العدد 1101
الخميس 20 أكتوبر 2011
banner
انتفاضة العالم
السبت 04 مايو 2024

 إذا كانت الشعوب العربية تنتفض من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية،فلماذا تنتفض شعوب الدول الغربية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا؟أليست الولايات المتحدة هي الراعي الأكبر للديمقراطية في العالم؟ ألم نستمع إلى ساسة وحكام هذه الدول وهم يدعون الحكام العرب في كل مناسبة إلى تطبيق الديمقراطية واحترام خيارات الشعوب؟أليست الديمقراطية الغربية وحرية التعبير هي الحلم وهي الصورة المثلى التي تتطلع إليها الشعوب العربية؟
هذه ليست أسئلة فيصل القاسم في برنامج الاتجاه المعاكس،ولكنها أسئلة خطرت بذهني عندما تابعت الاحتجاجات التي اندلعت في كبريات عواصم العالم الأيام الماضية،في واشنطن ،في نيويورك،في روما،في مدريد،في لشبونة،وفي أثينا وفرانكفورت وبرلين وأمستردام وباريس وزيورخ،وتورنتو،وغيرها كثير.
  هل هبت كل هذه المدن من فراغ،أم أن الغرب بما فيه من ديمقراطية وحرية تعبير لم ينجح في تحقيق العدالة الاجتماعية،بسبب وجود نظام اقتصادي ظالم،ليس فقط لفقراء هذه الدول ولكن لغالبية الدول الأخرى،وهو ما جعل الحشود الغاضبة تهتف:»باعونا واشتروا البنوك..»
 ويبقى السؤال الأهم حول الطريقة التي تعاملت بها الحكومات مع هذه الاحتجاجات،فقد تصدت أجهزة الأمن في العواصم المذكورة لهذه الاحتجاجات وتعاملت معها بصرامة وقامت باعتقال الكثيرين بشكل لو حدث لدينا نحن العرب لنددت هذه الدول بالتعامل الأمني مع المظاهرات ولقامت جمعيات حقوق الإنسان بإطلاق مئات التحذيرات والمطالبات من أجل إطلاق سراحهم.
 فلماذا من حقهم التصدي للتظاهرات وللممارسات العنيفة بمنتهى القوة وهم الذين يحرمون علينا كل شيء حتى التصدي للخارجين على القانون؟
 الحقيقة أن الغرب يعيش تحت تأثير صورة نمطية لا تتغير للشرق بشكل عام،فهو يرى أن جميع الحكومات في منطقتنا ظالمة وقمعية وأن أي تحرك جماهيري مهما كانت صورته هو تحرك يهدف إلى نشر الديمقراطية وتحقيق العدل والمساواة.
لكن أطرف ما نشر حول التحركات الشعبية الغربية التي اندلعت في ألف مدينة أو يزيد،هو ما قالته جريدة الواشنطن بوست الأمريكية من أن منظمى الاحتجاجات استلهموا الفكرة من الذين تظاهروا في القاهرة وتونس.
 فكيف سيكون رد الحكومات في هذه المدن الكثيرة إذا استمرت هذه الاحتجاجات وتطورت وزادت أعدادها وارتفع سقف مطالبها؟وهل إذا نادت الجماهير في هذه المدن بسقوط النظام سوف يستجاب لها؟أم أن حكومات هذه الدول ستعلل بقاءها بالديمقراطية ،وسوف تقوم بقمع المحتجين على اعتبار أنهم خارجون على القانون وأنه لا ينبغي أن ينادي أحد بسقوط حكومة منتخبة،حتى وإن عجزت الديمقراطية عن إسعادهم وجاعوا وقاموا باحتلال وول ستريت؟
 نتمنى أن تنجح هذه التحركات الشعبية في تأجيج الشارع في هذه المدن، لكي نرى مدى استجابة الحكومات لها،خاصة فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي العالمي وما ينطوي عليه من ظلم في ظل تجبر الشركات والبنوك وجشع الرأسمالية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية