العدد 3211
الأحد 30 يوليو 2017
banner
إعلامنا العربي ذو الهوية المفقودة
الأحد 30 يوليو 2017

في هذا العصر وبالذات في السنوات القليلة الماضية ومن خلال التطور الرهيب الذي أصاب الإعلام بمختلف مكوناته، تحول هذا الإعلام إلى وسيلة تكوين للفكر والهوية، وأصبح ينافس التعليم والأسرة في تكوين تلك الهوية، لذلك تطور هذا الإعلام من وسيلة نقل للأخبار والآراء والمعلومات إلى وسيلة تربوية تعليمية بانية للفكر والهوية بل الانتماء.

رغم ذلك نجد إعلامنا العربي يهوي ويتدنى إلى مستويات يعمل من خلالها على تشويه الهوية العربية وتزيين “اللاانتماء” في فكر الإنسان العربي، فبعد ما كان هذا الإعلام - رغم قلة الإمكانات حينها - عاملا مهما وحيويا في رفع مستوى الانتماء لدى هذا الإنسان وربطه بوطنه وأمته وخلق الحافز بداخله للعمل من أجل هذا الوطن ومستقبله، نجده في الوقت الراهن تحول إلى عكس ذلك بدعوى الحرفية والمهنية الإعلامية، فهو يعمل على الفصل بين الإنسان والأرض ويصنع مواطنا بلا هدف واضح، وبلا رغبة في بناء المستقبل الواحد.

نعلم جميعا أن الإعلام رسالة، ويعمل من خلال برامجه ونشراته الإخبارية بل حتى ما يذيعه من موسيقى على إيصالها للمستمع أو المشاهد أو القارئ، ولكن لو حاولنا البحث عن ماهية تلك الرسالة في إعلامنا العربي الحالي فلن نجد شيئا، بل سنجد ما يشبه الفراغ الفكري واللاانتماء للوطنية والقومية، إعلام خال من الأهداف الوطنية والقومية التي تمثل أمل الأمة ومستقبلها، خال من التحفيز وخلق الرغبة والقدرة عند الإنسان العربي على العمل على تحقيق تلك الأهداف وبناء ذلك المستقبل، إعلام مبهم رمادي اللون من الصعب معرفة ماذا يريد أو ما يعمل على تحقيقه.

ربما يكون جيلنا قد عايش نوعية أخرى من الإعلام الذي كنا نشعر من خلاله بقيمتنا وقيمنا ونعتز بوجودنا ونعرف ما نريد، نعرف من نحن وأين سنكون، ولكن نشفق على الجيل الحالي من الشباب والأجيال القادمة لما يحاك لعقلها وفكرها ومستقبلها من خلال هذا الإعلام الذي نراه حاليا، فهو إعلام بلا هوية ولا قيم ولا مبادئ، ولو ألقينا نظرة بسيطة فاحصة على ما يحويه هذا الإعلام لهالتنا مفرداته التي لا علاقة لها بوجود الأمة ولا الإنسان العربي أو حقوق أمته، ولا داعي لسردها فهي متداولة يوميا على جميع القنوات الفضائية والصحف المنتشرة في كل قطر من أقطار الأمة، ومن يستمع إليها يعتريه الغضب منها ويصاب بنوع من الإحباط الوطني. الإعلام العربي لا يعبر عنا ولا يمثلنا في الوقت الراهن... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .