+A
A-

هل يهدّد العنف السياسي رئاسيات تونس؟

لم تنطلق الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية في تونس بعد، لكن بوادر التشنّج والشحن الانتخابي بين الأطراف السياسية وأنصارهم بدأت مبّكرا، وزادت من مخاوف المراقبين للمشهد الانتخابي، من أن يتطور هذا التوتر إلى موجة عنف سياسي مخيف مع قرب موعد التصويت.

وأشعلت حادثة إيقاف وسجن المرشح الرئاسي نبيل القروي، الأجواء السياسية، وساهمت في توليد توترات جديدة بين مختلف الأطراف السياسية، أدّت إلى ارتفاع منسوب العنف اللفظي والمشاحنات بين المرشحين المتنافسين وأنصارهم، خاصّة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

واستشعر الرئيس المؤقت محمد الناصر، خطورة الوضع السياسي الراهن، ودعا يوم الجمعة، المتنافسين في الانتخابات الرئاسية إلى تجنب العنف والاستفزاز، أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع، كما حذّر في كلمة توجه بها إلى التونسيين، من خطورة التشكيك في حياد مؤسسات الدولة وسلطة القضاء، على تعكير جوّ الانتخابات وبالخصوص على المساس بمصداقيتها، وطلب من الجميع الهدوء، خلال جميع مراحل العملية الانتخابية.

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي فريد العليبي، أن "إمكانية حدوث عنف سياسي وانتخابي واردة جدا"، موضحا أن ما حدث حتّى الآن في الساحة السياسية بتونس، يشير إلى أن "المعركة الانتخابية ستكون حامية، وهي ناتجة عن تراكمات أزمة سياسية قديمة، يحاول كل طرف الخروج منها على حساب الطرف المقابل، بالقول إنه الأنسب لتسيير دواليب الدول، وعندما يحدث انحباس على هذا الصعيد، تكون تصفية الحسابات، لأنّ الكل يرى أنه الأجدر بالكرسي".

سجن غريم الشاهد وإهانة حافظ السبسي

وأضاف العليبي للعربية.نت، أن هذا "الصراع السياسي يمكن أن يتحول بسهولة إلى عنف"، لافتا إلى أنّ بوادره الأولى ظهرت فعليا، منذ أن تم سجن غريم رئيس الحكومة يوسف الشاهد، المرشح نبيل القروي، وإهانة خصمه الآخر حافظ قايد السبسي في المطار، وقبلهما نفي منافسه سليم الرياحي خارج البلاد، مشيرا إلى أن "لهؤلاء أوراقا يمكن استعمالها، ويمكن أن تخرج الصراع عن السيطرة ليتحول إلى تصفيات متبادلة معلنة".

وعلى عكس العليبي، الذي حذّر من مرحلة خطيرة تنتظر العملية الانتخابية، توّقع أن تزداد فيها عوامل الانفلات السياسي وتستخدم فيها الأطراف السياسية المتنافسة العنف، قللّ الكاتب المختّص في الشؤون السياسية سرحان الشيخاوي من ذلك، واعتبر أن مظاهر التشنّج الحالية في الساحة السياسية التونسية، ظاهرة صحيّة، تدل على شدة التنافس الانتخابي، ولا يمكن أن تتطور إلى مستويات أخرى من العنف السياسي.

وقال الشيخاوي، إن التوتّر السياسي "يمكن توصيفه بالركن الأساسي للانتخابات التونسية، خاصة أنه أثّث المواعيد الانتخابية في سنتي 2011 و 2014، وحتى أثناء الانتخابات البلدية سنة 2018، لكن الاحتقان الحاصل حاليّا يحمل ملامح استثنائية، باعتبار إيقاف المترشّح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي ودعوة عدد من المترشحين للتحقيق معهم في قضايا مختلفة وحرق منزل المترشحة ليلى الهمامي، وهي عوامل جعلت المناخ الانتخابي يصبح مشحونا إلى درجة قياسية ومن المنتظر أن يرتفع مع قرب عملية التصويت".

وأوضح الشيخاوي للعربية.نت، أن هذا التوتّر "انطلق من مؤسسات السلطة ليتسرّب إلى الشارع التونسي، إذ بدأ بالحروب الكلامية التي جمعت نواب البرلمان، وبالصراعات التي ميّزت علاقة رأسي السلطة التنفيذية يوسف الشاهد والراحل الباجي قائد السبسي، ثم انعكست مشاهد التوتّر بكل ما فيها من شتائم واتهامات وتجريح إلى الشارع، ليتحوّل أنصار المترشحين إلى أذرع للمواجهات والصراعات، مبينّا أن هذا الوضع "غير قابل للتحوّل إلى صدام وعنف مادي، وسيبقى مجرّد عنف لفظي ومواجهات كلامية بين أنصار المترشحين"، مشيرا إلى أن "الساحة التونسية غير مؤهلة لاحتضان أعمال عنف، خاصة وأن الخلافات بين المرشحين أغلبها فكرية وليست عقائدية أو عرقية".