الحمل ليس حلمًا... لا يأس مع تكرار عملية أطفال الأنابيب
استشارية أمراض نساء وولادة وعقم وأطفال أنابيب د. سميرة مدن
يعد الحمل الطبيعي حلم كل زوجين، إلا أن هذا الحلم قد يستغرق أعواما عند البعض بسبب وجود مشكلات قد يعاني منها الزوج أو الزوجة، وفي الوقت الذي ييأس فيه البعض من حدوث الحمل الطبيعي، قالت المدير الطبي لمركز “إيفا” استشارية أمراض نساء وولادة وعقم وأطفال أنابيب الدكتورة سميرة مدن «إن الحمل ليس حلمًا، إذ يمكن تحقيق ذلك الحلم عبر إجراء عملية أطفال الأنابيب أو ما يطلق عليه الإخصاب الأنبوبي، وذلك عبر وضع البرتوكول المناسب للزوج والزوجة قبل البدء في مراحل العملية، إذ إن انتقاء البرتوكول المناسب يساهم في نسبة النجاح».
وفي الوقت الذي قد ييأس بعض الأزواج من عدم نجاح العملية، إلا أنه مع تطور العلم فقد تحقق حلم الأمومة لدى العديد من النساء بعد اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب، وقد وجهت مدن رسالة لجميع السيدات اللواتي يحلمن بالأمومة بعدم اليأس في حال تكرار عملية أطفال الأنابيب، مؤكدة ضرورة اتباع جميع الإجراءات الصادرة من الطبيب المختص والتي قد تساهم بشكل كبير في نجاح العملية، وفي ما يلي نص اللقاء.
كتلة جسم المرأة يجب أن تكون أقل من 27 قبل البدء في العملية
متى يتم اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب؟
يتم اللجوء إلى الإخصاب الأنبوبي عندما تعاني الزوجة من انسداد قناتي فالوب، حيث لا تستطيع الحيوانات المنوية الوصول للبويضة لإخصابها، وفي بعض حالات تكلس المبيضين، وحالات مرض البطانة الرحمية الهاجرة، إضافة إلى أنه يتم اللجوء إليها في حال بلغ عمر المرأة ما بين 35 و40 عامًا وذلك لضيق الوقت وتجنب إضاعة فرصة المحاولة.
ويتم إجراء عملية الإخصاب الأنبوبي أيضًا إذ كان يعاني الرجل من نقص أو قلة حركة الحيوانات المنوية أو وجود تشوهات فيها، إذ يتم وضع الحيوانات المنوية مع البويضة مباشرة دون وجود حاجة لانتقال السائل المنوي إلى البويضة عبر القناة النسائية، وفي هذه الحالة يتم اختصار الوقت والجهد على الحيوان المنوي الضعيف.
كما يتم اللجوء إليها عندما يعاني الرجل من تولد أجسام مضادة للحيوان المنوي وفي حالات العقم غير معروفة السبب Antisperm Antibody.
وفي هذه العملية يتم إخصاب البويضة بالحيوان المنوي خارج رحم جسم المرأة في حاضنات خاصة ذات وسط ملائم لنموها، حيث تتكاثر لمرحلة معينة ما بين يومين و5 أيام ليعاد بعد ذلك الجنين إلى الرحم.
هل يتم اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب في حال كانت تعاني المرأة من تكيس المبايض؟
لا يتم اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب في حال كانت المرأة تعاني من تكيس المبايض، إلا في حال تم استنفاد جميع طرق العلاج، يتم اللجوء إلى العملية كخيار أخير في حال عدم نجاح طرق العلاج المتبعة في علاج التكيس.
للدعم النفسي دور أساس في نسبة النجاح أو الفشل
ما نسبة نجاح العملية، وما العوامل التي تؤثر على نجاحها؟
يعتمد نجاح العملية على عوامل عدة كسبب العقم عند الزوجين، والبرتوكول المستخدم من قبل الطبيب لتنشيط الإباضة واستجابة المبيضين للتنشيط، وذلك من حيث عدد البويضات وطبيعتها، ونسبة النجاح في بعض الأحيان تعتمد على عدد البويضات الملقحة المنقولة إلى الرحم، إذ تقل نسبة النجاح كلما قل العدد، إلا أننا نواجه مشكلة الحمل التوائم وتعدد الأجنة الذي قد يؤدي إلى بعض المضاعفات في فترة الحمل للأم وإلى الأجنة كارتفاع نسبة الإجهاض أو الولادة المبكرة، لذا لا ننصح بإعادة أكثر من ثلاثة أجنة أو اثنين في معظم المراكز، إلا أنه في بعض الحالات الخاصة هناك توجه جديد لنقل جنين واحد.
ومن العوامل التي تؤثر على نسبة النجاح أيضًا سماكة بطانة الرحم، إذ إنها تؤثر على التصاق الجنين بالرحم، وقد تستخدم أحيانا مادة لتساعد على ذلك، هذا إضافة إلى الأمور التي تتعلق بالمختبر وما يستخدمه من مواد في التحضير للعملية والبروتوكول المستخدم في الحاضنة التي يتم وضع فيها البويضات الملحقة، إذ إنها تؤثر أيضًا على نسبة النجاح.
ما أهم أسباب فشل عملية أطفال الأنابيب؟
تتأثر الأجنة بنوعية البويضات ونوعية الحيوانات المنوية، فكلما زاد عمر المرأة تكون نسبة نجاح العملية أقل، ويمكن أن يكون ذلك بسبب أن البويضات الأكبر عمرا تكون أقل قابلية للتلقيح، هذا بالإضافة إلى أن وجود تشوه في أشكال الحيوانات المنوية يؤثر أيضًا على نسبة النجاح، إذ إن تشوهها يؤدي إلى تشوه الأجنة بسبب تشوه الكروموسومات، لذا فإن الأجنة في هذه الحالة لا تلتصق بجدار الرحم أو قد ينتهي الحمل بالإجهاض في عمر 8 أسابيع، كما أن سبب الفشل أحيانًا يكون في البطانة الداخلية للرحم، حيث إنه يجب أن تستجيب البطانة لهرمونات الجسم وتتهيأ لاستقبال الحمل، إلا أنه في بعض الحالات تكون البطانة رقيقة بحيث يصعب التصاق الجنين بها، وعلى الرغم من تعدد الأسباب إلا أن العلم يسعى إلى إيجاد الحلول لهذه المشكلات.
متى يتم إعادة العملية بعد فشلها؟
لا يوجد تحديد لعدد المرات، ولكن يعتمد ذلك على الظروف الاقتصادية الخاصة بالزوجين والوضع النفسي لهما، كما أنه في حال تعرض المريضة إلى الزيادة المفرطة للمنشطات، نلجأ إلى تجميد بعض الأجنة بحيث يتم الانتقال إلى المرحلة التالية في عملية أطفال الأنابيب دون الحاجة إلى إعادة تنشيط المبيضين؛ لتجنب تعريض المريضة لهرمونات التحريض، بالإضافة إلى تقليل العبء المادي على الزوجين.
ما العوامل التي تساعد على نجاح عملية أطفال الأنابيب؟
هناك عوامل عدة قد تساهم في نجاح العملية، من أهمها انتقاء البروتوكول المناسب إلى الحالة بعد إجراء الفحص السريري والفحص بواسطة جهاز الموجات فوق الصوتية في أول يوم في الدورة؛ للتأكد من وضع المبيضين والرحم، مع إجراء الفحوصات المخبرية الهرمونية الخاصة والشاملة للدم، مع ضرورة علاج أي خلل هرموني إن وجد.
كما يجب تهيئة الجو المناسب لنجاح العملية كتخفيف الوزن، إذ إن وزن المريضة يلعب دورا مساعدا في حدوث الحمل، لذا ننصح في بعض الحالات ببرنامج غذائي خاص، هذا بالإضافة إلى التأكد من عدم وجود معوقات داخل جسم المرأة كالتصاقات الرحم أو الألياف الرحمية والتشوهات الخلقية في الرحم، التي قد تتعارض مع نمو الجنين عند حدوث الحمل، وذلك بإجراء عملية التنظير الرحمي أو البطني حيث يكون هذا الإجراء تشخيصيا وعلاجيا.
ومن هذا المنطلق نؤكد أن هذه الإجراءات تعد ضرورية حتى لا يحدث تعارض مع خطوات عملية أطفال الأنابيب، هذا بالإضافة إلى أنه يجب تهيئة جسم الرجل بإجراء الفحص المخبري للسائل المنوي وصرف الأدوية اللازمة في حال استدعى ذلك.
وبعد اختيار البرتوكول المناسب للزوجين لابد من أخذ الحقن اللازمة لحث المبيض مع التقيد باليوم والكمية التي يحددها الطبيب، ولابد من مراجعة الطبيب بالوقت الذي يحدده، إذ إن الالتزام بالوقت يعد عاملا مهما لرصد الإباضة ولتحديد اليوم المناسب لجمع الحويصلات من المبيضين، بالإضافة إلى إجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية خلال فترة المعالجة؛ لتجنب مشكلات فرط الاستجابة للمبايض وما يصاحبها من مشكلات صحية، كما يفضل امتناع الزوج عن الجماع قبل سحب البويضات بحوالي ثلاثة أيام، أما في يوم السحب فهناك دراسات جديدة بإجراء تجريبي (Mock Transfer) يساعد في نجاح العملية، عبر تحديد قياسات الرحم والزاوية والأداة المناسبة لإرجاع الأجنة، وبعد عملية السحب لابد من صرف العلاجات المدعمة التي تساعد على ثبات الأجنة بعد إرجاعها وتمنع التقلصات الرحمية. وأخيرًا يجب تقديم الدعم النفسي للزوجين، إذ إن هذا الدعم يعد من العوامل الأساس لنجاح أي عملية، إذ إنه يلعب دورا أساسا في نجاحها، فالاضطراب النفسي يسبب تغييرات بيولوجية في الجسم.
ما النصائح الخاصة للمقبلين على عملية أطفال الأنابيب؟
ننصح المرضى المقبلين على عملية أطفال الأنابيب أولًا بزيارة الطبيب قبل البدء في التنشيط والتحفيز لعمل الفحوصات والتحاليل اللازمة، كإجراء مسحة لعنق الرحم وخزعة لبطانة الرحم إذا تطلب ذلك، وعمل التحاليل المخبرية كالغدة الدرقية وهرمون الحليب وتحليل نسبة الدم وتحاليل الأمراض الجنسية، وننصح بأخذ الفيتامينات مثل الزنك والفوليك والأسبرين، مع ضرورة ممارسة رياضة المشي لكونها تساعد في تنشيط الدورة الدموية وتساعد على تخفيف الوزن، إذ يفضل ألا تكون كتلة الجسم أكثر من 27، كما يفضل الابتعاد عن الوجبات السريعة والمعلبات لما تحتويه من مواد حافظة ضارة، ويفضل الابتعاد عن تناول بعض الأطعمة كالكبدة واللبن المخيض والمرتديلا، والنقانق والبيض غير المطهو جيدًا والمايونيز والأكلات الضارة التي تحتوي على أصباغ صناعية مضرة، كما لابد من التوقف عن العلاجات المستخدمة لتخفيف الوزن والكريمات الخاصة لما لها من تأثير ضار. ويفضل الإكثار من السوائل والأفضل شرب من 7 إلى 8 كؤوس في اليوم، مع التقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية، والتقليل من القرفة والشوكولاتة والبقدونس والحلبة.
ويفضل الابتعاد عن استنشاق الأبخرة الناتجة عن بعض مواد التنظيف، إضافة إلى أنه لا ينصح بالجماع في الأسبوعيين التاليين لإرجاع الأجنة، بجانب ضرورة تجنب الإجهاد الجسدي مع إمكان ممارسة فعاليات الحياة العادية البسيطة، كما ننصح بعدم أخذ الحمامات الساخنة جدا أو استخدام الجاكوزي الممتلئ بمياه ساخنة، إذ إنها ترفع درجة حرارة الجسم وقد تسبب الإجهاض، لذا يمكن الاستعانة بالماء الدافئ عند الاستحمام.
وأنصح السيدات بعدم أخذ وصفات أو خلطات من الأعشاب، إذ إن البعض يعتقد أن هذه الخلطات تساعد على ثبات الحمل، إلا أنها قد تسبب ضررا، لذا ننصح بأخذ المسكنات والمثبتات التي يتم وصفها من قِبل الطبيب المختص.