+A
A-

في حوار مع رئيسة جمعية ”المنطلق” النسائية

أردنا‭ ‬أن‭ ‬نحاور‭ ‬ضيفتنا‭ ‬رئيسة‭ ‬جمعية‭ ‬المنطلق‭ ‬النسائية‭ ‬لولوة‭ ‬الرميحي؛‭ ‬لنقترب‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التقاعد‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خدمت‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬طيلة‭ ‬37‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬المخلص‭ ‬والمثمر،‭ ‬مرورًا‭ ‬بتوليها‭ ‬رئاسة‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬لجمعية‭ ‬المنطق‭ ‬النسائية‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬النسوي‭ ‬البحريني‭ ‬بما‭ ‬قدمته‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬وبرامج‭ ‬تعنى‭ ‬بالمرأة‭ ‬والطفل‭ ‬والمجتمع‭.‬

 

ضيفتنا‭ ‬حاصلة‭ ‬على‭ ‬دبلوم‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للمعلمات،‭ ‬تخصص‭ ‬لغة‭ ‬عربية،‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1972،‭ ‬كما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬بكالوريوس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وآدابها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بيروت‭ ‬العربية‭ ‬العام‭ ‬1989،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدبلوم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬وطرق‭ ‬التدريس‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬العام‭ ‬1992‭ ‬بدرجة‭ ‬امتياز‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف،‭ ‬كما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدبلوم‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والقيادة‭ ‬المدرسية‭ ‬العام‭ ‬1995‭ ‬بدرجة‭ ‬امتياز‭.‬

 

وكل‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬تبين‭ ‬ضيفتنا،‭ ‬بفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الأسرة،‭ ‬وما‭ ‬وفرته‭ ‬لنا‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬وتمكين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬حكيمة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬ما‭ ‬زودنا‭ ‬به‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭) ‬من‭ ‬توجيهات‭ ‬وتكريم‭ ‬للعلم‭ ‬والمتميزين‭ ‬خلال‭ ‬مسيرتنا‭ ‬العلمية‭ ‬والمهنية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لصاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬فضلا‭ ‬بوقوفها‭ ‬الدائم‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬وتمكينها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.‬

صفة‭ ‬التحدي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬ركائز‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لإثبات‭ ‬ذاتها

فهم‭ ‬المبادئ‭ ‬الرئيسة

عصارة‭ ‬التجربة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬كيف‭ ‬تختصرها‭ ‬السيدة‭ ‬لولوة‭ ‬الرميحي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الإنجاز‭ ‬وأساساته‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمرأة؟

هناك مبادئ يجب أن تتحلى بها المرأة في قطاع العمل من الناحية الوظيفية والمهنية، ولا بد من الأخذ ببعض المبادئ الرئيسة ومنها الحرص على فهم نظام العمل والوصف الوظيفي للمهنة، مع مبدأ الالتزام بمواعيد العمل، وعدم التغيب إلا لأسباب قاهرة وحضور جميع الاجتماعات التي تقررها الإدارة، أضف إلى ذلك إتقان العمل والإخلاص فيه وإنجازه في وقته المحدد دون تسويف، وأن تكون على أتم الاستعداد في حالة استدعائها لأداء أي عمل تحتاجه الإدارة، خارج مواعيد العمل الرسمي، والاهتمام بالتخطيط المسبق لأي عمل ستقوم بتنفيذه، ما يمنحها الثقة بنفسها ويمنعها من التخبط والعشوائية، وأن تتقبل التوجيه من مسؤولها، وتكون شجاعة في الاعتراف بخطئها وتعمل على إصلاحه.

 

إن من الأهمية بمكان تقديم الدعم والمساندة للزميلات والزملاء في حال عدم معرفتهم بنقاط معينة وتكون في مجال تخصصها العلمي، وذلك بهدف تحقيق رؤية الإدارة أو المؤسسة، كما تكون قادرة على تقديم المقترحات والمبادرات التي ترى أنها تساعد على إحداث إضافة نوعية للعمل، والمحافظة على سرية العمل وسرية مختلف الشؤون التي تخص العاملين معه.

النزاهة‭ ‬والترفع‭ ‬عما‭ ‬يسيء

السيدة‭ ‬لولوة‭ ‬كمربية‭ ‬فاضلة‭ ‬وشخصية‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬المرموقة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬تميزت‭ ‬بالبشاشة‭ ‬وتقبل‭ ‬الآراء،‭ ‬ماذا‭ ‬أضافت‭ ‬لك‭ ‬هذه‭ ‬السمات‭ ‬الشخصية؟

البشاشة وإبداء التحية وعدم الشعور بالتعالي على الآخرين والتعامل مع الجميع بشكل متساو ودون تمييز، وكذلك الاتصاف بالصدق والشفافية مع الزميلات والزملاء ومع المسؤولين في العمل ومع المراجعين، كلها تؤدي إلى كسب ثقة الجميع من البداية، ويكون ذلك منهجًا نسير عليه طوال المسيرة العملية والمهنية والابتعاد عن اختلاق الأعذار والمبررات، وما يؤدي إلى عدم الوثوق، وقد يكون سببًا في خسارة الوظيفة.

 

أحبذ دائمًا أن تكون المرأة في مختلف المواقع مرنة، وتتقبل آراء الآخرين، فلا تفرض رأيها عليهم، بل تتبادل النقاش والأفكار مع شركاء العمل ومن ثم الاتفاق على رأي يوافق عليه الغالبية، كما أن من الصفات المهمة التي يجب أن يتحلى بها الجميع النزاهة والترفع عما يسيء إلى السمعة، والحرص على السلوك الاجتماعي الإيجابي الذي يقبلة المجتمع.

 

وأود أن أقول إن على المرأة أن تحرص على التطوير الذاتي، لتنمية مهاراتها وزيادة خبراتها بمتابعة المستجدات في مجال عملها بالبحث والدراسة وبحضور الدورات التدريبية وورش العمل المتخصصة في مجال المهنة، أو التي تزيدها ثقافة عامة؛ ليصب جميعه في تحقيق رؤية البحرين 2030، أما عن صفة التحدي فهي مهمة لأي فتاة أو امرأة تريد التميز في عملها بحيث تكون قادرة على تحدي مختلف العقبات التي تواجهها في المجال العملي أو الحياة الاجتماعية.

 

النظر‭ ‬للأمور‭ ‬الإيجابية‭ ‬يلزم‭ ‬تشجيع‭ ‬الأفكار‭ ‬والمبادرات

 

كدت‭ ‬أحرم‭ ‬من‭ ‬التعليم

إذن،‭ ‬أخبرينا‭ ‬عن‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تميزك؟

في البداية لا بد أن أشير إلى أنني نشأت في بيئة محافظة جدًا، لدرجة أنني كدت أحرم من التعليم لولا إصرار والدتي على تعليمي، فكانت أمي (رحمها الله) سيدة محبة للعلم وحكيمة، ولديها أسلوب كبير في الإقناع، ما جعل والدي يتقبل فكرة دخولي للمدرسة، وكان هذا أول تحد أواجهه في حياتي واستمر هذا التحدي مع كل مرحلة تعليمية وكانت أمي تدعمني وبإصرار.

 

عبارة‭ ‬قالها‭ ‬شقيقي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭)‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬شقيقك‭ ‬المرحوم‭ ‬حمد‭ ‬الرميحي؟

كان أخي الأكبر الأستاذ حمد علي الرميحي (رحمه الله) وكيلًا مساعدًا بوزارة التربية والتعليم، وكان داعمًا أساسيًا ومشجعًا لي بعد الله سبحانه وتعالى لاستكمال دراستي الجامعية، وكان يقول لي دائمًا "النجاح لا يأتي من فراغ وعليك أن تتحدي الصعوبات لأنها تصقلك من الناحية المهنية والمجتمعية"، فالأسرة عامل أساس في تميزي شخصيًا، إذ أصبحت محبة للعلم ومستعدة لمواجهة أي تحد يقف دون ذلك، حتى استطعت في نهاية المطاف تحقيق ما أطمح إليه وهو أن أكون قائدة تربوية ومديرة لمدرسة ثانوية كبيرة، ومن ثم الوصول إلى منصب رئيسة لمنطقة تعليمية بوزارة التربية والتعليم، وبالطبع لن يتحقق ذلك إلا بجملة من السمات الشخصية الذاتية، لأكون متميزة في موقعي مديرة مدرسة وقائدة تربوية عملت على إعداد أجيال كفوءة شغلت اليوم الكثير من المناصب والوظائف في مملكتنا الغالية.

 

هكذا‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬المعلمات

بالنسبة‭ ‬للصفات‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرك‭ ‬وتجربتك،‭ ‬ما‭ ‬هي؟ 

الاحتضان والاحتواء للجميع بالحب والاحترام والمساواة بين جميع منتسبات المدرسة، ومنح الجميع فرص متكافأة للوصول إلى ما يطمحون إليه، والحرص على الحضور المبكر إلى المدرسة، فبالنسبة لي لم أتغيب خلال سنوات خدمتي الطويلة إلا أيامًا قليلة جدًا لأسباب قاهرة، ما جعلني قريبة من الجميع، إضافة لعدم الاعتذار عن حضور الاجتماعات المدرسية والوزارية، وحضور الفعاليات المدرسية العديدة والالتزام بالحضور والمشاركة في مختلف الدورات التدريبية والورش سواء التخصصية أو في مجالات المعرفة الأخرى، والتي كانت تضيف إلى خبرتي الكثير وكنت أوظفها في مجال عملي قائدة تربوية. وكنت أضحي بوقتي الخاص من أجل مصلحة العمل.

ولو تحدثت عن نفسي، فإن من سماتي الشخصية النظر للأمور بإيجابية، والإصرار على النجاح والطموح في الوصول إلى الأحسن، ما جعلني أشجع المبادرات والمقترحات التي تتقدم بها المعلمات، إذ أرى أنها تصب في خدمة العملية التربوية التعليمية التعلمية، وتبعًا لذلك تم تشكيل العديد من اللجان للأنشطة اللاصفية التي شاركت فيها الطالبات بفعالية، وقد حققن فيها نجاحات كبيرة في المسابقات الوزارية والمدرسية والمجتمعية، وفي المقابل أيضًا تحقيق التفوق العلمي على مستوى مملكة البحرين، كما أنني لم أكن بمنأى عن جميع هذه الأنشطة، فكنت موجودة أثناء الإعداد والتنفيذ، والمراجعة لمختلف الخطط والتقارير التي تعد لذلك بكثير من المرونة، ما ساعد على إيجاد مناخ علائقي إنساني جميل، في مقابل انضباط وظيفي وطلابي وإبداع مهني من قبل جميع منتسبي المدرسة.

وكان للتحفيز المادي والمعنوي للمعلمات والإداريات الأثر الكبير في عطاء متزايد من قبل الجميع، كما أن للصبر والحلم وضبط النفس الدور الكبير في نجاحي كقائدة تربوية، وكانت لدي القدرة على حل المشكلات التي تواجه المدرسة بحكمة وروية ودون انفعال، ما ساعد على اتخاذ قرارات صائبة، واعتمدت مبدأ السرية مع الجميع لثقتهن بي، ما ساهم في إنجاح المسيرة المدرسية، علاوة على أنني حرصت على تطوير ذاتي والسعي إلى التجديد الذي يخدم نهجي التربوي، والخلاصة أن المجال التربوي هو الذي أبرز قدراتي القيادية ولبى طموحاتي.

النجاح‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬فراغ‭.. ‬عليكن‭ ‬أن‭ ‬تتحدين‭ ‬الصعاب