في تاريخ الأمم تلعب الشعوب دورًا كبيرًا في درء المخاطر، في النأي بأوطانها بعيدًا عن الصراعات الحضارية والاحتدامات المذهبية، والمهاترات الفكرية، تحاول مثلًا أن ترتقي بالخطاب الديني، أن تعيد الحضور للخطاب المجتمعي، أن تغلب التفكير على التلقين، والحوار على الصدام.
في مملكة البحرين نعيش التنوع في أزهى عصوره، والتعدد في أوج انتشاره، والتسامح في أبهى صوره.
رغم ذلك تخرج علينا بين الحين والآخر، نعرات دخيلة، عدوى عابرة للحدود -انسحاب مع نقائص لنخب على ما أظن، اختصار مُخل لمضامين فقهية غائبة، هذا ما يروج له البعض، ويزيح عنه الستار.
ونحمد الله ونشكر فضله أن مجتمعنا الذي تربى على القبول بالآخر قد وضع حدًا لهذا القبول، زمنًا ومسافة بُعد، ثابت من الثوابت الرصينة للوطن والعقيدة، لذلك فإن باب الاجتهاد الذي مازال مفتوحًا لا يسمح لكائن من كان أن يتخطى حدود الله، أن يقيم الحد على أبدية الدين الإسلامي الحنيف، أو أن يجري محاكمات سرية لأمور متفق عليها بين فصائل الأمة وملتف حولها اللفيف الأعظم منها، من هنا فإن التكليف المشوه لإفصاح جماعة “السفارة” عن رؤية غير مرئية أو عن بيان يفتقر لأسس الشريعة والشرعية، أو عن خطاب خفي يتردد في بعض البيوت والأنفاق،هذا كله يدخل في صميم التداخل المتجاوز لحدود، المتخطى لمواقع سماوية، الإمام المهدي (عجل) لم يظهر قطعاً بأحكام المذاهب جميعها، اتفاق قياداتها الشرعية المؤهلة، فلا يعقل أن يفتقر الإعلان لأدنى مقتضيات التراتبية، بمعنى أنه لا ظهور لولي إلا بعد أن يتفشى مظهر غير ملائم للمجتمع، ولا انكشاف عن غطاء إلا عندما تتراكم المغالطات لدى الجهة المهيمنة على الفتوى في الدولة المعنية، ولا أساس لرؤية إذا كانت تفتقر لأبسط المشاهدات أو الأدلة الثبوتية.
من السهل جداً أن يجلس 4 أو 5 أشخاص ويدعون أنهم اكتشفوا علاجاً حاسماً لمختلف أنواع السرطانات في البشر، لكن هل الشفاء تحقق، وهل كان العلاج الناجع متوفرًا بالشكل والهيئة التي اعتادت عليه الأمم عند مكافحة مرض من الأمراض؟
من السهل كذلك أن يدعي بعض العلماء أنهم توصلوا إلى نظرية مضادة للجاذبية الأرضية، مفسرين ذلك بأن تفاحة اسحاق نيوتن التي سقطت من إحدى الأشجار لتوارى الثرى أي إلى أسفل قد تغيرت وجهتها وأصبح السقوط إلى أعلى، هذا الأمر أيضا يحتاج إلى مشاهدات ثبوتية جماعية، تجمع عليها الأمة ويتفق حولها المفسرين والمتابعين والمدججين بالعلوم والمباحث المعتبرة.
من السهل جدًا أن يأتي أي فاسق بنبأ، واذا لم تتبينوا فإنكم قد تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ذلك نادمين.
و... للحديث بقية.