+A
A-

”مطبات” أستاذة البيئة والفنانة والموسيقية سمية يوسف

في‭ ‬لحظة‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬”اليأس”‭...‬‭ ‬وقلت‭:  ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬الدكتوراه

هذه‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬مسارها،‭ ‬لكنها‭ ‬تأخذنا‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬الاعتزاز‭ ‬والفخر‭ ‬بالكوادر‭ ‬البحرينية،‭ ‬ولعلنا‭ ‬نذكر‭ ‬قراءنا‭ ‬الكرام‭ ‬ونحن‭ ‬نستضيف‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ "‬الوجه‭ ‬الآخر‭" ‬أستاذة‭ ‬الهندسة‭ ‬البيئية‭ ‬المساعدة‭ ‬بقسم‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبيئة‭ ‬بكلية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬بجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬سمية‭ ‬يوسف‭ ‬أنها‭ ‬رفعت‭ ‬اسم‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬حين‭ ‬منحتها‭ ‬منظمة‭ "‬فينوس‭" ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2021‭ ‬جائزة‭ ‬المرأة‭ ‬الباحثة‭ ‬المتفوقة‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬البيئية‭ ‬والاستدامة،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬الخبراء‭ ‬واللجنة‭ ‬العليا‭ ‬للجائزة،‭ ‬والمدهش‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬ضيفتنا‭ ‬حاصلة‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬فينوس‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬لفئة‭ ‬المرأة‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬كما‭ ‬فازت‭ ‬بجائزة‭ ‬لوريال‭ ‬اليونسكو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬للعام‭ ‬2013،‭ ‬كما‭ ‬اختيرت‭ ‬نموذجًا‭ ‬للنساء‭ ‬الباحثات‭ ‬العربيات‭ ‬اللاتي‭ ‬قدمن‭ ‬مساهمات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إدارة‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬دولهم‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬البيئة‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬افريقيا‭ ‬ECO‭ ‬MENA‭ ‬للعامين‭ ‬2016‭ ‬و2019،‭ ‬وهي‭ ‬حائزة‭ ‬على‭ ‬زمالة‭ ‬الحكومة‭ ‬اليابانية‭ ‬للدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006،‭ ‬وعضوية‭ ‬فريق‭ ‬خبراء‭ ‬لجنة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لغرب‭ ‬آسيا‭ ‬UN‭ ‬ESCWA‭ ‬ولها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬البحثية‭ ‬والمشاركات‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬وفعاليات‭ ‬دولية،‭ ‬والكثير‭ ‬عبر‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬الحوار‭.‬

اختارني‭ ‬التخصص‭.. ‬هكذا‭ ‬البداية

تخصصي هو علوم بيولوجيا، والمجال البيئي يدخل ضمن مجال دراستي، وسبحان الله، شاءت الظروف أن أتخصص في مجال البيئة، وأستطيع القول إنني لست من اختار لكن التخصص اختارني، وشاء الله أن أتخصص في هذا المجال لإيماني بأن البيئة هي الأولوية دائمًا، بل هي الكرة الأرضية والطبيعة وكل ما يحيط ويرتبط بالإنسان ويمسه بشكل مباشر وغير مباشر، وأي دراسة تتعلق بالبيئة فبالضرورة ترتبط بتطور حياة الإنسان.

بعد تخرجي من المرحلة الثانوية التحقت بجامعة البحرين، وفي الواقع كنت أرغب في دراسة الطب وكان هذا طموحي، وكما تعلم فإن كل خريج من المرحلة الثانوية بمجموع عال يطمح لدراسة الطب، وكنت أسعى لدراسة الطب، إلا أنني وجدت فرصة لدراسة البيولوجيا وأحببت هذا العلم لأنه قريب من قلبي ومرتبط بما خلق الله وما يحيط بالإنسان، وشعرت أن هذا التخصص يناسبني كثيرًا، وبعد التخرج من جامعة البحرين، أصبح لدي اهتمام بمجال التغذية والكيمياء الحيوية، وكان لدي طموح لإكمال دراساتي العليا، لهذا عملت في جامعة البحرين لمدة 3 سنوات في قسم علوم الحياة. وفي العام 2006 تقدمت للحكومية اليابانية لإكمال دراستي وتم اختياري من ضمن المبتعثين بعد اختبارات ومقابلات، ولم أكن أتوقع قبولي أبدًا، لكن هذا كان تحولًا مهمًا في حياتي، وحين ذهبت إلى اليابان كنت متخصصة في علم التغذية، وهناك درست تخصص مجال استدامة الأنظمة الحيوية، وقضيت قرابة عام ونصف في جامعة هوكايدو التي تقع في سابورو وهي عاصمة جزيرة هوكايدو، كانت الدراسة باللغة الإنجليزية، لكن تعلمنا اليابانية، فلكي تعيش في اليابان لابد من أن تتعلم لغتهم.

 

اليابانيون‭.. ‬كوكب‭ ‬آخر

يقال‭ ‬إن‭ ‬اليابانيين‭ ‬مخلوقات‭ ‬مبرمجة‭ ‬على‭ ‬النظام،‭ ‬كيف‭ ‬وجدتينهم؟

يطول الحديث عن المجتمع الياباني.. شعرت بأنني في كوكب آخر أو عالم آخر، فقد سبقونا سنينا إلى الأمام، وكأننا ذهبنا للمستقبل، فنظام المجتمع "غير طبيعي"، والشعب الياباني مبرمج ومنظم في كل شيء على نمط حياة دقيق، وكما قال الإعلامي أحمد الشقيري في برنامج "خواطر" حين يزور بعض الدول غير الإسلامية "وجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين"، فالأخلاق والتنظيم والاهتمام بالبيئة والموارد والاهتمام بالنعم يمكن ملاحظته بشكل جلي في الحياة اليومية في اليابان، حتى أنك لا تدخل إلى المنزل بالحذاء، ومن قمة الأخلاق لديهم مراعاة الأدب والنظافة، وليس لديهم هدر في الأغذية ويعرفون قيمة ما يتخلصون منه.

 

سابورو‭ ‬يوكي‭ ‬ماتسوري

عام‭ ‬ونصف‭ ‬في‭ ‬هوكايدو‭ ‬الجليدية،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬شدك‭ ‬فيها؟

خلال فترة دراستي هناك لم أخرج كثيرًا من العاصمة سابورو، وهي من المناطق الريفية؛ لأن هوكايدو جزيرة في أقصى الشمال وطقسها شديد البرودة، وحركتنا كطلبة في سكن الجامعة محدودة، مع أن هناك من الطلبة من كان ينظم رحلات إلى طوكيو وأوساكا وجزيرة أوكيناوا وهي جزيرة استوائية جميلة تشبه هاواي، ولم تتسن لي الفرصة للذهاب معهم، لكن سابورو في حقيقتها حلوة والناس فيها منظمون والحياة جميلة، وهناك مهرجان سنوي للثلج يسمونه "سابورو يوكي ماتسوري" ويعملون مجسمات من الجليد في شهر فبراير من كل عام وتبقى المجسمات منحوتة لمدة 3 أشهر ولا تذوب؛ لأن درجة الحرارة منخفضة في الجزيرة.. بصراحة أحببت هذا المهرجان ووجدت فرصة لالتقاط بعض الصور ومقاطع الفيديو.

تعلمت‭ ‬التصميم‭ ‬على‭ ‬النجاح

لمن‭ ‬تدينين‭ ‬بالعرفان‭ ‬في‭ ‬مسيرتك؟

لله الحمد والمنة، تربيت في أسرة مثقفة وتشجع العلم، وبعد التوفيق والفضل من الله سبحانه وتعالى، يمثل دعم الوالدين ركنًا مهمًا، فوالدي ووالدتي أطال الله عمرهما يشجعاننا على المثابرة والنجاح وحب العلم والتصميم على النجاح لتأدية رسالتنا في الحياة، فالله خلقنا لنخدم البشرية بعلمنا وعملنا، ووالدي يكرر هذه العبارة كثيرًا، كما لا يمكن نسيان تشجيع الوالدة وتضحياتها، ومن ثم يأتي دعم زوجي وأولادي، فهم السند الكبير في حياتي.

 

جوائز‭.. ‬روافع‭ ‬للإنسان

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬حققت‭ ‬فيه‭ ‬جوائز‭ ‬عالمية،‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬يأخذك‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز؟

في العام 2013 فزت بجائزة "لوريال اليونيسكو"، أما جائزة "فينوس" فحققتها مرتين الأولى في العام 2016 والثانية في العام 2021، وهذه الجوائز بمثابة روافع للإنسان وأعتز بهما وشرف كبير أن يرفع أبناء البحرين اسم بلادهم في هذه المحافل، فهذا مقام رفيع نرد فيه ولو الشيء اليسير من جميل بلادنا علينا، وبعون الله، أنا وغيري نسعى لنحقق أعلى المراتب.

 

الفن‭ ‬والألوان‭ ‬والموسيقى

نعرف‭ ‬أنك‭ ‬فنانة‭ ‬تشكيلية‭ ‬وعازفة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انشغالك‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العلمية،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬صحيح؟

للفن مكان مهم في حياتي، فأنا فنانة تشكيلية وعازفة وأنشر بين حين وحين في حسابي على الانستغرام بعضًا من هواياتي.. أحببت الفن من صغري، وأنا عضو في جمعية البحرين للفن المعاصر منذ أيام الجامعة، وأشارك في معارض الجامعة وكذلك لي مشاركات في معرض الفنون التشكيلي، وتأثرت بالفنان المرحوم راشد العريفي والفنان عبدالكريم العريض (الله يطول عمره)، وبعد الدخول في عالم الدراسات والبحوث ابتعدت عن المجال لكن ما تزال المحاولات قائمة.

 

مشواري‭ ‬جهاد‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة

هذه‭ ‬المسيرة‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬أخذت‭ ‬منك‭ ‬أو‭ ‬أضافت‭ ‬إليك؟

صقلت تجربتي وشخصيتي، وكل إنسان يمر بعقبات، ولكل شيء ثمن وتضحيات كبيرة، ولا شيء يأتي بلا تعب، وكل من عايش مسيرة الدراسة الجامعية العليا يدرك هذا المعنى، حتى أن مسيرة دراستي للدكتوراه كانت بمثابة جهاد بكل معنى الكلمة، ووقعت في مطبات كبيرة حتى وصلت لدرجة اليأس والاستسلام، وفي لحظة من اللحظات قلت لنفسي: لا أريد الدكتوراه، بل في السنة الأخيرة كنت سأتخذ قرارًا بالتوقف لأن المشوار كان صعبًا جدًا، إلا أنه بتوفيق من الله سبحانه وتعالى أكملت، وبدعم من حولي من أهل ومعارف ودعم رئيس جامعة الخليج العربي خالد العوهلي، وعميد شؤون الطلبة عبدالرحمن يوسف الذي كان الداعم الأساسي في كل المطبات التي وقعت فيها، وكانوا خير معين لي ولم يقصروا معي.