+A
A-

استثمارات بـ500 مليون دولار.. خطط روسيا بميناء طرطوس

بعد أن كانت قد أعلنت في وقت سابق عن توجه لتوقيع عقد طويل الأمد لاستئجار ميناء طرطوس شمال غربي سوريا، سارت موسكو خطوة إضافية لتعزيز سيطرتها المطلقة على الميناء طرطوس.

وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، عن خطط طموحة لتحديث الميناء التجاري، مشيراً إلى تخصيص نحو نصف مليار دولار لهذا الغرض خلال السنوات الأربع المقبلة. كما كشف المسؤول الروسي الذي زار دمشق، الثلاثاء، والتقى رئيس النظام، بشار الأسد، عن رزمة واسعة من المشروعات التي وصفت بالـ"استراتيجية"، وفق "الشرق الأوسط".

إلى ذلك ناقش الجانبان مسائل التعاون التجاري الاقتصادي بين البلدين، وتطرق البحث بالتفصيل إلى عدد من المشروعات الكبرى في إطار التوجه لإعادة بناء الاقتصاد السوري.

وقال بوريسوف بعد اللقاء إنه "في كل مرة عند القدوم إلى سوريا، من الجيد أن نرى الحياة السلمية تجري استعادتها. لكن لا يزال أمامنا الكثير مما يجب عمله فيما يتعلق بالانتعاش الاقتصادي"، موضحاً أنه بحث مع الأسد "المواضيع المهمة، وقبل أي شيء المواضيع المتعلقة بتحقيق المشروعات الكبرى التي ستستخدم في إعادة بناء الاقتصاد السوري، بما فيها مشروعات إعادة تأهيل البنى التحتية للمطارات السورية والسكك الحديد والطرق العامة".

"جذب الاستثمارات"

كما لفت إلى أنه جرت مناقشة تقديم المساعدة والطرق والأساليب لجذب الاستثمارات لتحديث معمل الأسمدة الموجود في منطقة حمص والذي يعاني من وضع بيئي صعب.

ووفقاً لبوريسوف، فإن أهمية الزيارة الحالية أنها تأتي قبل اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة في موسكو، مشيراً إلى أن الاجتماع سيعقد قبل نهاية العام الجاري و"لقد جئت خصيصاً لمناقشة التفاصيل".

وأضاف: "نشهد تحسناً واضحاً في مناطق شرق الفرات، وننطلق من الموقف الواضح بأن جميع الموارد الطبيعية الموجودة على الأراضي السورية يجب أن تكون تحت ملكية حكومة النظام السوري وملكاً للشعب السوري". وأكد أن روسيا تقدم الدعم لسوريا، بما في ذلك الدعم السياسي، وأن موسكو تجري مباحثات مع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بغية المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي بسوريا.

إلى ذلك، أعلن بوريسوف أن روسيا ستخصص 100 ألف طن من الحبوب لسوريا كمساعدات إنسانية، وستبدأ عمليات التسليم قبل نهاية ديسمبر الجاري، وتستمر حتى الربع الثاني من 2020.

500 مليون دولار

لكن المحور الأهم في الزيارة اتضح بعد انتهاء المحادثات، إذ أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، أن موسكو "تعتزم تطوير وتحديث عمل ميناء طرطوس القديم وبناء ميناء تجاري جديد. وقدر قيمة الاستثمارات التي ستضخ في هذا المشروع خلال السنوات الأربع القادمة بـ500 مليون دولار".

كما أشار بوريسوف إلى أنه "ضمن خطط الجانب الروسي في بعض المناطق السورية، مد خط سكة حديد جديد عبر سوريا والعراق من أجل إنشاء ممر للنقل، يربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج"، ونوه بالأهمية الاستراتيجية للمشروع كونه "سيزيد من عمليات الشحن عبر الميناء السوري".

يذكر أن السجالات حول منح موسكو حقوق استثمار في ميناء طرطوس كانت برزت للمرة الأولى خلال زيارة قام بها بوريسوف إلى دمشق في يونيو الماضي. وأعلنت أوساط روسية حينها أن موسكو تسعى لتوقيع عقد استئجار طويل الأمد لفترة تبلغ 49 سنة وهي نفس الفترة التي نصت عليها اتفاقيات الاستئجار السابقة لقاعدة حميميم قرب اللاذقية ومركز الصيانة البحري قرب ميناء طرطوس، الذي تعمل موسكو على توسيعه وتحويله إلى قاعدة عسكرية بحرية ضخمة.

"للاستثمار وليس للاستئجار"

وسعى النظام السوري في وقت سابق إلى عدم تسليط الضوء على المفاوضات الجارية مع موسكو حول استئجار الميناء التجاري، ودارت نقاشات واسعة في شأن أن العقد سوف يكون "للاستثمار وليس للاستئجار"، وأنه لا يزيد على كونه "عقد تشغيل وفقاً للتقاليد المتعارف عليها في مرافئ دولية عدة". إلا أن معطيات برزت في وقت لاحق، أكدت أن الحديث يدور عن عقد استئجار طويل الأمد، يمنح موسكو حقوقاً مطلقة في الاستخدام التجاري للميناء والأراضي الملحقة به.

والمثير أن أوساطاً لفتت إلى أن موسكو لن تدفع للنظام مبالغ مالية في إطار استئجار الميناء، وستكتفي بتمكين الطرف السوري من استخدام المنشآت المقامة فيه. وفي هذا الإطار، برز خلط واسع في تغطيات وسائل الإعلام حول الخطط الروسية، بسبب غياب الوضوح عما إذا كان العقد منفصلاً، أم يدخل في إطار "توسيع اتفاق استئجار مركز الصيانة المجاور في طرطوس، ليشمل المرافئ والمنشآت المدنية للميناء مع القطعة العسكرية التي تستخدمها روسيا حالياً".

وكان وزير نقل النظام، علي حمود، قد نفى صحة ما تم طرحه عن استئجار أو مقايضة ميناء طرطوس مع الجانب الروسي، مؤكداً أن العقد "استثمار لشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ طرطوس وفق نظام العقود التشاركية بين القطاع العام والخاص المعمول به في سوريا، وتم توقيعه مع شركة ستروي ترانس غاز الروسية الخاصة" غير أنه لم يجر تأكيد هذه المعطيات من جانب أي طرف روسي.

في حين أشارت أوساط إلى أن الاتفاق على استئجار ميناء طرطوس يدخل ضمن الطلبات الروسية لتسديد فواتير الحرب التي ساعدت خلالها روسيا النظام، وإيفاء لثمن الأسلحة المقدمة سابقاً لجيش النظام.