العدد 4155
السبت 29 فبراير 2020
banner
النجاح توأم الضمير.. والنظير ليوم الضمير لأمير الضمير
السبت 29 فبراير 2020

أمر مُستبعد.. وشبه مُحال.. ومن ضرب الخيال..! أن يدُرْ بِخَلَدِ أيٍّ من البشر أو يَخْطُرَ ببال أحدٍ من النُّخَب، نجاح بزوغ فجرٍ جديدٍ للضمير بعد إنعاشِه “كإنعاش القلب في الجسد”، مُتمثلاً في منقبةٍ لمبادرة عظيمة وكبيرة بعظمة راعيها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، باسم يوم الضمير العالمي، التي استقبلته الأمم المتحدة بِثِقَةِ منِ اختطت يَداهُ إيَّاه، فتبنته وأطلقته، فخَرج قويًّا مُزلزلاً النفوس، في زمن اضمحل فيه الضمير واختلت فيه النفوس، بعد أن أصبح الضمير خبرًا لمبتدأ، وتَحَوَّل لِفِعلٍ ماضٍ مع طوارق الزمن السحيق.. يرتجيه كلَّ مُتألِّم بعد أن ابتعد واختفى في دروب الهجير، وينشُد نزوله كُلَّ طالِبِ حَقٍّ له في الضمير أملٌ قد يتحقق ويصير..

“فتحققت ليوم الضمير تراتيب نزوله.. واستقبلته الدنيا بِمَحَبَّةٍ وسهولة.. وارتوت الأرض بماءئهِ العذب وتدفُّقِ سيوله.. مُخَلِّفًا وراءه الفشل وذيوله.. وباسطًا يديه لأمير الضمير.. مُبَرْهِنًا أن الضمير لا تحميه إلَّا الرُّجولة”.

ومن المناقب المتجسدة في شخصية سمو الأمير حفظه الله، وتَحْمِلُ أجملَ صفات السمو والرفعة والعظمة في شخصه الكريم؛ “هي أن الحس التنويري للضمير المتأصل في ذاته يتجدد بذاتِه، ويرتوي من نبع الإيمان حُبًّا لله عزّ وجلّ بكل أسمائه وصفاته، ويتأسى بالرسول {صلى الله عليه وآله وسلم} في سائر حركاته وسكناته، ويتحرك يَشُق طريقه نحو الإيمان بفلسفة الوجود في أجمل معانيه وتجلياته”؛ التي تكمن في وحدة حقيقة الوجود ووحدة الوجود وفي انحصار الوجود الحقيقي في الله عز وجل كما يفسرها العلماء.

وِحْدَةٌ حقيقية يتضمنها معنى التحقق في محدودية درجة الوجود الفانية للمخلوق مقابل أبدية الوجود للخالق عز وجل.. وفي تصنيف وحدة الموجود ما بين الوجود الواجبي للخالق سبحانه وتعالى والوجود الإمكاني للمخلوق.. وما بين الوجود الحقيقي الخالص للخالق عزّ وجلّ والوجود المجازي للمخلوق.

القراءة المتمعنة للتاريخ وللأحداث المُتَغَيِّرة والمُغيِّرة لواقع المجتمعات، التي تترك بعد رحيلها وأُفولَها بصمات إيجابية مؤثرة وباقية كبقاء المعتقدات والقيم الدينية، وتُظهِر قُدْرَتها لكشف الموروثات الإيجابية من السلبية المتسلقة على المعتقدات الدينية، تُعد من الأمور المُعقدة الصعبة في اجتيازها لاحتياجها لتفكيك تحليلي تسلسلي علمي تاريخي مبني على التوثيق والصدق والوضوح والشفافية، من أجل نجاح هدف البحث ومتانة وغزارة الإنتاج الفكري الذي يقصده الباحث والمفكر والفيلسوف.

ومُعايشة الواقع بدقة واستشراف المستقبل بذكاء مع وجود القراءة المتعمقة والمتمعنة للتاريخ؛ فيها استدلال حقيقي أعمق للفكرة ونضوجها قبل خروجها، وستعطي الفكرة وقعًا أكثر سلاسة في الفهم والاستيعاب لتكامل أو لشبه تكامل استنباطها المبني على ثلاثة أعمدة؛ الماضي والحاضر والمستقبل، وسيكون تفكيكها وتجزئتها بِيُسْر لأجل تحليلها في وقتها وما بعده؛ فضيلة ومِيزة وقُدْرَة لها لإبقاء المعنى متماسكًا قويًّا بلا تشويش عند أيِّ متصدٍّ للتدقيق وباحثٍ يشير إلى مرجعيتها العلمية.

ولننظر بتجرد في شخصية سمو الأمير حفظه الله من موقع الضمير الحِسِّي الإنساني، الذي يملكه مُلكا روحيا متوازنا ومتوازيا مع الفكر الفلسفي لديه، ومن خلال القراءة العميقة العلمية الغزيرة للتاريخ والهجينة مع الواقع المعاصر والمستقبل الاستشرافي التي ينتهجها سموه؛ “فلا خلاف ولا اختلاف في تَمَيُّز قدرتِه وتَوَحُّدِه وتَربُّعِه في قمة الحدث التنويري العالمي للضمير، ودِقَّتِه في انتشارِه وتغلغلِه واستدامته وبقاءئه نابضًا بالحياة، ومُؤصِّلا لمعنى الحياة”، ومُمَهِّدًا الطريق والسُّبُل الواضحة نحو النجاح بكل ما تعنيه قاعدة النجاح، التي تُعتبر “التوأم والنظير للضمير وليوم الضمير لأمير الضمير”.. ليس مجازًا ولا خيالاً فلسفيًّا يتم ربطُه وسردُه؛ بل حقيقة تكرسها وحدة الوجود الإنساني الإمكاني، ودوره الرئيس في استحضار القيم الأخلاقية وتنميتها وتطبيقها لتجسيد معنى العبودية لله عزّ وجلّ في أجمل صورها ومعانيها.

من المفارقات التاريخية القديمة للفكر الفلسفي لمعنى الضمير وأهمية بيان الفرق بمن يتهمه ويربطه بالفشل وبين من يرى توأمته بالنجاح؛ وجود معتقدات قديمة تكرّس مفهوم الضمير في تحديد وظيفته “ذات الصناعة الإنسانية” في جلد الذات للملذات، والتي كان يؤمن بها بعض الفلاسفة ومنهم “نيتشه” في بداية حياته حتى تَنَبَّهَ وانتبه وصححها في نهاية حياته، وكانت في حقيقتها تحمل خطًّا فكريًّا مضمونه ارتباط الضمير بالفشل، “لأن جلد الذات يورث الخوف والقلق، فيتبعه الفشل”..

والتحليل المنطقي والعلمي لماهِيَّة مفهوم الضمير الذي يراه ويؤمن به سمو الأمير حفظه الله بثقة تامة، ومتوافقًا مع ما يراه الكثير من العلماء والمفكرين والفلاسفة المتقدمين والمتأخرين؛ يكمن في أن الضمير الحي له دور تشخيصي عظيم وتنبيهي وتوجيهي دقيق لسلك طريق الحق المُوصلِ للنجاح، وترك ما هو مُغرِقٌ في الفشل والضياع.. فلولا استحثاث وتشجيع الضمير للتفكير المُوَجَّه في العقل الواعي، لما اتجه وتجرأ الأشخاص الناجحون لكسر بعض القواعد الدنيوية المتغيرة للحصول على نتائج مختلفة، كما تؤكدها الدراسات ويذكرها في كتابه “مايكل هيبيل” “التفكير بطريقة مغايرة”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية