العدد 3783
الجمعة 22 فبراير 2019
banner
وزارة العمل... والتحدي الصعب
الجمعة 22 فبراير 2019

ملف العاطلين عن العمل يمثل أسوأ تراجيديا منذ عقود لدينا. هذا الملف منذور دومًا للمعاناة والسبب المباشر في إشعال الحرائق الاجتماعية وتهديد استقرار المجتمعات.

وعدد العاطلين الذين يتجرعّون الألم والمعاناة، يتزايد كل سنة، بينما لم يقدم القائمون على ملف العاطلين الحلول الناجعة لحد الآن. ملف العاطلين هو المرآة الحقيقية لوزارة العمل، ومن خلال هذا الملف يمكنكم مشاهدة صورة هذه الوزارة.

طالعتنا وزارة العمل بجملة من الأرقام أعلنها الوزير جميل حميدان في مقالة له تتحدث عن كيفية حساب نسبة التعطل، إذ أشار إلى أن إجمالي القوى العاملة الوطنية يبلغ 197123، ويشمل هذا الرقم وفقًا لحميدان إجمالي عدد العاملين البحرينيين المؤمن عليهم بحسب بيانات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعية إضافة إلى باقي العاملين غير المؤمن عليهم مثل سواق الأجرة، والصيادين والمحامين والعاطلين المسجلين لدى الوزارة (8399 عاطلا).

وبقراءة متأنية لأرقام وزارة العمل التي فضحتها بقع الصدأ، بعد أن أقنعونا أن إحصاءاتهم من ذهب، نجد أن أرقام الوزارة جاءت في سياق ملتبس، فالوزارة قامت بزيادة الكتلة العاملة لكي تؤكد نسبتها التي كانت وما زالت تعلنها وهي نسبة بطالة آمنة لا تتعدى 4 %، بعد أن جيّرت أعداد الصيادين ومدربي السياقة والباعة وأصحاب المهن والمحامين وأضافتهم إلى عدد الكتلة الوطنية العاملة، وهذا غير صحيح.

وتفنيدًا لذلك الرأي، تفيد إحصاءات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تعطينا صورة واضحة غير الصورة المروعة التي قدمتها وزارة العمل، إذ تشير أعداد المؤمن عليهم من البحرينيين في التقرير الإحصائي لهيئة التأمينات الاجتماعية للربع الرابع إلى أن المؤمن عليهم بالكتلة الوطنية 147485 بحرينيا فقط، بينما اعتمد الوزير في مقالته على أن الكتلة الوطنية 188724 مواطنا، ولو أجرينا مقارنة بين الصورتين، الصورة المروعة التي ذكرها الوزير في إحصاءاته، وبين إحصاءات التأمينات سنجد أنها تصطدم بالواقع ووقائعه. ولا نعلم من أين جاء الوزير في مقالته بالرقم 188724 مواطنا؟!

والوزير أيضًا قام بإضافة 41266 مواطنا على الرقم الحقيقي تحت بند صيادين محامين مدربي سياقة أصحاب مهن ناهيك على أن الوزير قام بإضافة أرقام بنسبة 33 % على الكتلة الإجمالية للمؤمن عليهم، ومن هنا يتّضح جليًّا أن عملية تعويم الأرقام تلك كانت لتأكيد الوزارة ما دائمًا تتمسك به، أن نسبة البطالة 4 %.

نكشف لكم حقيقة خطيرة لا تتحدث عنها الوزارة بأي أرقام، وهو المتحرك المؤثر في نسبة البطالة، وهم العاطلون عن العمل ممن تم إغلاق ملفاتهم إداريًّا في الوزارة أي أنهم غير محسوبين في أعداد العاطلين عن العمل في الكشوفات الرسمية لدى الوزارة.

وهؤلاء المغلقة ملفاتهم يأتون نتيجة اعتماد التقييم الشخصي لموظف الوزارة، الذي يعرض الوظائف على العاطلين لمعرفة أن الوظيفة المعروضة مناسبة أم لا، وحين يرفض العاطل عن العمل الوظيفة يتم إدراج اسمه تحت خانة رفض العمل أو عدم الجدية في البحث عن العمل وبالتالي يتم إغلاق الملف.

ومن هنا يتبيّن لنا أن عدد هؤلاء المغلقة ملفاتهم كثيرة، والكل يعلم أن هذه الخطة مصيدة لخسارة في أعداد العاطلين بحيث تعرض الوزارة على سبيل المثال وظيفة منظف على متخرج جامعي وحين يرفض يتم إدراج اسمه بأنه رافض العمل، وللعلم العاطلون لا يرفضون ولكن الوزارة تتعمد إدراج أسمائهم برفضهم للعمل دون أي ذريعة؛ لتسجيل مواقف ضدهم.

وعلى ذلك، يتضح بشكل جلي أن الوزارة تحدّد نسبة البطالة وفقًا لأهوائها، وما يخدم ما تعلنه، ولكن الحقيقة الموصوفة تقول غير ذلك، إذ إن الوزارة لا تفرق بين ما ينضح به الواقع وما تعمل هي على تخريجه.

إن الواقع العمالي في البحرين يفرض على الوزارة الإقرار بشجاعة بوجود المشكلة بطولها وعرضها لا بتفصيلها على مقاس ترزية النسب؛ لأن الاعتراف بالمشكلة نصف الحل، ومن ثم عليها وضع خطة وطنية جادة لاستيعاب واحدة من أعتى القضايا التي تعصف بالمجتمعات. وهذا الميدان يا حميدان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية