+A
A-

لين عزام

إن‭ ‬أغلق‭ ‬الله‭ ‬بابًا‭ ‬كنت‭ ‬ترجاه‭ ‬فسيفتح‭ ‬لك‭ ‬أبوابًا‭ ‬خيرًا‭ ‬منه،‭ ‬وستدرك‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لاحقًا‭.. ‬هكذا‭ ‬آمنت‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬وكلما‭ ‬كبرت‭ ‬كان‭ ‬يزداد‭ ‬يقيني‭ ‬بهذه‭ ‬الحكمة،‭ ‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬بها‭ ‬أتجاوز‭ ‬الصعاب‭ ‬نظرًا‭ ‬لإيماني‭ ‬التام‭ ‬بأن‭ ‬أقدار‭ ‬الله‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تأتي‭ ‬بشكل‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬أمانينا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬غرسته‭ ‬بي‭ ‬عائلتي‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حرمت‭ ‬منه،‭ ‬فقد‭ ‬رحمت‭ ‬من‭ ‬شره‭.. ‬ولذا‭ ‬كل‭ ‬الأقدار‭ ‬خيرة‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬أحزنتنا‭.. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬منهاج‭ ‬حياتي‭ ‬الذي‭ ‬وضعته‭ ‬نصب‭ ‬عيني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬أسير‭ ‬بها‭. ‬ 

درست تخصصًا كنت لا أحلم إلا بسواه، ولو عاد بي الزمن فسأختاره مرة ثانية وأنا مغمضة العينين، هو شغف الطفولة وهدف العمر.. "الهندسة المعمارية".. التخصص الذي تطلعت دومًا للانضمام إلى عالمه، لم يكن من ضمن خيارات عدة وضعتها في بالي، ولكنه كان الخيار الأوحد الذي صممت على دراسته وكأنما خلي العالم من باقي التخصصات، وكلما مرت الأيام كلما ازددت يقينًا بحسن اختياري له. كنت دائمًا أشعر بأن هذا المجال فيه استخدام للعقل ولجميع مهارات الإنسان الأخرى وهذا ما جذبني له، كونه يدمج بين تخصصات عدة كالتكنولوجيا والفن والتخطيط والتصميم والبناء والتحليل.. ولذا سعيت إلى تحقيق هذا الحلم بكل ما أملك من قدرات، ولأنني كنت أشعر فيه بتحدٍ لكل قائل إنه "مجال حكر على الذكور"! متناسين إنجازات نساء قد صدحت أسماؤهن في سماء العالمية وعلى رأسهن المهندسة العراقية زها حديد التي هدمت حاجز تقدم النساء في هندسة العمارة، حتى أصبحت قدوة يحتذى بها وبتصاميمها الخيالية وباتت تشكل مصدر إلهام لدى كثير من المهندسين والمهندسات وأنا من ضمنهم.

في خضم عملي بمجال هندسة العمارة تعلمت الكثير من الدروس التي تتمثل في اكتسابي مهارات عديدة، كالقدرة على مواجهة التحديات وإيجاد حلول بطرق جديدة ومبتكرة والمرونة أيضًا في التعامل مع شتى الصعوبات، إضافة إلى تعزيز مهارة التصور والتصميم والابتكار في ميدان الفن المعماري، إلى جانب دعم أساليب ومهارات الإقناع الشفهية والكتابية والمرئية للدفاع عن المشروع، والقدرة على العمل مع فريق متعدد الاختصاصات سواء في القطاع الخاص أو العام.

ما تمكنت من تحقيقه يعود فضله لله ثم لعائلتي التي لم تتوان للحظة واحدة عن دعمي أو الوقوف بجانبي، فهم مصدر قوتي وهم أول من آمنوا بي وبقدراتي وعزموا على تشجيعي للدخول إلى مجال الهندسة، ومن هذا المنبر أوجه رسالة لطلبة الهندسة الذين يقفون على عتبات التخرج، مجال عملنا مرهق ومجهد ولكن النتائج التي سترونها بعد تحقيقكم لمشروع معين هي ما ستشعركم بحلاوة كل لحظة ألم وتعب عايشتموها.. فتذكروا أنتم من تبنون الشكل الذي سيعيش فيه العالم بالمستقبل.