+A
A-

خالد بن خليفة يقدم محاضرة حول الريادة التاريخية للبحرين

قال سعادة الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رئيس مجلس امناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بأن مقولة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، في أن "الجهل عدو السلام" تؤكد بأن المعرفة بحقيقة الوجود تجعل البشرية تدرك بأن التنوع والاختلاف ضرورة من ضرورات الحياة، والتي تستدعي التسامح والتعايش كأساس للبقاء.

جاء ذلك في محاضرته التي قدمها في النادي الملكي "سيركل رويال غاولوا" الشهير بالعاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور نخبة من السياسيين والدبلوماسيين والبرلمانيين والمثقفين الأوروبيين، حول "ريادة مملكة البحرين التاريخية في ترويج قيم التسامح والتعايش السلمي عالميا"، حيث قدم تحليلا لدلالات مقولة جلالته التي أكد فيها بأن الجهل المعرفي هو منبع التطرف والإرهاب والتمييز العنصري في كل مكان.

وأشار الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة الى أن واقع التسامح والتعايش في منطقة الشرق الأوسط يتطلب جهودا مكثفة من قبل الدول والحكومات لاعتماد سياسات وطنية قائمة على التسامح الديني كمبدأ لتحقيق الاستقرار والتعايش بمعناه الحقيقي كالمعهود في البحرين.

وأضاف بأن بعض الأنظمة والجماعات الإرهابية تتعمد استغلال النصوص الدينية لتحقيق آمالها السلطوية، واستغلال جهل الشعوب بتفاصيل فلسفة الوجود الإنساني، داعيا الى التركيز على المنظور الديني والمذهبي والطائفي في تعزيز التسامح والتعايش على اعتباره العامل الرئيس لازمات المنطقة.

واستعرض رئيس مجلس الامناء تاريخ التسامح الديني في البحرين في العصر القديم والحديث والمعاصر، حيث أكد على ان التسامح متأصل منذ حضارة دلمون التي تمتد لأكثر من ٥٠٠٠ عام، مشيرا الى تبني الحكام من آل خليفة تطوير هذه القيم وجعلها كسياسة وطنية لدى نشوء الدولة في الزبارة عام 1762م.

وأضاف الدكتور الشيخ خالد بأن سياسة التسامح ساهمت في استقطاب العلماء وجذب رؤوس الأموال من جميع ارجاء المنطقة، مما حول الزبارة لتكون منارة علمية وميناء اقتصاديا مزدهرا، مشيرا الى انه بفضل هذه السياسة توسعت الدولة لتشمل جزر البحرين التي كانت تعاني من هيمنة واضطهاد الفرس بدعوة من أهاليها المسالمين.

وذكر آل خليفة بأن مفهوم التعايش في البحرين مطبق فعليا ومتجسد في مظاهر التفاعل اليومي الاجتماعية والتجارية، حيث أوضح بأن الأقليات في دول العالم تعيش في عزلة جغرافية واجتماعية بعيدا عن المجتمعات المحلية، في حين أن المنامة تحتضن بين أزقتها الكنائس والمعابد اليهودية والهندوسية والبوذية والسيخية جنبا الى جنب مع الجوامع والمساجد والمآتم، منوها الى ان هذه المظاهر يوازيها التنوع العرقي والثقافي وحرية الممارسات الدينية لأكثر من ٢٠٠ عام، مما يجعل المجتمع البحريني نموذجا مميزا لاستلهام التسامح والتعايش السلمي في العالم.

وقدم رئيس المركز خلال عرضه مجموعة من الوثائق التاريخية التي تضمنت تراخيص ببناء دور العبادة للمسيحين، مع ضمانات حرية الممارسات العقائدية، منوها الى ان البحرين في ٢٠١٩ ستحتفل بمرور ٢٠٠ عام على إنشاء المعبد الهندوسي في المنامة.

وتناولت المحاضرة استعراضا لاهم محطات مسيرة التسامح والتعايش السلمي ومبادرات جلالة الملك المفدى العالمية، حيث قدم الشيخ خالد شرحا مفصلا لفلسفة ورؤى جلالته التي صيغت في مضامين إعلان مملكة البحرين، وتتويج هذه الجهود المباركة بإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد لحوار الاديان والتعايش السلمي في روما، والتأكيد على ان المجتمع البحريني كان ولا يزال نموذجا فريدا من نوعه على مستوى العالم.

هذا وقد افتتح الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة معرضا للصور والوثائق التاريخية التي تحكي مسيرة التسامح الديني والتعايش السلمي في مملكة البحرين، والتي تدلل على أصالة القيم والمظاهر ذات العمق التاريخي، مشيرا الى ان ما وصلت اليه البحرين في خدمتها للإنسانية وتعزيز التسامح والتعايش السلمي العالمي هو بفضل اهتمام جلالة الملك المفدى ورغبته في الحفاظ على هذه القيم التي توارثها شعب البحرين كابرا عن كابر.

وفي كلمتها الترحيبية، أشادت سعادة الدكتورة بهية الجشي سفيرة مملكة البحرين لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي بدور جلالة الملك المفدى في إطلاق مبادرات التسامح والتعايش السلمي عالميا.

واوضحت بأن هذه المبادرات الرائدة تساهم في فتح قنوات الاتصال بين مملكة البحرين والعالم على المستوى الثقافي والأكاديمي، وستعمل على بناء جسور التواصل بين شباب العالم، وتمكينهم من تبادل الأفكار وتطوير الحلول العملية للتحديات التي يواجهها العالم، مشيرة الى ما حققه إطلاق اعلان مملكة البحرين وإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الاديان والتعايش السلمي من أصداء إيجابية على المستوى الدولي.

واعربت السفيرة عن بالغ شكرها لما يبذله مركز الملك حمد العالمي وعلى رأسه سعادة الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، في تنظيم وترتيب وإقامة هذه المحاضرة بما يخدم ايصال رسالة البحرين وتحقيق تطلعات جلالة الملك المفدى وحسن تنفيذ مبادرات المركز على مستوى العالم.

وقد أبدى المشاركون في المحاضرة تفاعلاً إيجابياً مع موضوع اللقاء، حيث قام سعادة رئيس مجلس الامناء بالرد على جميع استفساراتهم وإيضاح العديد من الجوانب التي تضمنتها المحاضرة بكثير من التفصيل، كما قدم العديد من المشاركين رؤاهم ومناقشة الأفكار الممكنة في سبيل مد جسور التعاون التي تساهم في تطوير مبادرات المركز، معربين عن سعادتهم بما تشهده مملكة البحرين في ظل قيادة عاهل البلاد المفدى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة من تطور وازدهار ورقي على كافة المستويات .

يُذكر بأن النادي الملكي "سيركل رويال جاولوا"، الذي تأسس في القرن التاسع عشر، هو أحد الأندية الأكثر شهرة في بروكسل. ويضم أعضاؤه وزراء ومسؤولين حكوميين، وسفراء، وبرلمانيين، وقضاة، وأساتذة جامعات وأكاديميين، وقادة تجارة أعمال، وفنانين وكتاب من مختلف دول العالم، حيث يجتمعون بانتظام في بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الراهنة وذات الأهمية.