العدد 3571
الأربعاء 25 يوليو 2018
banner
الأم المنكوبة... وحرية السكن
الأربعاء 25 يوليو 2018

سجلت الأيام الأخيرة تعاطفاً للبحرينيين مع “أمٍ منكوبة”، نَقَلت عبر تسجيل صوتي شكواها من ابنة فضلت السكن خارج منزلها بعد أن بلغت 22 عاما، وهامت ترقص في مقاهي الشيشة، واتخذت من الحشيش “صاحبا”، ومن رفاق السوء قدوة وسنداً، وتفاعل البحرينيون مع الفيديو بتداوله على نطاق واسع بهدف إعادة “الهاربة” إلى حضن أمها، وهو ما حصل فعلاً، غير أن البعض لم يكتفِ بما حصل وبدأ الحديث عن ما أسماه “قضية هروب الفتيات”، بل إن الأمر تطور لحد المطالبة بتعديل التشريعات لضمان بقاء البنت مع أسرتها مهما بلغت من العمر.

وذكّر البعض بمقترح قانوني تقدمت به مجموعة من النواب على قانون الأسرة القديم (قبل إقرار القانون الموحد)، “يلزم الأنثى المساكنة مع ولي أمرها أو الحاضن حسب رغبتها حتى تتزوج”، داعين إلى تحرك في هذا الاتجاه.

قبل مناقشة هذه الأفكار، وجب علينا أولاً دعوة الجهات الرسمية لجدية أكبر في مواجهة الممارسات الخارجة عن القانون، فالجهة المعنية بمنح تراخيص المقاهي، ملزمة بالرقابة عليها وضمان عدم تحول نشاطها وخروجها عما هو مُسموح لها، كما أن الجهات المعنية بمكافحة المخدرات والدعارة هي الأخرى مطالبة بجهود تتناسب مع حجم التحول في هذه الأورام الاجتماعية الخبيثة.

وبالعودة لما يثار عن ضرورة تعديل القانون ليجبر الفتيات السكن مع أهاليهن وإن تجاوزن 21 سنة، فإن هذه المطالب ترتبط بحق أصيل من حقوق الإنسان، ضمنته الاتفاقيات الدولية، كما أن فكرة تقييده استجابة لبعض الحالات النشاز في المجتمع، تُغفل وتتجاهل واقع السواد الكاسح من البحرينيات وما يميزهن من إحساس عال بالمسؤولية تجاه أنفسهن ومجتمعهن، فهل نقيد حقا أصيلا للإنسان من أجل “حالات شاذة”؟.

طيب... وماذا عن حالات الانحراف بين الشباب الذكور؟ فهناك من استقل عن أهله ليؤجر شقة من أجل الحشيش والمخدرات وغيرها من السلوكيات الخاطئة، وهم يمثلون حالات شاذة ومحدودة أيضاً ولكنها أكثر عددا من حالات الإناث، فهل المجتمع مستعد لتعديل القانون وإلزام الأجيال الجديدة البقاء مع أسرهم حتى الإقدام على خطوة الزواج مثلاً؟

سؤال آخر يفرض نفسه أمام من يطالب بتعديل القانون من أجل حالات منحرفة قليلة العدد، ماذا عن الحالات الإنسانية لشابات يعانين الأمرين في منازلهن مع أب أو أخ مريض نفسياً أو مدمن مخدرات وكحول؟ هل نجبرهن على السكن مع مصدر الشقاء في حياتهن للأبد؟ أم نلزمهن الإقامة في منزل قريب لهن أو السكن في مركز اجتماعي، وإن بلغن سن المسؤولية الكاملة عن تصرفاتهن؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .