عوامل مساعدة... كيف؟
استشارية أمراض الدم وسرطان الأطفال د. سهير آل سعد
ملحق «صحتنا في البلاد» يشارك العالم بهذه المناسبة من خلال هذا الملف الذي ستجدونه موجزًا ومهمًا جدًا من ناحية معلوماته. تحدثنا استشارية الجراحة العامة وجراحة الثدي والمناظير الطبيبة سهير خليفة آل سعد، وهي من أوائل الطبيبات على المستوى العربي في مجال الجراحة وتحمل شهادة البورد العربي في الجراحة العامة وزمالة الكلية الملكية الايرلندية في الجراحة العامة وزمالة كلية الجراحين الأميركية، فتقول إن سرطان الثدي ما زال الأكثر شيوعًا في العالم، وذلك يرجع لعوامل مساعدة، وهذه العوامل تنقسم إلى عوامل لا يمكننا التحكم فيها أو تغييرها وعوامل يمكننا التحكم فيها وتغييرها، فالمرأة كلما تقدمت في العمر تزداد نسبة إصابتها، وكذلك المرأة التي أصيبت في السابق بسرطان الثدي أو التي يوجد عندها تاريخ عائلي موجب لسرطان الثدي والمبيض والقولون وغيره، وهذه العوامل السابقة التي لا يمكننا تغييرها تحتاج أن نبدأ بالمتابعة في عمر مبكر وتكون منتظمة مع جراح ثدي.
لنعمل على تقليل النسبة
بالنسبة للعوامل التي يمكننا تغييرها والتحكم فيها فهذه مهمة جدًا كما تقول آل سعد؛ لأنها في أيدينا، مثل التغذية الصحية وممارسة الرياضة وجعلها نظام حياة، كما أن الزواج والإنجاب المبكر والرضاعة الطبيعية من العوامل المهمة التي يمكننا المحافظة عليها في مجتمعاتنا، علاوة على عوامل أخرى مثل الامتناع عن التدخين وشرب الكحول الذي أثبتت الدراسات أنهما يرفعان نسبة الإصابة بسرطان الثدي. وفي البحرين يعد سرطان الثدي أعلى نسبة سرطان ويليه سرطان القولون والمستقيم، وتبلغ نسبته 38 % من باقي الأورام، وهذه النسبة جاءت ضمن دراسة وبيانات إحصائية نشرتها وزارة الصحة خلال الفترة من 1998 إلى 2017.
وتضيف آل سعد: أعتقد أننا كمؤسسات طبية وكمواطنين يجب أن نعمل معًا لتقليل هذه النسبة بدعم وتشجيع حملات الفحص المبكر، والعمل على نشر الوعي والثقافة بالفحص الشخصي المنتظم وبالفحص المبكر عند طبيب جراح ثدي بدءًا من سن الأربعين وقبل ظهور الأعراض، بالإضافة إلى وضع برامج خاصة لمتابعة العوائل التي تعتبر معرضة للإصابة بالمرض بنسبة عالية مع أو من دون الفحص الجيني، فهذه الحملات الخاصة بالتوعية والفحص المبكر لم تقلل من الإصابة، ولكنها ساعدت في اكتشاف المرض في مراحله الأولى قبل ظهور أي أعراض، فأثمر ذلك نتائج ممتازة في نقص الوفيات وعدم رجوع المرض.
التشخيص خلال يوم واحد
إن عيادات جراحة الثدي المتطورة تتوافر فيها القدرة على تشخيص أورام الثدي خلال يوم واحد للأورام المحسوسة أو غير المحسوسة باليد، وهنا تحضر المريضة للتقييم الثلاثي ونقصد بذلك فحص الجراح اليدوي وتقييمه أولًا، ثم التقييم بالأشعة لدى اختصاصي الأشعة باستخدام (الماموغرام، الالتراساوند، أو المغناطيسية)، والطريقة الثالثة هي العينة بالإبرة الدقيقة أو الخزعة التي قد يقوم بها الجراح أو اختصاصي الأشعة إذا كان الورم غير محسوس، حيث تؤخذ العينة أثناء الأشعة وبالطبع لا بد من توافر طبيب المختبر (الباثولوجست) مع الفريق حتى يعطينا نتيجة العينة إن كانت حميدة أو خبيثة.
صبر مريضاتنا على الابتلاء
هذه المحطة مهمة جدًا، إذ تحدثنا آل سعد بقولها "لنناقش الآن عمليات الثدي ونحن نعرف تمام المعرفة أن الثدي عضو مهم للمرأة وصدمة استئصاله تعتبر كبيرة خصوصا لأنها تعني فقدان المرأة لعنصر رئيس من صفات الأنوثة، وهذا يسبب لبعض المريضات حالات استسلام وحزن وكآبة، ولولا صبر مريضاتنا على الابتلاء واحتساب الأجر من الله لوجدنا ارتفاعًا في نسبة الحالات النفسية لدى مريضاتنا، والحمد لله على نعمة الإيمان".
كيف تطورت جراحة الثدي؟
التطورات التي مرت بها جراحة الثدي يمكن تلخيصها في ما يلي:
- في أواخر القرن التاسع عشر كان يتم استئصال الثدي بأكمله مع الجلد فوقه والعضلات الموجودة PECTORAL MUSCLES خلف الثدي حتى منطقة الضلوع.
- في أواخر القرن العشرين بدأت عمليات استئصال الورم مع منطقة نظيفة حوله بعد دراسات طويلة أثبتت أن النتائج بين استئصال الثدي بأكمله واسئصال الورم فقط مع إعطاء الإشعاع لبقية الثدي بعد العملية متشابهتان، استئصال الثدي بالكامل مقابل استئصال الورم مع تعريض بقية الثدي للعلاج الإشعاعي، لكن استمر استئصال معظم الغدد اللمفاوية في كل الحالات مخلفًا وراءه ذراعًا متضخمة ثقيلة محدودة الحركة.
- انتقلنا في القرن الواحد والعشرين إلى عمليات أخذ عينة من الغدد اللمفاوية الأولية (عدد 1-2) بدلًا من استئصال الغدد اللمفاوية كلها، وساعد ذلك على حل مشكلة الانسداد اللمفاوي التي كانت تحدث بعد العمليات.
- وأخيرًا وصلنا إلى مرحلة مهمة بفضل الدراسات الحديثة التي قد تسمح بالاستغناء عن عمليات الإبط وإزالة الغدد اللمفاوية واستبدالها بالعلاج الإشعاعي فقط، وهذا يعني انتهاء عهد مضاعفات إزالة الغدد اللمفاوية.
الفحص في كل المراكز والمستشفيات
من المهم ألا نغفل عن أن ما ساعد التطور السابق في العلاج من وجهة نظري، والحديث للطبيبة آل سعد، هو توافر فحص الماموجرام لكل النساء فوق عمر 40 عامًا في معظم المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية والخاصة، هذا بالتالي سهل التشخيص المبكر عن طريق تقليل فترة انتظار المواعيد، ولا بد من القول إن جراحات أورام الثدي في وقتنا الحالي تطورت جدًا خصوصا مع تطور التشخيص واكتشاف المرض في مراحله الأولى، وأصبحت هذه الجراحات تشمل وضع خطة لاستئصال الورم بالكامل مع استئصال منطقة نظيفة محيطة مع عدم إهمال أن يكون الجرح تجميليًا لإصلاح بقية الثدي وتركه في وضعه المقبول، وإن أمكن معادلة حجم الثدي الآخر بحجم الثدي المصاب، ويحدث ذلك بطرق عدة منها:
- يكون بتحريك أنسجة الثدي نفسها لتملأ الفراغ مكان الورم المستأصل، وهذه الطريقة مناسبة إذا كان حجم الثدي كبيرًا.
- نقل رقعة (سديلة) تحتوي على جلد وطبقة شحم وأحيانًا عضلة من منطقة قريبة أو منطقة بعيدة.
- وضع حشوة سليكون كاستبدال كامل أو جزئي للثدي.
- حقن دهون من نفس المريضة تؤخذ من منطقة أخرى كالبطن بعملية سحب أو شفط، وبعد معالجتها تحقن في نفس الوقت في الثدي، قد نصل قريبًا لمرحلة أن تكون هذه الطريقة هي الأولى مع التطورات في استخدامها.
وهذه العمليات يمكن القيام بها حالًا أثناء العملية الأولى عند استئصال الورم أو بعد ذلك خلال أسبوعين من العملية الأولى إذا تم التأكد من تحليل الورم أنه استؤصل بالكامل، أو متأخرًا بعد الانتهاء من العلاج الكيميائي والإشعاعي، أو لاحقًا لإصلاح العيوب، وكل مرحلة لها مميزاتها وعيوبها وتعتمد على مرحلة المرض وحالة المريضة نفسها.
وختامًا تحمل الطبيبة سهير آل سعد البشرى فتقول "أريد أن أبشر مريضاتنا اللائي أصبن بانسداد ليمفاوي من العمليات القديمة وتسبب ذلك في انتفاخ الذراع بأكمله ومحدودية الحركة أن خيارات جراحية جديدة ظهرت لمساعدتهن في علاج المشكلة، مع دعواتنا لهن جميعًا بالشفاء التام".