النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية السفلى... فلماذا؟
استشاري جراحة المسالك البولية د. أبو بكر محمد بن دله
تعد أمراض المسالك البولية من أكثر الأمراض شيوعًا، ويشتكي منها الغالبية، خصوصًا تلك التي تكون متعلقة بالالتهابات، فقد يشتكي البعض من تكرار هذه الالتهابات لأكثر من مرة في السنة، وقد يعتقد البعض أن ذلك لا يستدعي القلق، إلا أنه في الواقع فإن هذه الالتهابات وبمجرد تكرارها خلال العام الواحد فإنها تستدعي القلق، كما أنها تستدعي زيارة الطبيب المختص.
ويؤكد استشاري جراحة المسالك البولية د. أبوبكر محمد بن دله، حامل شهادة التخصص الألمانية في العام 2002 وشهادة الدكتوراه في المسالك البولية من مجلس التخصصات الطبية في العام 2004 ويعمل في مستشفى كيمز، أن التهابات المسالك البولية عند النساء أكثر شيوعًا من الرجال، إذ إن الإحليل أو مجرى البول قصير، ما يجعل مسافة وصول البكتيريا إلى المثانة أقصر، مشيرًا إلى أن تكرار التهابات المسالك البولية السفلى عند النساء ينشط في الأعمار ما بين 30 و60 سنة نتيجة أسباب تشريحية في جسم المرأة، إذ إن مجرى البول أقصر إضافة إلى أن وجوده بالقرب من الجهاز التناسلي النسائي يجعله بيئة خصبة لانتشار الفطريات، ما يتسبب بانتقال البكتيريا والفطريات من الجهاز التناسلي إلى مجرى البول.
ولدى استشاري جراحة المسالك البولية د. أبوبكر خبرة في زرع دعامات القضيب لحالات الضعف الجنسي، وعلاج العقم عند الرجال، وعمليات المناظير للمسالك البولية واستخدام تقنيات الليزر وجراحات المسالك البولية المختلفة، عمليات الترميم وإصلاح التشوهات الخلقية وعملية سلس البول وعمليات الذكورة وجراحات مسالك الأطفال، وجميع هذه الخدمات تقدم في «كيمز».
«صحتنا» التقت د. أبوبكر محمد بن دله؛ للوقوف على أبرز الأمراض شيوعًا في جهاز المسالك البولية، وللتعرف على أسباب الالتهابات وأسباب تكون حصى الكلى وكيف يمكن الوقاية منها والحفاظ على أداء الكلى والجهاز البولي، وفيما يلي نص اللقاء:
ما الخدمات التي تقدم عيادة المسالك البولية في مستشفى كيمز؟
نقدم فحوصات أمراض المسالك البولية والكلى، إضافة إلى عمليات المناظير للمسالك البولية وتفتيت الحصى وجراحات المسالك البولية الشاملة للرجال والنساء وجراحات مسالك الأطفال وعمليات الذكورة، بالإضافة إلى تقديم خدمات خاصة بصحة الرجل كفحص مستوى البروستات النوعي، التستوستيرون، واختبار مقياس البول والفحص البدني وفحص البطن بالموجات الصوتية.
ما أكثر أمراض المسالك البولية شيوعًا؟
فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية فإن أكثر أمراض المسالك البولية شيوعًا هي أمراض التهابات المسالك البولية وأمراض الحصى في الجهاز البولي، ويأتي بعدها اضطرابات التبول نتيجة الانسدادات في المسالك البولية، والتي عادة ما تصيب الرجال فوق 50 أو 60 سنة نتيجة تضخم البروستات، وهذه الاضطرابات في العادة لا نراها في الأعمار الصغيرة والشباب.
وتعد هذه أكثر الأمراض البولية شيوعًا ونراها في العيادة التشخيصية بشكل يومي، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يوجد أمراض أخرى، فهناك بعض الأمراض السرطانية في المسالك البوية وبالتحديد سرطان المثانة البولية وسرطان البروستات وسرطان الكلى ولكن نسبة هذه الأورام في الحقيقة أقل ندرة من الأمراض الأخرى في المسالك البولية، ولكننا نعاين حالات منها.
وهناك بعض الحالات الطارئة التي ترد على قسم الطوارئ خصوصًا المغص الكلوي الحاد ووجود دم منظور في الأبوال، واحتباس البول نتيجة لانسداد مجرى المسالك البولية أو بسبب تضخم في البروستات. وتعد هذه الأمراض الأكثر شيوعًا في عيادتنا الخارجية والأقسام الأخرى كالطوارئ.
يشتكي البعض من الالتهابات البولية المتكررة، فما السبب وراء ذلك؟
تقسم التهابات المسالك البولية في الجهاز البولي علميًا إلى نوعين من الالتهابات، وهي التهابات المسالك البولية السفلية التي تحدث في المثانة والإحليل (مجرى البول)، وفي الرجال المثانة وغدة البروستات، أما النوع الثاني فهو التهابات المسالك البولية العليا وهي في العادة التهابات نسيج الكلى وحوض الكلى، وقد قسمت بهذا التقسيم بسبب اختلاف الأعراض والمسببات.
ما أسباب التهابات المسالك البولية عند النساء؟
تتكرر التهابات المسالك البولية السفلى عند النساء، وتنشط في الأعمار ما بين 30 و60 سنة نتيجة أسباب تشريحية في جسم المرأة، إذ إن مجرى البول أقصر في حين يكون أوسع عند الرجال، إضافة إلى أن منطقة مجرى البول يقع بالقرب من الجهاز التناسلي النسائي، الذي يكون بيئة خصبة لانتشار الفطريات، ما يسبب انتقال البكتيريا والفطريات من الجهاز التناسلي إلى مجرى البول.
ولأن التهابات المثانة تكون متكررة عند النساء فيفضل في حال وجود هذه الالتهابات أن يتم علاج الحالة حسب التشخيص وحسب نوع البكتيريا، ويجب أثناء علاج المسالك البولية للنساء، خصوصًا التي تعاني من الالتهابات المتكررة أكثر من مرة كل عام، أن تعرض المرأة في هذه الحالة على اختصاصي المسالك البولية للكشف عن وجود التهابات نسائية، وفي حال وجودها يجب أن تعالج بالعلاجات المضادة للفطريات والبكتيريا وأن تستأصل بشكل كلي حتى لا تتكرر بعد ذلك.
ما أسباب التهابات المسالك البولية عند الرجال؟
تكون التهابات المسالك البولية عند الرجال في الأعمار المتقدمة من سن 50 أو 55، وتكون عادة التهابات ثانوية نتيجة تعرقل مجرى سريان البول نتيجة لانسداد في المسالك البولية وعدم إفراغ المثانة بشكل كلي، ما يشكل أبوالا راكدة بكمية لتكون بيئة خصبة للبكتيريا. وعادة لا نشاهد التهابات متكررة في الشباب وفي سن المراهقة إلا في حال وجدت أسباب تشوهات خلقية.
وتكون التهابات المسالك البولية السفلية نتيجة لعدم القدرة على إفراز البول بشكل كلي من المثانة نتيجة لانسداد في مجرى البول نتيجة تضخم حميد للبروستات وركود الأبوال لفترة طويلة (كمية البول المتبقي بعد التبول)، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى تشكل حصى المثانة عند الرجال.
ما أسباب التهابات المسالك البولية عند الأطفال؟
هناك حالات التهابات للمسالك البولية بين الأطفال من سن الشهر الواحد وحتى 6 سنوات خصوصًا في البنات، وعندما تتكرر التهابات المسالك البولية أكثر من مرتين أو 3 ويكون ذلك مصحوبا بارتفاع درجة حرارة الطفل إلى درجات عالية دون الاستجابة للمضادات الحيوية المعتادة فهنا قد يكون سبب الالتهاب نتيجة أسباب أخرى كارتجاع البول، وهو وجود خلل في صمام الحالب، وهذا الخلل لا يغلق أثناء عملية التبول، وقد نرى هذه الحالة في الأطفال الذين يعانون من تكرار التهابات المسالك البولية المصحوبة بالحرارة العالية، وفي هذه الحالة يجب علينا أن نسرع في التشخيص بالموجات فوق الصوتية، وفي معظم الأحيان تحدد درجة الارتجاع عن طريق القسطرة البولية بحقن الصبغة، فهي تؤكد أو تنفي وجود ارتجاع بولي. وحسب درجات الارتجاع يوصف العلاج إما جراحيًا أو الحقن بالمنظار أو الأدوية، وعادة ما تختفي الالتهابات بعد علاج هذه الحالات.
ما أسباب التهابات المسالك البولية العليا؟
التهابات المسالك البولية العليا تتمثل في التهاب حوض الكلى أو نسيج الكلى، ويكون عادة بسبب وصول بكتيريا من الدم إلى الكلى أو حوض الكلى مسببة التهابات شديدة في الكلى، وعادة ما تكون في جهة واحدة أو جهتين، ويكون ذلك مصحوبا بارتفاع درجة الحرارة بسبب التعب والوهن، ويتطلب العلاج المضادات الحيوية عبر الوريد.
ما الأسباب التي تقف وراء حصوات الكلى، وكيف يمكن الوقاية منها؟
أسباب تكون الحصى متعددة، وتختلف نسبتها، فهناك أسباب نتيجة لعادات غذائية غير صحية مثل عدم شرب السوائل بشكل كاف، أو التعرق بشدة، والتعرض إلى الهواء الساخن من دون تعويض السوائل، فيحدث تركيز في أملاح الجسم ما يكون الحصى في المسالك البولية والجهاز البولي. وأكثر سبب شيوعًا لحصوات المسالك البولية هو عدم شرب المياه، وهو ما يساعد على تكوين الحصى. كما أن زيادة نسبة تناول الأطعمة المالحة يساهم في تكوين الحصى البولية، وزيادة أكل هذه الأملاح من دون تعويض الزيادة بكثرة شرب المياه ينتج عنه تكوين حصوات المسالك البولية.
كما أن بعضها ينشأ نتيجة اضطرابات في امتصاص بعض الأملاح من الجسم من زيادة أو نقصان، وترتبط بعض أنواع حصوات المسالة البولية بخلل في عمل الغدة الجار درقية أو خلل في امتصاص بعض الأملاح من الأمعاء، وهناك أيضًا بعض الأمراض التي تؤدي لتكوينها كوجود خلل في الكبد. وهناك بعض الأمراض الوراثية منشأها الكبد، والتي تساهم في نقص بعض انزيمات الكبد وتكون زيادة في نسبة وأملاح «الأوكزاليت» وتساهم في زيادة نسبة إفرازها، ما يؤدي إلى ترسبها في الجهاز البولي والكلى، ما يؤدي لتشكل الحصوات.
هل تلعب الأمراض الوراثية والجينات دورًا في الإصابة بأمراض المسالك البولية؟
نعم، فهناك بعض الأمراض الوراثية والجنية التي يتوارثها المريض، إذ إن هذه الأمراض تسبب خللا في عملية أيض بعض الأملاح الموجودة وتساهم في تكدس الأملاح في الكلى والجهاز البولي، ما يساهم في تكوين حصوات المسالك البولية مثل حصوات «السستين»، وهي حصوات وراثية تكون بسبب جين وراثي من أحد الوالدين، وفي هذه الحالة يكون لدى بعض أفراد العائلة تاريخ مرَضي.
كيف يمكن الوقاية من أمراض المسالك البولية؟
يمكن الوقاية بشرب المياه بشكل كاف يصل إلى 3 لترات في اليوم، وتجنب الأملاح في الأطعمة التي تساعد على تكوين هذه الحصوات مثل أملاح الأكزوليت وحمض البوليك، إذ تساهم هذه في تشكل بعض حصوات المسالك البولية وإن حدث وتم تناول هذه الأغذية يجب التعويض بإدرار بولي كاف.
وفي حال تكرر وجود هذه الحصوات يجب أن يعرف سبب تكوينها بأن ترسل للمعمل لتحديد تركيب الحصى وبعدها يتم عمل برنامج غذائي متكامل.
وإذا تكرر وجود حصوات في المسالك البولية يجب الكشف عن الأملاح في الدم أو الأبوال، وتقاس نسبة هذه الأملاح لمعرفة ما إذا كان هناك إفراط في إفراز بعض الأملاح لمعرفة أسباب تكون الحصوات، بالإضافة إلى فحص هرمون الغدة الجار درقية. وبعدها يتم علاج الحصى إما بالعلاجات التحفظية لمنع تكرار وتكوينها مرة أخرى أو بالعلاجات الجراحية.
ما المشكلات التي يمكن أن تسببها أمراض المسالك البولية؟
بالنسبة لأمراض المسالك البولية خصوصًا المزمنة فهي تؤدي إلى آثار سلبية من الناحية النفسية والجسدية؛ نتيجة تكرار الأعراض ووجود بعض الآلام المصاحبة نتيجة الحصوات. كما أن تدني مستوى الشعور بالراحة للمريض يؤدي إلى تدني الأداء الوظيفي للمريض الذي يعاني من التهابات المسالك البولية وكثرة الحاجة للتبول، ما يؤدي إلى تدني الأداء الوظيفي في النهاية.
كما أن التهابات المسالك البولية المتكررة ووجود حصى متكررة يسبب إجهادا إلى المنظومة الصحية بسبب كثرة استخدام المسكنات والمضادات الحيوية، وهذا بدوره يحتم على الأطباء المعالجين استئصال الالتهابات والانسدادات والحصوات بشكل جذري حتى لا يكون لها تأثير سلبي على المريض.
إضافة إلى أن كثرة الالتهابات وكثرة الحصوات في المسالك البولية والأورام من الممكن أن تؤدي إلى قصور في بعض وظائف الجهاز البولي وعمل الكلى، ما يؤدي إلى قصور هذه الأعضاء، وفي بعض الأحيان في حال عدم التشخيص بشكل دقيق يمكن أن يؤدي هذا إلى انسدادات مزمنة في مجرى المسالك البولية، وهذا يؤثر على انسياب الأبوال، ما يؤدي إلى انسداد قد يؤثر على وظائف الكلى، ما يؤدي إلى حدوث فشل كلوي تام وقد يحتاج المريض إلى الغسيل أو الزراعة.
لذا دائما ما ننصح بالمتابعة المستمرة لمن يعاني من الحصوات المتكررة أو حتى الالتهابات المتكررة.
أما أورام المسالك البولية مثل ورم البروستات أو الكلى أو المثانة أو الأورام الأخرى في الخصية أو الجهاز التناسلي فيجب على المريض أن يقوم بالكشف المبكر وعلاجها في الوقت المناسب؛ حتى لا يفقد عضوا من جسمه أو حياته بسبب التأخر في التشخيص أو العلاج.
ما النصيحة التي توجهها إلى المرضى؟
فيما يتعلق بمرضى المسالك البولية الذين لديهم أعراض مزمنة وشكاوى فيما يتعلق بالجهاز البولي، أهم نصيحة نقدمها هي الكشف المبكر والتوجه إلى الطبيب المختص، فعند وجود أي تغير في انسياب حركة البول يجب التوجه للطبيب المختص للكشف عن الأعراض مع ضرورة المتابعة المستمرة؛ وذلك لعلاج الالتهابات في الوقت المبكر. كما أن من الضروري اللجوء إلى الطبيب في حال وجود دم منظور أو غير منظور بكميات ملحوظة وفي حال كان المريض يعاني من ألم شديد في البطن أو الكلتين، إذ من المهم إجراء الفحوصات في الوقت المناسب.
كما ننصح بأهمية الكشف المبكر عن بعض أورام المسالك البولية مثل سرطان البروستات، فالكشف المبكر عنه وعلاجه ينقذ حياة المريض.وننصح بالكشف عن مؤشرات الأورام، وفي العادة تبدأ من سن 45 أو حتى سن 50، وذلك بإجراء فحص الدم لقياس نسبة مؤشر البروستات الذي يعطي احتمالية وجود اشتباه بوجود خلايا سرطانية، وفي حال الاشتباه يمكن للطبيب المختص أخذ عينة نسيج وفحصها في المعامل المخصصة لحماية المريض من المضاعفات المحتملة.
أما المرضى الذين لديهم فقط كلية واحدة فننصحهم دائما بمراجعة الطبيب للكشف عن أي أمراض قد تؤدي إلى وقوع هذه الكلية في قصور أو فشل كلوي.