+A
A-

رغم إرهاب إيران.. أوروبا تتمسك بالعلاقة مع "بلد الانتهاكات"

في الوقت الذي تحاول فيه دول أوروبية أن ترمم الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب واشنطن لتحقيق مكاسب اقتصادية، انفجرت أزمة دبلوماسية مفاجئة بين كوبنهاغن وطهران بعدما اكتشفت الدنمارك أن نظام الملالي خطط لتصفية عدد من الأفراد على أراضي البلد الاسكندنافي.

وأعلنت الدنمارك، مؤخرا، استدعاء سفيرها في طهران، إثر افتضاح مخطط إيراني لتصفية أفراد في كوبنهاغن، وتوعد وزير الخارجية الدنماركي أندريس سامويلسون، بنقل هذا الأمر إلى الاتحاد الأوروبي كي يناقش بشكل جماعي.

وأكد سامويلسون أن دولا أوروبية أخرى ينتابها القلق أيضا من السلوك الإيراني، ففي الصيف الماضي، تم إحباط مخطط لاستهداف ملتقى للمعارضة الإيرانية في باريس.

وإزاء هذه الانتهاكات المتواصلة لإيران في قلب دول أوروبية، تبرز تساؤلات عدة حول مستقبل العلاقات بين طهران والاتحاد الأوروبي، لا سيما أن انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي في مايو الماضي، أربك التقارب الغربي مع طهران الهادف إلى تحقيق أكبر مكسب اقتصادي ممكن منها.

مخططات في قلب القارة

وأقرت الإدارة الأميركية حزمة أولى من العقوبات، في أغسطس الماضي، ومن المرتقب أن تدخل إجراءات أخرى صارمة ضد طهران حيز التنفيذ ابتداء من الرابع من نوفمبر المقبل، بسبب سلوكها المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن عدم التزامها ببنود الاتفاق النووي.

وهددت واشنطن أي شركة تتعامل مع القطاع النفطي أو المصرفي الإيراني بالإدراج ضمن القائمة السوداء في الولايات المتحدة، مما اضطر شركات أوروبية كثيرة إلى مغادرة إيران مثل و"بوجو" و"توتال" ومجموعة "بي إس إي" الفرنسية لصناعة السيارات.

ويبدو هذا الانسحاب أمرا وجيها بحسب خبراء الاقتصاد، فالشركات الكبرى لن تضحي بمصالحها مع أكبر اقتصاد بالعالم حتى تضمن بعض الصفقات مع إيران، التي لم تتراجع عن نهجها العدائي والتخريبي.

وحاول قادة أوروبيون كثيرون أن يقنعوا ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن الرئيس الأميركي لم يصغ إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ولا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويستند المدافعون عن إيران إلى رؤية تقول إنه من الأفضل أن يجري إدماج طهران في المجتمع الدولي بدلا من نبذها ودفعها إلى التصرف مثل "نمر جريح"، لكن هذه المقاربة فشلت عن تجربة، فحين تساهل الأوروبيون مع إيران صارت تدبر المخطط تلو الآخر في عقر دارهم.

صرامة دنماركية

ويقول القيادي في حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي، وجدان عبد الرحمن، إن بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا "تغض الطرف على انتهاكات إيران وتجاوزاتها الخطيرة، في سبيل الحفاظ على المصالح الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة".

وأضاف عبد الرحمن في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن "تعامل الدنمارك سيكون مختلفا هذه المرة لأن هذا البلد المعروف بصدارته في مؤشر الأمن العالمي لن يسمح بتطاول طهران عبر التخطيط لاستهداف أفراد على أراض ذات سيادة".

ويوضح أن تحرك كوبنهاغن لن يكون معزولا عن سياقه الأوروبي والتحالف المتين بين الدنمارك والولايات المتحدة، التي تؤكد عزمها على التصدي لإيران وأنشطتها التخريبية في منطقة الشرق الأوسط ونقاط أخرى من العالم.

ويضيف أن "سلاح العقوبات هو القادر على لجم إيران التي خضعت لإجراءات كثيرة قبل 2012 لكنها لم تأبه كثيرا، وحين تم تشديد الخناق على الصعيدين النفطي والمالي، اضطر نظام الملالي إلى التفاوض وإبرام الاتفاق النووي".

وبما أن الاقتصاد الإيراني يكابد أياما عجافا بعدما ارتفعت نسبة البطالة إلى مستوى قياسي وفقد الريال أكثر من ثلثي قيمته، تستطيع العقوبات أن تؤدي مفعولا كبيرا، لا سيما أن غضبا اجتماعيا قد ثار في الشارع الإيراني مؤخرا بسبب تردي الأوضاع المعيشية.

وشهدت عدة مدن إيرانية احتجاجات حاشدة على مدار العام الجاري، ارتفع فيها سقف الانتقادات ليلامس المرشد الأعلى علي خامنئي، قمة هرم النظام الإيراني.