+A
A-

المحكمة الإدارية:غلق “الوفاق” والتحفظ على ممتلكاتها المالية والعقارية لحين الحكم عليها

البلاد - عباس إبراهيم
أمرت المحكمة الإدارية يوم أمس وبصفة مستعجلة بإغلاق جميع مقرات جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وبالتحفظ على حساباتها وأموالها، إضافةً لتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها؛ لحين الفصل في موضوع الدعوى.
وألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية كل من القاضيين أشرف عبدالهادي، ومحمد توفيق عبدالمجيد، وأمانة سر عبدالله إبراهيم، باستحصال مصروفات الطلب المستعجل والمقدرة بـ 182 دينارًا من جمعية الوفاق تدفع لخزانة المحكمة.
ومن المقرر أن تنظر المحكمة -بعد الإجازة القضائية- بتاريخ 6 أكتوبر المقبل في موضوع الدعوى.

طلبات الوزير
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن المدعي (وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف – بصفته) تقدم بلائحة الدعوى بطلب الحكم ضد جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بالآتي:
أولاً: وقبل الفصل في الموضوع وفي مادة مستعجلة: بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها لحين الفصل في الموضوع.
ثانيًا: وفي الموضوع: بحل الجمعية المدعى عليها وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة، وإلزام المدعى عليها المصروفات.

أسباب حل الجمعية
وقال الوزير إنه بمتابعة نشاط جمعية الوفاق -المدعى عليها- وانطلاقًا من تنفيذ أحكام قانون الجمعيات السياسية، فقد ترسخ مدى الخطورة الجسيمة الناتجة عن استمرار هذه الجمعية في مباشرة نشاطها المخالف لأصل مشروعية العمل السياسي.
وأضاف أنها سعت، ومنذ تأسيسها، بشكل ممنهج إلى عدم احترام الدستور، وبات التعدي على الشرعية الدستورية وثوابت دولة القانون أحد مرتكزات هذه الجمعية، وهو ما تجلى في تصريحاتها وممارساتها المستمرة؛ الأمر الذي يفقدها أصل شرعية وجودها كجمعية سياسية مُرخصة بموجب القانون.
وبيَّن أن المدعى عليها ارتكبت جملة من المخالفات الجسيمة، استدعت رفع هذه الدعوى، تمثلت في التالي:
1 - التأسيس بشكل منهجي لعدم احترام الدستور والطعن في شرعيته.
2 - تحبيذ العنف وتأييد الجماعات الإرهابية.
3 - استدعاء التدخلات الخارجية.
4 - الطعن في شرعية السلطة التشريعية.
5 - المساس بالسلطة القضائية.
6 - اعتماد الجمعية المرجعية السياسية الدينية، واستخدام دور العبادة لممارسة النشاط السياسي.
7 - الدعوة للخروج على حكم القانون.

ضوابط العمل السياسي
وأوضحت المحكمة أنها قررت إصدار الحكم في الشق العاجل من الدعوى يوم أمس، والذي جاء فيه أن المشرع - إيمانًا منه بخطورة وأهمية الدور الذي تؤديه الجمعيات السياسية في المشاركة في الحياة السياسية وترسيخ مبادئ السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية - قد أجاز للمواطنين حق تكوين الجمعيات السياسية أو الانضمام لأي منها، ولم يترك ممارسة هذا الحق سُدى، بل أحاطه بسياج من الضوابط والإجراءات التي تنظم ممارسته بما يضمن عدم الانحراف في ممارسة النشاط السياسي عن الأهداف المرجوة من تكوين تلك الجمعيات.
وأردفت: إذ من غير المقبول مثلاً ولا بالمستساغ منطقيًا ولا الجائز دستوريًا أن تكون ممارسة هذا الحق مغفلة الضوابط متحررة من كل قيد، بل هي تفرض حتمًا وتتطلب دومًا قيمة كلية تكون أساسًا تبنى عليه الأحكام التفصيلية كما تمثل حدودًا تمنع الشطط في ممارسة العمل السياسي.

مهمة الوزير
وتابعت ولأن المشرع ناط بوزير العدل -باعتباره القوَام على تطبيق أحكام قانون الجمعيات السياسية- رقابة أداء تلك الجمعيات وتقويم اعوجاجها كلما نكلت عن طبيعة واجباتها إهمالاً أو انحرافًا، فأجاز له أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية، بناءً على دعوى يقيمها، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد عن 3 أشهر تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة.
كما أجاز له القانون أن يطلب من المحكمة إصدار حكم بحل الجمعية السياسية في حال ارتكاب الأخيرة مخالفة جسيمة لأحكام دستور مملكة البحرين أو قانون الجمعيات السياسية أو أي قانون آخر من قوانين المملكة، أو إذا لم تقم الجمعية في الفترة المحددة في الحكم الصادر بإيقاف نشاطها بإزالة أسباب المخالفة التي صدر الحكم استنادًا إليها، وما يتصل بذلك بحكم اللزوم من ذود عن الحقوق والحريات المقررة.
وكل ذلك من صميم ما يتطلبه استقرار المجتمع وما يلزم لتحقيق أمنه وأمان أفراده.

مخالفات الجمعية
وقررت المحكمة الإدارية أن جمعية الوفاق المدعى عليها دأبت -من خلال موقعها الإلكتروني- على الطعن في شرعية دستور مملكة البحرين؛ بوصفها الدولة بأنها “تعيش بلا دستور وخارجة عن العقد الاجتماعي والشرعية فيها معلقة”، وكذلك تصريحها بـ “إن غالبية شعب البحرين ترفض دستور 2002؛ كونه غير توافقي، ولا يمتلك الشرعية الشعبية”.
كما قامت بتأييد ممارسة العنف من خلال نشرها صور إرهابيين يحملون أدوات حادة؛ باعتبارهم متظاهرين سلميين يتعرضون للقمع.
كما تضامنت مع أحد المحكوم عليهم في تهم التحريض على كراهية نظام الحكم والدعوة إلى إسقاطه وإهانة القضاء والسلطة التنفيذية، وذلك وفقًا لبيان نائب الأمين العام موقف الجمعية المدعى عليها من الحكم القضائي بقوله “إن هذا الحكم هو انتصار وعزة وكرامة وهزيمة وتخلف للسلطة”.
كما قامت باستدعاء التدخل الخارجي في العديد من مواقفها، طالبة من المجتمع الدولي التدخل، وأن “يلعب دورًا نشطًا في موضوع البحرين، كما لعب دورًا إيجابيًا في ملفات عدة بالمنطقة”.
كما طعنت في شرعية السلطة التشريعية، حيث ذكرت أن “البرلمان لا معنى لوجوده، بل لا شرعية لوجود مثل هذا البرلمان”، وأن “الحكومة والبرلمان القائمين يفتقدان التفويض الشعبي”.
كما جعلت هذه الجمعية من دور العبادة منابر سياسية تمارس من خلالها نشاطها السياسي بشكل مستمر، كذلك دعت هذه الجمعية مؤخرًا إلى “الامتناع عن التبضع وكل معاملات التسوق والمعاملات الرسمية والتزود بالوقود والتوقف عن عمليات الشراء كافة بالتزامن مع موعد المحاكمة الكيدية (حسب وصفها)”.

عدوان دستوري
وأشارت المحكمة إلى أن جمعية الوفاق المدعى عليها انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي إلى حد التحريض على العنف وتشجيع المسيرات والاعتصامات الجماهيرية، بما قد يؤدي إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد، فضلاً عن انتقادها أداء سلطات الدولة -سواءً التنفيذية أو القضائية أو التشريعية- وبالتالي فقد انطوت عدوانًا صارخًا على حقوق دستورية مقررة.
كما انطوت على انحراف بوَّاح في ممارسة نشاطها السياسي بمعزل عن المكانة التي يحظى، أو يتعين أن يحظى بها في ظل قانون الجمعيات السياسية، حيث يتعين أن تدور هذه الجمعيات في فلك احترام هذه المكانة، وتوفير كل سبيل يهدف إلى احترام القانون الاحترام الأوفى.

ترجيح حل الجمعية
ويتطلب ذلك أول ما يتطلب أن يكون مباشرة العمل السياسي مما يتعين أن تراعى بشأنه كل دواعي الحرص في اتباع جادة السبيل في شأن إجراءات ممارسته.
فبذلك وحده يتحقق مبدأ سيادة القانون الذي هو غاية أساسية ومبدأ كلي يقوم عليه البنيان القانوني بكامله، بما فيه الدستور، بداهةً؛ وذلك باعتباره الوثيقة التي تحوي المبادئ التي تحكم حركة المجتمع وتضمن الحقوق والحريات.
الأمر الذي يغدو معه النزاع الماثل -بحسب الظاهر من الأوراق- قائمًا على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بحل الجمعية المدعى عليها عند نظر الموضوع.
ولاشك أن استمرار جمعية الوفاق المدعى عليها في ممارسة نشاطها، آنف الذكر، لحين الفصل في موضوع الدعوى الماثلة، من شأنه أن تترتب عليه أضرار جسيمة بالمجتمع قد يتعذر تداركها، الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى توافر ركن الاستعجال، بما يتعين معه إجابة وزير العدل المدعي إلى طلبه المستعجل بغلق مقرات الجمعية.

منطوق الحكم
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة، وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها لحين الفصل في الموضوع، وألزمت المدعى عليها مصروفات هذا الطلب، وحددت لنظر موضوع الدعوى جلسة 6/10/2016، وعلى قسم الكتاب إعلان الغائب من الخصوم بمنطوق هذا الحكم وبالجلسة المحددة.
ونوهت إلى أن مصروفات الدعوى قدرها 182 دينارا تستحصل من المدعى عليها وتدفع لخزانة المحكمة.