوامع التنظير، بل عايش أخطر لحظة وقف فيها العالم على حافة حرب نووية إبان “أزمة الصواريخ الكوبية” 1963، وكان ممن لهم الفضل في نزع فتيلها. فمن ينزع فتيل احتدام الحرب الباردة هذه المرة؟.