«القاتل الصامت» أوقفه اليوم قبل أن يدمر حياتك
هو القاتل الصامت الذي يقف خلف ذلك الجدار وقد يتسلل إلى حياتك من دون أن تعرف ذلك، هو قاتل يحكم على المريض بالإعدام إذا تسلل ببطء ولم يكن صاحبه يعرف ما يحدث في جسمه.
سمي بالقاتل الصامت؛ لأنه قادر على التخفي والدخول في أي وقت لحياتنا من دون أن ندرك ما قد يسببه من مضاعفات، لكنه لن يكون قاتلًا إذا استطعت أن تتحكم فيه وأن تدخل في المعركة معه مبكرًا؛ بأخذ الأدوية بانتظام وتغيير نمط الحياة.
القاتل الصامت هو ارتفاع ضغط الدم الذي بدأ يتسلل إلى حياتنا حديثا بشكل كبير، حتى أن العديد من الشباب أصبحوا يعانون منه جراء تغير نمط الحياة والضغوطات التي يتعرضون لها.
ويعتبر ارتفاع ضغط الدم حالة مرضية خطيرة تزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والدماغ والكلى وأمراض أخرى، ويعد أحد الأسباب الرئيسة للوفاة المبكرة في العالم، وبحسب منظمة الصحة العالمية يقدر عالميا أن نحو 1.28 مليار شخص بالغ من الفئة العمرية 30-79 سنة مصابون بفرط ضغط الدم. وتتمثل إحدى الغايات العالمية فيما يتعلق بمكافحة الأمراض غير السارية في تخفيض معدل انتشار فرط ضغط الدم بنسبة 33 % في الفترة ما بين 2010 و2030.
وقد تضاعف عدد الأشخاص في العالم الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بين 1990 و2019، وبلغ 1.28 مليار بين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاما. ومن المخيف أن ما يقارب نصف هؤلاء الأشخاص لم يعرفوا أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم.
ويصل معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم عند البالغين بالعالم إلى نحو 40 % ويؤدي إلى نحو 7.5 مليون وفاة سنويا، ويصيب الذكور أكثر من الإناث في مرحلة منتصف العمر، ويزداد انتشارا عند تقدم العمر بكلا الجنسين، وفي حدود عمر 65 سنة أو أكثر يزداد عند الإناث أكثر من الذكور.
وفي دول الخليج بحسب الإحصاءات يصل معدل انتشاره إلى نحو 25 %، وتتفاوت هذه النسب من دولة لأخرى. وقد ترتفع في بعض الدول إلى 33 %، ومن المتوقع أن يزداد انتشارا في السنين المقبلة؛ لزيادة انتشار العوامل المساعدة على ارتفاعه، وأهمها اضطرابات السمنة والسكري وارتفاع نسبة المسنين، إضافة إلى تغير نمط الحياة في المنطقة، حيث تزداد الشراهة للأكل، ويقل مستوى الحركة والرياضة في المجتمع.
وهناك عوامل خطورة للإصابة بضغط الدم، منها تقدم العمر، والأشخاص ذوو البشرة الداكنة، إضافة إلى عامل الوراثة وازدياد الوزن وتناول ملح الطعام بكثرة وقلة الحركة اليومية وعدم ممارسة الرياضة.
وتشمل عوامل الخطر للإصابة بارتفاع ضغط الدم والقابلة للتغيير تناول النظم الغذائية غير الصحية كالإفراط في استهلاك الملح، واتباع نظام غذائي غني بالدهون المشبعة والدهون المتحولة، والإقلال من تناول الفواكه والخضروات، إضافة إلى الخمول، واستهلاك التبغ والكحول، وزيادة الوزن أو السمنة، أما عوامل الخطر غير القابلة للتغيير فتتمثل في التاريخ العائلي للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وتجاوز سن 65 عامًا، وتزامن الإصابة به مع أمراض أخرى مثل داء السكري أو أمراض الكلى.
ويطلق على ارتفاع ضغط الدم تسمية "القاتل الصامت"، حيث لا يدرك معظم المصابين هذه المشكلة، وفي معظم الأحيان لا تظهر عليهم أي علامات تحذير أو أعراض. ولهذا السبب من الضروري أن يقاس ضغط الدم بانتظام للكشف المبكر عنه، وقد تشمل الأعراض، في حال ظهورها، الشعور بالصداع في الصباح الباكر، والرعاف، وعدم انتظام دقات القلب، وتشوش الرؤية، والطنين في الأذنين، أو الشعور بالتعب والغثيان والقيء والارتباك والقلق وألم الصدر ورعاش العضلات.
د. أحمد شريف:
ارتفاع ضغط الدم قد يكلفك صحتك.. فبادر بأخذ العلاج
يقول د. أحمد شريف «إن علاج ارتفاع ضغط الدم قد يكون مؤقتًا، إلا أن هناك العديد من المدارس الطبية التي تطالب الأطباء دومًا بالتدخل مباشرة لعلاج مريض ارتفاع ضغط الدم حتى وإن كان مؤقتًا».
ويضيف "هناك مدارس طبية تشدد على أهمية التحكم الشديد لعلاج ارتفاع ضغط الدم مع السعي لاكتشاف الأسباب في أسرع وقت ممكن؛ لتجنب المخاطر التي قد يصاب بها المريض. للأسف ما زلنا نواجه مشكلة رفض العديد من المرضى أخذ العلاج؛ بحجة الخوف من تعود الجسم عليه، خصوصًا أن هناك معتقدات راسخة تم توارثها بين الأجيال وأصبحت تنتقل من جيل إلى آخر بشأن أدوية الضغط، إذ هناك العديد من المرضى الذين يخشون من أخذ أدوية الضغط بحجة خوف تعود الجسم عليها والتعرض لانخفاض ضغط الدم، الذي لا يعد انخفاضه مشكلة؛ فهو عارض صحي وليس مشكلة بحد ذاته كالارتفاع".
ويقول "قد يكون علاج الارتفاع مؤقتًا كما في بعض حالات ارتفاع ضغط الدم مؤقتًا، وقد يكون دائمًا، لذا لابد من الوقوف على الأسباب ومراقبة المريض والتأكد من الجرعات. أخذ الأدوية لن يسبب الإدمان عليها كما يعتقد البعض، وهذا الخوف لا مبرر منه، فالخوف يجب أن يكون من المخاطر التي قد يسببها ارتفاع ضغط الدم للمريض، فقد يتسبب بجلطة أو نزيف أو مشكلات في الأوعية الطرفية وغيرها من المضاعفات الصحية".
ويشدد د. أحمد على أهمية الخوف من مخاطر المرض وليس من مضاعفات الأدوية، مؤكدًا أن وصف الأدوية يكون بحسب حالة المريض؛ حتى يتم السيطرة على ارتفاع ضغط الدم.
ويضيف أنه "على مرضى ارتفاع ضغط الدم الالتزام بالأدوية قبل أن تكون التكاليف الصحية أعلى بكثير من تكاليف الأدوية التي تصرف إليهم، مع العلم بأن علاج الضغط لا يقتصر على الأدوية التي تصرف، إذ لابد من التحكم أيضًا بالنظام الغذائي للمريض، وتغيير نمط الحياة بما يتناسب مع وضعه الصحي".
د. سامح علام:
إهمال علاج ارتفاع ضغط الدم يزيد احتمال التعرض لنوبة قلبية
من جهته، يقول د. سامح علام «إن ارتفاع ضغط الدم حالة شائعة تؤثر على شرايين الجسم، ويطلق عليها أيضًا فرط ضغط الدم. وفي حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم تكون قوة دفع الدم باتجاه جدران الشرايين عالية للغاية باستمرار، ما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر لضخ الدم».
ويضيف "يقاس ضغط الدم بوحدة الملليمتر الزئبقي )ملم زئبقي ( إذ توصف الحالة عمومًا بأنها ارتفاع في ضغط الدم عندما تكون قراءة ضغط الدم 80/130 ملم زئبقي أو أعلى. وفي حال لم يعالج ارتفاع ضغط الدم فإنه يزيد من احتمال التعرض للإصابة بنوبة قلبية وسكتة. وهناك العديد من المعايير لعلاج ضغط الدم، فهناك معايير محددة لعلاج الارتفاع المتوسط ومعايير أخرى لعلاج الارتفاع الشديد، إضافة إلى أن معايير علاج الارتفاع المؤقت تختلف عن الدائم".
ويردف د. سامح "هناك جهل كبير لدى العديد من المرضى بشأن كيفية علاج ارتفاع ضغط الدم، فقد يعزف البعض عن أخذ الأدوية في حين أن البعض يتناول الأدوية من دون معرفة أن هناك معايير تختلف في العلاج، فقد يكون ارتفاع ضغط الدم مصحوبا بتضخم في عضلة القلب أو قد يكون مصحوبا بإصابة المريض بالسكري أو قصور كلوي، وقد يعاني المريض من قصور في الشريان التاجي، لذا فإن الأدوية التي تصرف تختلف من شخص لآخر باختلاف الحالة الصحية للمريض".