العدد 3128
الإثنين 08 مايو 2017
banner
عالمٌ ليس لنا
الإثنين 08 مايو 2017

في أواخر 2014، استرعى انتباهي مقال مطول منشور في إحدى الصحف المصرية، معزز بالإنفوغرافيك، يتحدث عن المفارقة المعتادة – تقريباً – وهي ما يحدث في البلاد العربية، مقارنة بما يحدث في البلاد الأوروبية، واستعرض المقال حالات الاندماجات العالمية والأوروبية بالتحديد، مع حالات التشظي والانفلات من الاتحادات، التي لم تعدُ الأغنيات الوطنية الحماسية، بينما لم تتحقق على الأرض إلا في النموذج الإماراتي، بينما من كانوا يسعون للوحدة طوال حياتهم، فقد فاتت أعمارهم من دون أن يروا أحلامهم تتحقق ولو في النزر اليسير منها.

كان المقال/الدراسة يريد الوصول إلى خلاصة ثابتة هي أن الانتفاضات لا تجلب إلا الخراب، وهذا ما حدث في عدد من البلدان العربية، حيث أصبحت أحوالها لا تسرّ إلا العدو الذي استخدم كل تناقضاتنا ونقاط عدم تلاقينا ونفخ فيها من سمّه، وكانت النتيجة واضحة للعيان، وليس أدلّ من ذلك محاولات إقليم كردستان العراق  الانفصال والاستقلال، ورغبة الأطراف المتصارعة في ليبيا بتقسيم البلاد إلى قسمين، والذهاب إلى حل التفتيت في سوريا في أحايين كثيرة، وما يقال عن مخططات لتسهيل تمرير إعادة رسم الخرائط في المنطقة بعد 100 عام على سايكس بيكو، وغيرها من شواهد، فقصصتُ الصفحة لأستشهد بما جاء فيها في أحد المقالات إن عزّت الأفكار.

تذكرت هذه الصفحة وأنباء اليمن تتوالى في مطالبات أهل الجنوب بالعودة باليمن إلى ما قبل 1990، حيث كان يمنين، وهي ليست الأولى من نوعها، بل تكررت في العقود الثلاثة الماضية أكثر من مرة، وهذه المرة يستند المطالبون إلى الفوضى العارمة، والدولة المترنحة، والمجاعة الحقيقية التي تواجه أكثر من تسعة ملايين يمني بسبب الأطماع العالية في الحكم.

غير أن العرب ليسوا بدعاً من الأمر في مسألة الاستقلال، أو الانفصال، حتى لا نبالغ في تخميش وجوهنا. فهاهو ذا إقليم كاتالونيا (شمال شرق إسبانيا) في سعي دؤوب للانفصال، وها هي المملكة المتحدة تنفصل عن الاتحاد الأوروبي، وتحاول تسريع كل ما يتعلق بالزواج السابق، وهي ليست الدولة الوحيدة، إذ اكتشفت دولا أخرى، إذ تتبدى اليوم أكثر وأكثر أن العلاقات الثنائية والثلاثية بين دول الاتحاد ربما تكون أكثر جدوى من اتحاد كبير مثقل بهموم ومشاكل الأطراف الأضعف اقتصادياً. أسكتنلدا بدورها تستعد لتصويت في الخريف المقبل لن يكون بدعاً من الأمر، إذ إن سكان اسكتلندا يهجسون بهذا الرأي منذ سنوات، ويحاولون أن يوائموا بين سعيهم إلى الاستقلال الشخصي والاستقلال السياسي. فيما تتعالى الأصوات في ولاية كاليفورنيا الأميركية مطالبة بالانفصال عن الجسم الفيدرالي، بحجّة أن هناك هوّة عميقة بينها وبين النخب السياسية في واشنطن!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية