قصص العذاب وانتظار الفرج.. المرضى يسطّرون فصول الحكاية
أردنا أن نستمع إلى قصص وتجارب بعض مرضى الفشل الكلوي وذويهم، وأن تكون قصصهم من باب إيصال صورة عما يعانونه دون إعلان أسمائهم أو صورهم، لكن تفاجأنا بأن كل المرضى الذين تواصلنا معهم كانوا يؤكدون على أهمية نقل تجاربهم لكي يستفيد الآخرون ولا يقعون فيما وقعوا فيه، فمن زاوية، هي رسالة توعية، ومن زاوية أخرى، هي الإجماع على أهمية إنشاء مركز لزراعة الكلى في مملكة البحرين.
ارتفع السكر فأرعبني وضعي
فجأة، وجد المواطن "ج.م" صحته وقد تدهورت بشكل سيء.. فالمواطن، وهو في الخمسين من العمر، متزوج وله خمسة أبناء، كان يتمتع بجسم قوي لطبيعة عمله في المعدات الثقيلة، إلا أنه بعد نقله إلى المستشفى وإجراء الفحوصات الدقيقة، تبين أنه نسبة السكر لديه مرتفعة إلى 400 ملغم.. لكن الأخطر في الأمر هو اكتشاف تعرض كليته لضرر كبير جدًّا توجّب إدخاله للعناية المركزة لمدة شهرين تقريبًا.
تجربة قاسية.. احذروا إهمال صحتكم
"تجربتي كانت قاسية علي وعلى عائلتي وأصدقائي.. تخيل أن يشاهدك أهلك وأنت البطل كما يقولون، ملقيًا على فراش المرض في حالة سيئة بين الحياة والموت"، يقول المواطن الذي حظي بالرعاية الطبية لحين استقرار حالته الصحية، فبدأ برنامجًا علاجيًا لضبط السكر ثم استمر في متابعة الاستشاريين في تخصص الكلى حيث اكتشفوا وجود التهابات كادت تصيبه بالفشل الكلوي، وهذه الالتهابات كوّنت على الكلى غشاء من البكتيريا الخطرة، لكن، ولله الحمد، يقول المواطن "ج"، تم علاج الالتهاب وتطلب ذلك عدة مضادات، إلا أنه حمد الله على نجاة كليته، أما الداء السكري، فأصبحت حياته أفضل بكثير لأن خوفه كان كبيرًا من تضرر كليته والإصابة بالفشل، والآن هو يواصل اتباع نظام غذائي وأدوية ومراجعة دورية وتحاليل مستمرة لضمان صحته مستقرة.
وينصح كل إنسان بألا يهمل نفسه ولا سيما فيما يتعلق بتغيير الأنماط الخاطئة: "أهملت صحتي كثيرًا.. فكنت أتناول كميات كبيرة من الطعام ولا سيما السكريات واللحوم، ولم أكن أمارس الرياضة معتقدًا بأن عملي الشاق يكفي، وهذا صحيح، فالعمل الثقيل يسهم في حرق السعرات الحرارية، على ألا يكون السكر أعلى من الطبيعي، وأنا أنصح كل إنسان من سن الثلاثين، ألا يهمل الفحص الطبي الشامل كل ستة أشهر، وألا يهمل مراجعة الأطباء كما كنت أفعل.. عندما أمرض كنت أعالج نفسي بالأعشاب وغيرها، حتى أن بعض الحالات المرضية التي تنتابني لا أزور فيها الطبيب إلا نادرًا.. فأرجوكم أعزائي، تحذروا من الداء السكري لتحموا أنفسكم من الفشل الكلوي".
عيب خلقي وآلام شديدة
في العام 2005، وعندما كانت حاملًا، وعن طريق الصدفة، اكتشفت طبيبة النساء والولادة مشكلة لدى المواطنة "أ.ع" حينما كانت تجري لها فحص الجنين بالتلفزيون، ووجدت صورة غير مطمئنة عن كليتها، وعلى الفور، قررت الطبيبة تحويلها إلى استشاري الكلى، وبالفعل تم الأمر".
أجرى الاستشاري التحاليل وصور الأشعة ليتم اكتشاف ضمور الكلى، وبعد التشخيص تبين أن عيبًا خلقيًا في الكلى يسبب لها الآلام بين فترة وأخرى، لكنها كما تقول، كانت تراجع الأطباء طوال حياتها فهي في الثامنة والأربعين، وحينما تنتابها نوبات الألم الشديد في الكلى، كانت تتلقى العلاج على أن السبب هو الأملاح أو التهابات في المسالك البولية، حتى ذلك العام الذي تم فيه اكتشاف العيب الخلقي في كليتها، وجاء القرار بأن تجري عملية جراحية لتصحيح وضع كليتها بعد أن تضع مولودها، ومع بلوغ طفلها الخامسة من عمره، أجرت العملية، وقد مضى عليها الآن أكثر من 5 سنوات، فالكلية تعمل بنسبة 20 بالمئة، إلا أن مشاكل نوبات الألم التي كانت تصاب بها انخفضت بشكل كبير، ومع المتابعة العلاجية والطبية ودور الأطباء المهم، تمضي على النصائح والإرشادات لكي تحمي كليتها، وتؤكد هنا أنها تنصح أي إنسان يشعر بآلام ومشاكل متكررة في الكلى أن يبادر لاستشارة طبيب متخصص ذي خبرة، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه".
هكذا أصيبت والدتي
يحكي المواطن "ع.ر" إصابة والدته البالغة من العمر 70 عامًا بالفشل الكلوي والسبب الرئيسي في ذلك التقدم في السن وكذلك إصابتها بضغط الدم المرتفع والسكري، وحينما أبلغنا الأطباء الخبر أصبنا الدهشة، لكننا أعدنا التحاليل وزرنا أكثر من طبيب متخصص في الكلى لتأتي النتائج كلها متطابقة حيث الزلال الكثيف على الكلى، والحزن كان كبيرًا عندما تدهورت صحة الوالدة ولكن لابد من إجراء الغسيل الكلوي الذي يتعبها ويتعبنا.. نسعى ونتابع من أجل إيجاد فرصة لزراعة كلى، ولكن الفرص صعبة للغاية، وكل ما نتمناه نحن وكذلك مرضى الفشل الكلوي أن يتم تخصيص مركز متخصص لزراعة الكلى لإنهاء عذاب المرضى.
لدينا الكثير من قصص المرضى وعذاب المشوار، وكذلك معاناة أهاليهم، إلا أن المطلب الرئيس لهم جميعًا هو الإسراع في إنشاء مركز مخصص لزراعة الكلى في البحرين، سواء من الأقارب المتبرعين أو المتوفين دماغيًا، وكل الأمل في أن يرى هذا المشروع النور.