+A
A-

البروفيسور فيصل الناصر

البروفيسور

فيصل‭ ‬الناصر

 

هل‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬خصوصا‭ ‬والخليجي‭ ‬عموما،‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬الخاطئة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬خصوصًا‭ "‬العادات‭ ‬الغذائية‭"‬؟‭ ‬ما‭ ‬الأسباب؟‭ ‬هل‭ ‬تتركز‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬تناول‭ ‬المواد‭ ‬السكرية‭ ‬والمشبعة‭ ‬بالدهون‭ ‬وانخفاض‭ ‬تناول‭ ‬الأغذية‭ ‬الصحية‭ ‬كالخضار‭ ‬والفواكه؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬تحويل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضل‭ ‬إلى‭ ‬شهر‭ ‬لتعزيز‭ ‬الصحة‭ ‬وتغيير‭ ‬الأنماط‭ ‬الخاطئة؟

بالتأكيد،‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬جديدًا،‭ ‬بل‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬رمضاني‭ ‬سنويًا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬رسائل‭ ‬التوعية‭ ‬تسبق‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬وخلاله‭ ‬بل‭ ‬وبعده‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الأطباء‭ ‬والمتخصصين‭ ‬في‭ ‬التغذية‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولهذا‭ ‬سألنا‭ ‬الأستاذ‭ ‬بكلية‭ ‬أمبريل‭ (‬لندن‭) ‬مستشار‭ ‬المكتب‭ ‬الإقليمية‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬المنزلية‭ ‬البروفيسور‭ ‬فيصل‭ ‬الناصر‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬اهتم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬بإجراءات‭ ‬الدراسات‭ ‬وكتابة‭ ‬المقالات‭ ‬الطبية‭ ‬ونشر‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالصوم‭ ‬الصحي،‭ ‬سألناه‭: "‬أليس‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬فرصة‭ ‬للتمتع‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬الصوم‭ ‬من‭ ‬فوائد؟‭"‬

يجيب الناصر مؤكدا أن الدراسات التي أجريناها والكثير من البحوث التي أجريت تؤكد الآثار الصحية الكبيرة للصيام ومنافعه التي لا تعد ولا تحصى، وللعلم، فهذه الفوائد لا تقتصر على الأصحاء فحسب، بل على المرضى أيضًا، ولنا أن نشير إلى أن للصيام منافع لمرضى داء السكري وضغط الدم المرتفع على سبيل المثال، فخلال الشهر الفضيل يمكن للمرضى أن يتحكموا في الضغط وضبط اتزان السكر في الدم باتباع السلوكيات الصحيحة لا سيما فيما يتعلق بالنظام الغذائي بعد الإفطار.

 

ويلفت إلى أن من أهم العادات الغذائية الخاطئة طوال الشهر الفضيل الإكثار من المواد السكرية خصوصًا السوائل المركزة المستخدمة في تحلية بعض أنواع الأطعمة (الكستر واللقيمات)، كما يجب الاهتمام بالخضراوات والإكثار منها، ويفضل أن تكون هذه الخضراوات طازجة أو مسلوقة لفترة بسيطة حتى لا تفقد قيمتها الغذائية، مع العلم أن العنصر الأساس في تكوين الخضراوات هو الألياف، وهذه الألياف إضافة إلى قيمتها الغذائية لها خواص تساعد على مقاومة بعض الأمراض كالإمساك وقرحة المعدة ومرض السكر، علاوةً على أهمية عدم الإكثار من تناول الحلويات المعروفة على المائدة الرمضانية، فهي تحتوي على نسبة عالية من السكر وتزود الجسم بسعرات حرارية عالية جدًا قد تتجاوز 800 سعرة حرارة في الكوب الواحد، أضف إلى ذلك التنوع الكبير للأطعمة على المائدة الرمضانية، والذي نؤكده دائمًا هو التقليل من اللحوم الحمراء والاعتماد على اللحوم البيضاء كالسمك والدجاج، فاللحوم الحمراء تساعد على ارتفاع نسبة كوليسترول الجسم.

ولأننا اعتدنا على التمر في الشهر الفضيل كسنّة نبوية شريفة، يوضح الناصر أن التمور فيها بركة، فهي سريعة الهضم ولا ترهق المعدة وبها نسبة عالية من السكريات والعناصر الأخرى التي يحتاج إليها الجسم، فالسكريات الموجودة في التمر لها خاصية مهمة، فهي سريعة الامتصاص وبالتالي تعطي الجسم الطاقة اللازمة في أسرع وقت ممكن خلال دقيقتين ونصف الدقيقة، كما أن بدء الإفطار بالتمر يساعد على زيادة إفرازات الانزيمات الهاضمة للطعام استعدادًا للوجبة الرئيسة، وبالتالي تهيئة المعدة وإعدادها لتقبل وجبة الطعام وعدم إجهادها بكميات كبيرة من الطعام في فترة وجيزة، وأود التأكيد والتكرار على تناول الطعام في فترة الإفطار بكميات معتدلة؛ لأن زيادة الطعام تؤدي إلى التخمة وعسر الهضم ومن ثم الخمول الشامل الذي تصحبه آلام بالمعدة.

وماذا عن الصيام وصحة القلب؟ يقول الناصر "علميًا، يحسن الصيام صحة القلب والأوعية الدموية استنادًا إلى اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين، إذا ربطنا ذلك بالحرص على تناول الإفطار وما بعد الإفطار من أطعمة مفيدة لا تعمل على زيادة الكوليسترول والسكر في الجسم، وبالتالي هناك أثر آخر وهو تخفيض نسبة البروتين الدهني أو الكوليسترول الضار، وهذه العوامل إن حرصنا عليها نتمتع بصيام صحي وتحسن في الصحة الجسدية والمزاجية ولا بد أن يرتبط ذلك بالجوانب النفسية والروحية للشهر الفضيل لبركاته العظيمة".

ويضع‭ ‬الناصر‭ ‬نقاطا‭ ‬عدة‭ ‬كفيلة‭ ‬بالإفطار‭ ‬الصحي‭ ‬المريح‭: ‬

  • من الأفضل اعتماد أسلوب بسيط بتحديد كمية الطعام التي نأكلها، بحيث يفطر كل واحد بغرفة الطعام في طبقه الخاص ومحاولة الابتعاد عن طريقة اشتراك جميع أفراد العائلة عند الأكل في طبق كبير مشترك.
  • البطء في تناول الطعام وعدم الإسراع فيه مفيد جدًا للجسم، وقد أثبتت الدراسات أن الأكل مع البطء يمكن المعدة من هضم الغذاء بصورة جيدة، كما أن هذا البطء يحد تلقائيًا من الإفراط في تناول الطعام، أي أن الإنسان لن يتناول أكثر من طاقته من الطعام، بينما مع الأكل السريع تفشل المعدة في إعطاء مؤشر الشبع، لذا فلن يشعر الشخص بالشبع إلا بعد فترة طويلة بعد أن يكثر من الطعام.
  • بالنسبة للماء والعصائر والمشروبات المتنوعة، أو لنقل السوائل عموما، فهي من الأساس=ات على المائدة الرمضانية، إلا أنه من الأفضل تناول العصائر الطازجة ومن المستحسن تأجيل شرب السوائل إلى ما بعد الإفطار كي لا تعمل هذه السوائل على تخفيف نسبة أحماض المعدة م=ما يؤدي إلى سوء الهضم.
  • الحذر من تناول المأكولات المشبعة بالدهون، وعدم استعمال الدهون الحيوانية في الطهو أو القلي، بل الاعتماد على الزيوت النباتية، لأن كل غرام من الزيت أو الدهن يعطي 9 سعرات حرارية، أما الفائدة من استخدام الزيوت النباتية فتكمن في عدم التعرض للإصابة بارتفاع نسبة الدهون في الجسم والذي يؤدي إلى أمراض متنوعة منها تصلب الشرايين.