+A
A-

22 ألف دينار لمواطن استُملِكَت أرضه وتراجعت "الأشغال" عن قرارها

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، أن تدفع لصالح مواطن مبلغًا وقدره  22 ألف و317 دينارًا و500 فلس؛ وذلك تعويضًا له عن الضرر الذي أصابه إثر إصدار الوزارة قرار باستملاك أرض مملوكة له في المحرق، وما ترتب على ذلك، إذ ان المواطن كان للتو هدم مبنىً قديم مقام عليها وأقام آخر من ثلاثة أدوار إلا أنه لم يكتمل بنائه، ومن ثم عدلت الوزارة عن قرار استملاك أرضه خلال أقل من سنة واحدة، كما ألزمتها بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب الخبير وكذلك المحاماة، ورفضت المحكمة تعويضه عمّا فاته من أرباح أو أضرار بشأن القرض الخاص ببناء المبنى.

وذكرت المحكمة أن المدعي كان قد أقام دعواه للمطالبة بالحكم بإلزام المدعى عليها - وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني - أن تؤدي إليه مبلغًا وقدره 49 ألف دينار، مع احتفاظه بحقه في التعويض عن الأضرار الأدبية والمعنوية، وإلزامها بالفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد التام، وإلزامها بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

وأشارت إلى أنه وبعد مداولة الدعوى بالجلسات ورد تقرير الخبير الذي انتهى إلى تقدير المصروفات التي تكبدها المدعي في سبيل تطوير الأرض موضوع التداعي بمبلغ 22 ألفًا و317 دينارًا و500 فلس.

وأضافت المحكمة أنه ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان يمتلك الأرض موضوع التداعي والمسجلة، وقد حصل على إجازة بناء بتاريخ 6/4/2014 لبناء مبنى سكني على هذه الأرض مكون من ثلاثة أدوار، وقد قامت الوزارة بإصدار قرار بتاريخ 26/6/2014 باستملاك العقار المذكور للمنفعة العامة، وتم تقرير بدل ضرر للمدعي بمبلغ 18 ألفًا و602 دينار و63 فلسًا، وذلك عن عملية الهدم للبناء القديم، وتكلفة البناء غير المكتمل الجديد ورسوم البلدية.

وتابعت، إلا أن الوزارة عادت وأصدرت قرراها بتاريخ 14/6/2015 بالاستغناء عن استملاك العقار موضوع التداعي، وعند قيام المدعي باستئناف عملية البناء تم إخطاره بضرورة وقف أعمال البناء بموجب إشعار رسمي، الأمر الذي يثبت معه ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة؛ والمتمثل في تسرعها في استملاك عقار التداعي ثم عدولها عن هذا الاستملاك في فترة زمنية تقل عن عام وإصدار قرار بالاستغناء عنه، وهو ما أصاب المدعي بأضرار مادية لم تنكرها المدعى عليها، بل وقررت له تعويضًا - قبل الاستغناء عن الاستملاك - يقدر بمبلغ 18 ألفًا و602 دينار و63 فلسًا.

لكنها أشارت في ذات الوقت إلى أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب - والذي اطمأنت إليه المحكمة وأخذت منه كدليل - أن مجموع المصروفات التي تكبدها المدعي نظير رسوم البلدية، وهدم المبنى القديم، وتكلفة البناء غير المكتمل الجديد (متمثلة في مصروفات المكتب الهندسي، ومصروفات شركة المقاولات) تقدر بمبلغ 22 ألفًا و317 دينارًا 500 فلس، وهي خسائر لحقت بالمبنى المقام على عقار التداعي وبالمقاول نتيجة القرارات الصادرة من المدعى عليها بالاستملاك ثم الاستغناء عن الاستملاك، والتي أدت إلى التوقف عن أعمال البناء وعدم استكمالها، وهو ما أثر تأثيرًا سلبيًا على جميع المواد المستخدمة في عملية البناء.

لما كان ذلك، وكان خطأ الجهة الإدارية المدعى عليها هو السبب المباشر في الخسائر والأضرار المادية التي لحقت بالمدعي، والثابتة بتقرير الخبير، على نحو ما سبق الإلماح إليه، وإذ تكاملت أركان المسؤولية الموجبة للتعويض في جانب جهة الإدارة من خطأ وضرر وعلاقة سببية.

الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلزامها بأن تؤدي إلى المدعى مبلغًا وقدره  22 ألفًا و317 دينارًا 500 فلس؛ تعويضًا عما لحقه من أضرار مادية، وتطرح ما انتهى إليه الخبير في خصوص إضافة مبلغ 18 ألفًا و602 دينار و63 فلسًا إلى قيمة الخسائر التي لحقت بالمدعى؛ كونه تكرارًا لتلك الخسائر ولكن من وجهة نظر الجهة الإدارية المدعى عليها، وبالتالي لا يسوّغ الجمع بينهما عند احتساب التعويض المستحق للمدعي، كما أن الخسائر التي تكبدها المدعي والمتمثلة في الفوائد المستحقة على قرض البناء لا يمكن التعويض عنها؛ لانتفاء رابطة السببية بين تلك الأضرار وخطأ المدعى عليها والتي لا تُسأل - كقاعدة عامة - إلا عن الأضرار المباشرة، وكذلك الحال في خصوص حساب ما فات المدعي من كسب في حال تمام تنفيذ المبنى محل التداعي؛ لكونه ضررًا محتملًا غير مؤكد لا مجال لتعويضه عنه ويأباه المنطق السليم؛ لأنه ليس من المؤكد أن المدعي كانت سينجح في كسب الأرباح والمبالغ المطالب بها، حيث يعد نجاح المدعي في كسب هذه الأرباح أمرًا محتملاً قد يحدث وربما لا يحدث، ومن ثم لا مجال للتعويض عنه.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي إلى المدعي مبلغًا وقدره 22 ألفًا و317 دينارًا 500 فلس، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى عليها المصروفات وأتعاب الخبرة ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.