تشخيص مريض إلى مريضين «روماتويد» أسبوعيا في البحرين
استشاري أول في أمراض الباطنية والروماتيزم د. سعدية ناجي
إعداد: حسن فضل
يعد مرض الروماتويد أحد أنواع التهاب الروماتيزم المزمنة، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم المفاصل ويدمرها، فيعيق حركة المريض ويؤدي إلى الإعاقة والتشوهات، ولا ينحصر تأثيره على المفاصل بل يتعداه لمختلف أنسجة الجسم ويدمر مجموعة واسعة من أجهزة الجسم.
كما يعتبر من الأمراض الخطيرة إذا لم يتم معالجته، وفي ذات الوقت هو مرض بسيط يمكن معالجته والسيطرة عليه بسبب التطورات العلاجية.
ولتسليط الضوء أكثر على مرض الروماتويد كان لـ«صحتنا في البلاد» لقاء مع استشاري أول في أمراض الباطنية والروماتيزم رئيس قسم الروماتيزم في مجمع السلمانية الطبي محاضر أول في الجامعة الأيرلندية د. سعدية ناجي عبدالكريم، وفيما يلي نص اللقاء...
ما هو مرض الروماتويد المفصلي؟
هو مرض مزمن من أمراض المناعة الذاتية التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل مسببا التهابات وتدميرا لها. مرض الروماتويد يصيب الغشاء الزلالي المبطن للمفصل، وأغشية الأربطة العضلية، ومن الممكن أن يدمر أعضاء أخرى في الجسم غير المفاصل.
ما سبب المرض؟
السبب غير معروف، ولكن المصاب لديه قابلية جينية مع عامل خارجي كالتدخين، إذ وجد أنه كلما زادت مدة التدخين كلما زادت معدلات الإصابة بالمرض، ومرض الروماتويد لا يورث من الأم لأطفالها، فهو مرض غير وراثي، لكن تزيد فرصة إصابة الأفراد في العائلة الواحدة.
ما الأعراض؟
هناك مجموعة أعراض أبرزها ألم المفاصل مع التورم وصعوبة الحركة، وقد يسبب تشوهات في المفاصل. وأكثر المفاصل تأثرًا هي اليدين والقدمين، بالإضافة إلى التيبس الصباحي ويستمر لأكثر من 45 دقيقة ويتحسن بالحركة، إضافة إلى الإصابة بضعف العضلات بحيث تصبح المهمات صعبة مثل فتح الباب أو المعلبات، إلى جانب الشعور بالتعب وفقدان الشهية ونزول الوزن والحمى وفقر الدم.
ومرض الروماتويد قد يؤثر على أعضاء أخرى غير المفاصل مثل الجلد والقلب حيث يسبب تصلب الشرايين والجلطات، والعين حيث يسبب الجفاف أو الالتهاب، وعلى الرئتين حيث يسبب التليف وتجمع السوائل على الكلى مسببا الداء النشوائي وهو نادرًا ما يحدث، وعلى الأعصاب الطرفية خصوصا متلازمة النفق الرسغي، إضافة لهشاشة العظام وارتفاع انزيمات الكبد وقد تزيد فرصة الإصابة بالأورام.
كيف تتم معالجة مريض الروماتويد؟
هناك علاج غير دوائي وعلاج دوائي، أما العلاج غير الدوائي فيشمل أولًا التوعية الصحية وممارسة الرياضة كالسباحة والدراجة في فترة خمول المرض، وثانيا عدم إجهاد المفاصل في حالات نشاط المرض، وثالثًا التغذية وتشمل الاهتمام بمنتجات الألبان واستخدام المنتجات قليلة أو منزوعة الدسم، إذ إن الروماتويد يزيد من نسبة الإصابة بتصلب الشرايين، مع الحرص على أخذ حبوب فيتامين د مع الكالسيوم يوميا. ورابعًا التطعيمات.
أما العلاج الدوائي الذي يساعد على منع تطور المرض وتخفيف الآلام والتصلب فيشمل الأدوية المعدلة لطبيعة المرض مثل الميثوتريكسات وهو دواء كيماوي ولكن يعطى بجرعات بسيطة جدًا تختلف عن مرضى الأورام مرة واحدة أسبوعيا عن طريق الفم أو الإبر، ولا بد من أخذ حمض الفوليك معه. ومضادات الالتهابات والمسكنات وتشمل الكورتيزون ويمكن استخدامه بشكل مؤقت وليس لفترات طويلة لما قد يسبب من مضاعفات مثل هشاشة العظام وزيادة التعرض للالتهابات الجرثومي، بالإضافة إلى العلاج البيولوجي مثل الهوميرا (Humaira).
هل هناك علاجات واعدة؟ وما آخر التطورات في العلاج؟
خيارات العلاج تطورت مع مرور السنوات وتطور البحوث، إذ إن الأدوية البيولوجية أحدثت تغيرًا جذريا في علاج أمراض الروماتيزم عموما والروماتويد خصوصا. العلاجات البيولوجية مختلفة وتحدد حسب شدة المرض، ونأمل في السنوات المقبلة توفير العلاجات البيولوجية التي تؤخذ عن طريق الفم لا الحقن في مجمع السلمانية الطبي قريبًا، وبسبب تطور العلاج أصبح مرض الروماتويد من الأمراض سهلة السيطرة دون حدوث مضاعفات.
هل للحمية الغذائية والرياضة دور في العلاج؟
الحمية الغذائية الصحية والتمارين الرياضية عامل أساس في علاج مرضى الروماتويد، إذ إن قلة الحركة تؤدي إلى تيبس المفاصل وضمور العضلات وهشاشة عظام، كما أن الأكل غير الصحي أيضًا قد يكون سببًا في تنشيط المرض خصوصًا الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون والسكر.
كما يجب على المريض الإكثار من مصادر الكالسيوم وفيتامين «د» والابتعاد عن التدخين والوجبات السريعة، ومن المهم لكل مرضى الأمراض المناعية تجنب الإجهاد النفسي والعصبي، إذ إن التوتر سبب رئيس لتنشيط المرض.
ماذا عن تطعيم åكوفيد 19ò ومرضى الروماتويد؟
تطعيم «كوفيد 19» عبارة عن بروتين يؤخذ من الفيروس (غير حي) لا خطورة منه، ولا بد من أخذه، ولكن في حال نشاط المرض أو أخد الكورتيزون بجرعة عالية أو في حال كان المريض يعاني من تجلطات سابقة نتجنب التطعيم. لا يتعارض تطعيم «كوفيد 19» مع الأدوية البيولوجية، إذ أقرت الجمعية الأميركية بضرورة أخذه، ولكن في بعض الأدوية البيولوجية لا بد من تأخير الجرعة لمدة أسبوع بعد التطعيم ما عدا دواء الـ «Rituximab»، إذ لا بد من عدم أخذه إلا بعد مدة 4 شهور من الدواء.
ما سبب زيادة الحالات بمرض الروماتويد وكم النسبة في البحرين؟
للأسف الأمراض المناعية ازدادت في هذا الزمن؛ بسبب المحفزات الخارجية البيئية وأهمها التدخين والتوتر النفسي والضغوطات النفسية والأكل غير الصحي والمعلبات والوجبات السريعة أيضًا قد تكون محفزة للجهاز المناعي. وفي البحرين نجد أن الأمراض المناعية عموما في تزايد، وبخصوص مرض الروماتويد فإنه يتم تشخيص مريض إلى مريضين أسبوعيا.
كيف واجهت وزارة الصحة مرض الروماتويد وهذا العدد المتزايد في الحالات؟
البحرين سباقة في مواجهة مرض الروماتويد، إذ حرصت على توفير العلاجات البيولوجية بأنواعها للمرضى، كما تحرص وزارة الصحة على نشر التثقيف الصحي بين الناس ما يجعل المريض يلجأ إلى الطبيب المختص في وقت مبكر وبالتالي الحصول على تشخيص مبكر وعلاج أفضل.
من أهم الانجازات في مجمع السلمانية الطبي هو إنشاء وحدة العلاج البيولوجي، حيث تم توفير الأدوية البيولوجية وتدريب الكادر التمريض لإعطاء الأدوية البيولوجية، فوجود التثقيف الصحي وتوفير العلاجات البيولوجية المختلفة يعد إنجازا يضاف إلى إنجازات وزارة الصحة.
ما خطورة التأخر في العلاج؟
مرض الروماتويد لا يؤثر فقط على المفاصل، فهو مرض مناعي يؤثر على أي عضو في الجسم، لذلك التأخر في العلاج قد يسبب مضاعفات منها تشوه المفاصل وتليف في الرئة وجلطات مبكرة سواء في القلب أو الدماغ بسبب تصلب الشرايين وهشاشة العظام مبكرًا، لذلك ننصح بالعلاج المبكر وعدم التأخر في أخذه.
ما أثر الروماتويد على المرأة الحامل؟
75 % من الحوامل يتحسن المرض لديهن، ولكن يجب مناقشة الطبيب قبل التخطيط للحمل، إذ إن بعض الأدوية يجب إيقافها بـ 3 أشهر لأنها تسبب تشوهات في الجنين، ويذكر أن الروماتويد لا يؤثر على القدرة الإنجابية لدى المرأة.
ما نصائحك لمرضى الروماتويد؟
يبدأ العلاج من المريض بالاهتمام بصحته والأكل الصحي وممارسة الرياضة، وعند الشعور بأي أعراض عليه التوجه إلى الطبيب المختص وعدم إهمال أي عرض حتى لو كان بسيطا.
على المريض عدم إهمال العلاج ومراجعة طبيبه في حال أي أعراض جانبية قبل أن يقرر من نفسه تغيير العلاج.
هناك ملاحظة وهي لجوء بعض المرضى للطب البديل والأعشاب ما يعرضهم إلى مضاعفات جسيمة قد تكون أخطر من المرض نفسه.
ونصيحة مهمة لكل مرضى الأمراض المناعية، هي تجنب الإجهاد النفسي والعصبي، إذ إن التوتر سبب رئيس لتنشيط المرض.