العدد 3606
الأربعاء 29 أغسطس 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
ليست مجرد شهادة
الأربعاء 29 أغسطس 2018

يا ليتها كانت مجرد شهادة وزُيّفت، الموضوع أنكى وأدهى وأمر؛ إننا أمام إنسان زائف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، باختصار “حرامي في بذلة رسمية، ونكتاي ماركة، أو شماغ أصلي!”، ولن يعفي الحرامي قدرته على التخطيط، ورسم الحبكات، ودراسة الحالات، ومهارته في اقتناص الوقت والمكان! إنه سارق، سارق، سارق!

تعالوا نقف عند عقلية هذا الحرامي، وكيف يفكر، وما هو شعوره؟ يظن نفسه ذكيًا، وربما عبقري زمانه؛ فهو يختصر الجهد والزمان والمال والدرجة الكلية النهائية، في الوقت الذي يتكبد فيه غيره كل هذا وذاك؛ سنوات وسنوات، وقد يسافر، ويغترب عن أهله وناسه، ويدفع ما لا يُطيق، كي ينتهي إلى مراده، هذه النسخة الطيبة الشريفة يراها الحرامي غباء وقلة حيلة!

فعلا الطيب في هذا الزمن “مأكول خيره”، ويُوسم بالحماقة، وغياب التفكير، والدنيا معكوسة! فالزائفون الذين صدّقوا كذباتهم هم الذين – ويا لسخرية القدر – مَنْ يحكمون على الأصيل، ويُطلب منهم تقييمه وتقويمه؛ ولأن الأصيل يُعرّي سوءاتهم، ويُذكرهم بحقيقة كونهم “حراميّة”؛ يجاهدون في نفيه، وإقصائه، وتخريب بيته!

ماذا تريدون أيها الزائفون؟ ألم يكفكم أنكم تسيّدتم من دون وجه حق، وركبتم الموجات العالية، وتربعتم على عروش غيركم؛ تهددون الآخرين في أرزاقهم وأقوات عيشهم؛ لأنهم يكشفون عوراتكم من دون أن يدرون! والله من دون أن يدرون!

أقول لهؤلاء: أنتم أناس “فالصو”، ولو كشفنا ما وراء البريق، وحككناه كما نحك خواتم النحاس المصبوغة باللون الذهبي؛ لوجدنا تحته سواد الحديد! فما المتعة في التزييف، والكذب، والتضليل، وإيهام الآخرين بأنكم الذهب المصفى وكل الناس بعدكُمُ هباءُ؟! إن جلسة تأمل حقيقية واحدة مع نفوسكم المريضة، ستجعلكم تتقيأون كذباتكم، وتتمنون لو تدفنكم الأرض أحياء! يا لشعوركم البغيض! تخيلوا يا رفاقي أننا مكانهم؛ ماذا سيكون شعورنا؟! ألن يكون النقص، والإحساس بعقدة دفينة، مختبئة، تكاد تقضّ مضجعنا، كدودة في أمعائنا، بمجرد أن نتذكر حقيقة أننا مزيفون! كنا لنتمنى أن نسكر ونغيب عن الوعي؛ كلما لاحت لنا هذه الحقيقة، أليس كذلك! يا ليتها مجرد شهادة وزُيّـفت! إنه تزييف لواقع شخص، يؤدي إلى تزييف واقع كل من يحيط به، فكل من حوله مزيف؛ موقعه في المجتمع، في العمل، في البيت، في الشارع كله زيف في زيف! إنه كحُبلى غانية، أنجبت مولودا، وألصقت به اسم والد مزيف، وأخرجته إلى المجتمع... وعليكم أن تكملوا بقية السيناريو!

هل نسامح هؤلاء المزيفين؛ الذين مارسوا كل آيات النفاق علينا علانية، وبكل ثقة، وشموخ، بحجة أنهم مرضى نفسيون، أم نعاقبهم لأنهم منحوا أنفسهم فرصًا ذهبية، وحرموا الآخرين منها؟ لكم ولأصحاب القرار الحُكم!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية