يبدو أن المواطن أصبح عنصر تجارب في الميدان الجراحي العام “للضرائب”، فكل شخص يأتي يقدم اقتراحا أو مشروعا لفرض ضريبة جديدة، وآخر هذه الاقتراحات ما دعت إليه الدكتورة أمل الجودر خبيرة تعزيز الصحة بمكتب اليونيدو بالبحرين في الزميلة “أخبار الخليج” بفرض “ضريبة دهون... هكذا اسمها”، على الأطعمة غير الصحية الغنية بالدهون المشبعة بالكربوهيدرات، خصوصا بعد نجاح فرض ضريبة المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ، وأكثر ما شد انتباهي قولها “نحن لا نستطيع أن نمنع الناس من تناول هذه المنتجات بمجرد توعيتهم بشأن خيارات الأطعمة، ولكننا يجب أن نخلق الوضع الذي تصبح فيه المنتجات المضرة بالصحة مكلفة”.
معنى هذا أن كل مواطن يحتاج إلى مرشد غذائي ليدله على النافع والضار، ولم يبق إلا فرض ضريبة على الدخول والخروج من المنزل، ومن يعلم قد نسمع في يوم من الأيام أن هناك ضريبة على الضحك... مع خالص احترامي وتقديري للدكتورة الجودر إلا أن المواطن يحتاج إلى الشفقة هذه الأيام والأخبار السارة، إذ تكفيه تعاسة صحته والأوجاع والآلام من قضية “التقاعد” ولهيب رفع أسعار النفط والغلاء المعيشي الذي دخل بيوتنا كالأمواج الزاحفة ووضعنا على طريق العالم الآخر المجهول، أيضا نأتي اليوم ونسمعه مقترح فرض ضريبة جديدة على طعامه وشرابه بحجة الوقاية من السمنة ومرض السكري.
ما الذي يحدث وما قصة هذه الضرائب التي تأتينا من كل حدب وصوب والاقتراحات الشبيهة بالقنبلة الهيدروجينية، اتركوا المواطن يأكل ما يشاء ولا تجعلوا المشكلة تزداد تفاقما، فهو أصلا يعيش تحت أقدام الأمراض المزمنة واعتاد عليها ولا حاجة “لمرشد ممتاز” يفتح أمامه آفاق الدنيا الرحيبة وأبواب الصحة بنظرية الضريبة ورفع أسعار أنواع معينة من المنتجات، قد يكون الأمر مقبولا مع التبغ والمشروبات الغازية والطاقة ولكن من غير المعقول أن تكون الضرائب كثيرة ومتنوعة وتمتد إلى كل مضمار معتقدين أنها ستحرز ثمارها الخصبة.
المسألة ليست مجموعة أوراق مكتوب عليها تصحيح بخط اليد، إنما جيب مواطن ممزق.