+A
A-

الشيخة هلا آل خليفة

في‭ ‬لحظات‭ ‬تأمل‭ ‬آسرة،‭ ‬مفعمة‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭.. ‬في‭ ‬ظواهرها‭ ‬وخوافيها،‭ ‬تأخذك‭ ‬أعمال‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬الشيخة‭ ‬هلا‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬ربما‭ ‬تفيض‭ ‬عليك‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الحكايات‭ ‬والأسرار‭ ‬نفسيًا‭ ‬وبصريًا‭.. ‬لتقف‭ ‬مذهولًا‭ ‬ومفتخرًا‭ ‬ومعجبًا‭ ‬بأعمال‭ ‬تنبض‭ ‬بلغة‭ ‬الجمال‭.‬

ثمة‭ ‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬قليلًا‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الألق‭ ‬المذهل‭.. ‬إلى‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2020،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬حوار‭ ‬متميز‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ "‬روافد‭" ‬على‭ ‬قناة‭ "‬العربية‭" ‬مع‭ ‬الروائي‭ ‬والصحافي‭ ‬اللبناني‭ ‬أحمد‭ ‬علي‭ ‬الزين،‭ ‬استضاف‭ ‬فيه‭ ‬الشيخة‭ ‬هلا‭ ‬بنت‭ ‬محمد،‭ ‬ويمكن‭ ‬اليوم‭ ‬قراءة‭ ‬النص‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬يتصدر‭ ‬الحوار‭ ‬على‭ ‬القناة‭: "‬ورثت‭ ‬عن‭ ‬والدتها‭ ‬حب‭ ‬الفن‭ ‬والإبداع‭ ‬وعشق‭ ‬التراث‭... ‬ترعرعت‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬ثقافية،‭ ‬نمت‭ ‬مواهبها‭ ‬فأصبحت‭ ‬فنانة‭ ‬تشكيلة‭.. ‬أعمالها‭ ‬الفنية‭ ‬تحاكي‭ ‬الذاكرة‭ ‬أو‭ ‬تجسد‭ ‬غضب‭ ‬البحر‭ ‬الذي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬زمجر‭ ‬قلب‭ ‬السفن‭ ‬وتقدم‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ ‬نحو‭ ‬البر‭".‬

 

هلا‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬تغرس‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬وقلب‭ ‬من‭ ‬يشاهد‭ ‬أعمالها‭ ‬مفردات‭ ‬عميقة‭ ‬المعاني

تغرس الشيخة هلا بنت محمد في روح وقلب من يشاهد أعمالها مفردات عميقة المعاني، ففي الحديث عن عمل خصص لافتتاح "بيت الشاعر غازي القصيبي"، تتابع الأحداث ليصل العمل إلى جامعة الدول العربية، فبيت الشاعر غازي القصيبي (رحمه الله)، تحت مظلة مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث أخذ الشيخة هلا بنت محمد لحياة القصيبي الأديب والسياسي والدبلوماسي، فاطلعت على مسيرة حياته بشكل عميق وفي مدار هذا البحث، أعجبها عنوان مقال القصيبي الشهير "عين العاصفة"، وتفاعلت معه بشكل كبير؛ لأن المرحوم القصيبي امتلك حسًا وطنيًا عاليًا جدًا، فمن الجميل أن نحلم بوطن عربي موحد يعمه السلام، والفكرة كانت تصميم خارطة للدول في الوطن العربي وعواصمها على هيئة مزهرية بدلًا من الرمل، وبدلًا من الوردة يعتلي علم جامعة الدول العربية، وهناك لحظة مهمة، فحينما شاهد مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وكان آنذاك وزيرًا للخارجية، سأل عن العمل وتحدثت معه الشيخة هلا، فاقترح إهداء العمل لجامعة الدول العربية، وبالفعل توجهت الشيخة هلا إلى القاهرة لتهدي العمل ويبقى في مقر الجامعة، حتى بالنسبة لعمل "الخريطة الملتهبة"، فله دلالاته أيضًا التي أودعت فيها.. الشيخة هلا لا تفشي سرًا حينما تعلن أن موضوع الوطن العربي قريب منها، ولهذا فمن الجميل أن نملك الحس العروبي في كل الظروف التي نمر بها، ونغرس حب الوطن ولغتنا العربية وتراثنا وهويتها في نفوس الجيل، فهذا ما يميزنا.

 

‭"‬الأصالة‭" ‬تمثل‭ ‬الامتداد‭ ‬الجميل‭ ‬للحركة‭ ‬التشكيلية‭ ‬وللفنون‭ ‬عموما‭ ‬في‭ ‬البحرين

تقع مفردات كلمات المقدمة التي كتبها أحمد الزين موقع الأثر الحضاري لفنانة واعدة وملهمة بقوله: "تخطط على دفاترها ملامح للحياة واللوحة والحلم، ثم تجعلها لوحة صغيرة أو جدارية أو عملًا تركيبيًا يحاكي الذاكرة أو الفقدان أو يجسد موقفًا، ما يحدث في الأهوال إبحارًا في المجهول، أو تعبيرًا عن صرخة في وجه الخراب أو ألم عميق في النفس"، ولعل الشيخة هلا بنت محمد تختصر المدلولات لمقام الفنون في المجتمع البحريني، فهي تؤمن بأن هناك احتراما للفنان، بل لأي شخص يمتلك ذائقة فنية، وهذا الأمر ليس دخيلًا على المجتمع البحريني، ففيه عين تحب الجمال، وهناك الكثير من الأعمال للفنانين البحرينيين يمكن مشاهدتها من خلال التصاميم والمعارض والمجسمات، لها عراقة وأصالة تمثل الامتداد الجميل للحركة التشكيلية في البحرين وللفنون عموما، وربما لأننا جزيرة فنمتلك الانفتاح فالجزر جميلة وسكانها مرتبطون بالبحر في حياتهم.

 

الوعي في محيطها لا سيما الأسرة الكريمة، ولأنها تمتلك موهبة الرسم، حظيت بالتشجيع الكبير، لهذا فما إن تخرجت من المرحلة الثانوية فلم يكن هناك سؤال عن أي مجال ستدرسه، بل هو الفن وليس هناك خلاف على هذا الأمر، فكانت الخطوة التالية هي السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة في كلية الفنون الجميلة في بوسطن لنيل درجة البكالويوس، ثم تواصلت الرحلة إلى لندن لنيل درجة الماجستير، ذلك أثر البيت المنفتح على الشعر والأدب والثقافة والفنون.