العدد 4073
الإثنين 09 ديسمبر 2019
banner
تركيا وإيران: ماذا بعد؟ (1)
الإثنين 09 ديسمبر 2019

ستطال عقوبات أميركية قريباً كلا من تركيا وإيران، وقد تتوسَّع حلقة العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتشمل إعادة فرض العقوبات الدولية عبر آلية “سناب باك” Snap back بعدما اتهمت الدول الأوروبية الثلاث الموقّعة على الاتفاقية النووية طهران بأنها طوّرت صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، بانتهاكٍ لقرار مجلس الأمن 2231. مواقف الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، نحو إيران تميّزت في الآونة الأخيرة بطفح الكيل معها ليس فقط بسبب التجاوزات في الملفات النووية والباليستية، إنما أيضاً نتيجة الممارسات الإقليمية العدائية ضد ناقلات النفط ومصفاة النفط “أرامكو” السعودية وإجراءات قمع المظاهرات داخل إيران وفي العراق والتلويح بها في لبنان. روسيا بدورها بدأت تعود عن اعتبارها إيران مفتاح عدم الانزلاق إلى اللااستقرار في لبنان، وذلك بعدما اتخذ التدخل الإيراني في العراق طابع الاستهانة بالسيادة والتحقير بالدولة والقمع للمظاهرات، وبعدما تبيّن لها أن دور إيران في لبنان سيؤجّج النزاع لبنانياً ويؤثر على المشاريع الروسية لسوريا.

هذا ليس انقلاباً كليّاً في المواقف الروسية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لكنه تعديل له وقعه ويتزامن مع التغيير المهم في ردود الفعل الأوروبية نحو السياسات الإيرانية، وبالذات الألمانية. الأوروبيون، شأنهم شأن الأميركيين، قلقون من الطموحات التركية بقدر قلقهم من المشاريع الإيرانية. العنوان الأساسي للاستياء من الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان هو منظومة S-400 الروسية المضادة للصواريخ التي يصرّ على شرائِها بالرغم من احتجاج كامل حلفائه في حلف شمال الأطلسي (ناتو). إنما العناوين الأخرى ذات الأهمية تشمل تمدّد تركيا في سوريا ضد الأكراد، ومذكرتيّ التفاهم مع فايز السرّاج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية حول التعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق السيادة البحرية واللتين أثارتا الاستنكار الغربي والعربي وخلافات مع دول البحر المتوسط حول استثمارات قطاع الغاز.

علاقة رجب طيب أردوغان الودّية مع نظيره الأميركي دونالد ترامب هي التي أنقذت الرئيس التركي حيناً وضلّلته حيناً آخر. وقريباً سيستاء أردوغان من ترامب عندما يغض الرئيس الأميركي النظر عمداً عن عقوبات قاسية ينوي الكونغرس فرضها على تركيا بسبب سياسات أردوغان الاستفزازية والابتزازية. سيستاء لأن صديقه ترامب لن يقف في وجه فرض العقوبات ليعرقلها أو يخففها بل إن فحوى عدم احتجاجه عليها هو الموافقة. فدونالد ترامب ليس في مزاج خوض معركة مع الكونغرس بسبب رجب طيب أردوغان الذي اختال كالطاووس في لندن أثناء اجتماع حلف شمال الأطلسي. دونالد ترامب يريد تجنّب الانجرار إلى المواجهة في الملفات الدولية، وما يخشاه اليوم هو أن تتهوّر القيادة الإيرانية وتستهدف مواقع وقواعد وقوات أميركية في العراق أو في سوريا لأنه قد لا يتمكّن عندئذ سوى من اتخاذ قرارات عسكرية، وليس فقط إجراءات عقابية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .