تكمن مخاطر “سيطرة فكر الجماعة” في كونها قادرة على إخضاع الأتباع بلا حول منهم ولاقوة، اللهم إلا من امتلك الشجاعة وعاد إلى رشده لينسلخ عنها، وفي هذا الصدد، قرأت كما قرأ الكثيرين ما كتبه الأستاذ عبدالنبي الشعلة في صحيفة “البلاد” يوم الأحد 16 يونيو 2019 تحت عنوان :”سفير للإمام المهدي المنتظر في البحرين ومهدي في السودان وآخر في السعودية”، كيف أن لهذه الجماعات نشأة وتنظيم وخطة عمل وآلية بل ولها منظروها ومروجو أفكارها.
ومن بين ما كتبه الشعلة في مقاله القيم والمثير والبالغ الحساسية، عما وجده عن “جماعة السفارة”، التي “تشكلت في البحرين منذ بداية العقد الثامن من القرن الماضي في حوالي العام 1980م من عدد من الأفراد من بينهم رجال دين شبان مبتدئين يقودهم شخص فقير في تحصيله الديني أو العلمي ومتواضع في قدرته الفكرية والثقافية، لكنه أسبغ على نفسه لقب “باب المولى”، وقال إن له اتصالا مباشرا بالإمام المهدي المنتظر، وإن الإمام يزوره ويخاطبه، وقد أبدى له الإمام استياءه وتذمره للوضع المزري والمتردي الذي وصل إليه حال المسلمين، وعينه مندوبًا عنه أو “سفيرًا” له، وكلفه بالاضطلاع بمهمة “تجديد” الدين وإصلاح شؤون المسلمين وإعادتهم إلى جادة الصواب؛ تمهيدًا للخروج المهدوي المحتوم، وهذا السفير سار في دعوته بالسر والخفاء بدايةً، ثم من داخل السجن الذي أُودع فيه لأسباب سياسية ثم من خارجه، ونجح في استقطاب أعداد متزايدة من الأتباع والمريدين، كما أنه ركز في دعوته على استقطاب النساء، خصوصا الثريات منهن، وكان من بينهن، كما قيل لي وقتها، فتاة بحرينية شابة وهبت كامل حصتها وما ورثته من تركة والدها الثري جدًا إلى صندوق أو جيب السفير كمساهمة منها لنشر دعوته”. (انتهى الاقتباس).
هذا الاقتباس يقودني كما يقود الكثيرين منا للتفكير في أهداف هذا النوع من الجماعات، وهنا يمكن أن نستمع إلى الكثير من الآراء حينما نتحدث مع العارفين والباحثين في شؤون هذه الجماعات، ولقد وقع بعض الناس في جحيم تبعية الجماعات حتى خسروا حياتهم الطبيعية، وبعض المنتمين إلى تلك الجماعات على اختلافها، هربوا ربما إلى خارج دولهم وألفوا كتبًا حول تجربتهم ومسيرتهم وسردوا الكثير من القصص والوقائع التي يندى لها الجبين من شدتها! بعض يصل إلى تخصيص بعض المنازل لأتباع الجماعة لمعاقبة أو لسجن من يعترض أو (من تعترض)، ونقصد هنا أتباعهم من الرجال والنساء، بل وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى إشعال الفتنة في المجتمع ومنها زرع العداوة والبغضاء بين شرائح المجتمع وبين الأديان والمذاهب والتحريض حتى على الدولة بغية التأثير على استقرارها وعلى نسيجها الوطني وسلامة جبهتها الداخلية، والأكثر من ذلك، أن الأمر يصل برؤوس منهم إلى تفتيت العلاقات الأسرية وإحداث حالة من الصدام حتى بين الأخ وأخيه وبين الأزواج بعضهم البعض.(يتبع).