+A
A-

أربعون عامًا في قطاع التربية والتعليم من معلم إلى مدير إدارة

عرفه‭ ‬كثيرون‭ ‬كشخصية‭ ‬تربوية‭ ‬وإعلامية‭ ‬لها‭ ‬مسيرة‭ ‬4‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬كشعلة‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬والإلهام‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬فالحديث‭ ‬عن‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الرعيل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬التربويين‭ ‬وهو‭ ‬الأستاذ‭ ‬أمير‭ ‬قاسم‭ ‬يأخذنا‭ ‬إلى‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬معلما‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬البحرين،‭ ‬ومقدما‭ ‬ومعد‭ ‬برامج‭ ‬في‭ ‬إذاعة‭ ‬وتلفزيون‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬قدم‭ ‬خلالها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬التربوية‭ ‬والثقافية‭ ‬والمسابقات‭ ‬ونشرات‭ ‬الأخبار‭. ‬ومن‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬يتذكرها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الصحافيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬المسؤولين،‭ ‬التجربة‭ ‬الرائدة‭ ‬للجنة‭ ‬العامة‭ ‬للسلامة‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬التي‭ ‬يرأسها‭ ‬مدير‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬والترخيص‭ ‬وتضم‭ ‬في‭ ‬عضويتها‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الوزارات‭ ‬وشركات‭ ‬السيارات‭ ‬وشركات‭ ‬التأمين،‭ ‬وهي‭ ‬لجنة‭ ‬اهتمت‭ ‬بتطبيق‭ ‬الأنظمة‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬الفعاليات‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وكذلك‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

ومن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة،‭ ‬انبثقت‭ ‬أيضًا‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬التوعية‭ ‬المرورية‭ ‬لطلبة‭ ‬المدارس‭ ‬لنشر‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬المرورية‭. ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬نادي‭ ‬الديه‭ ‬وجمعية‭ ‬الديه‭ ‬الخيرية‭ ‬ومركز‭ ‬شباب‭ ‬الديه،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬والفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬

سؤالنا‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مشوار‭ "‬الوجه‭ ‬الآخر‭" ‬مع‭ ‬ضيفنا‭ ‬يتعلق‭ ‬بمشوار‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭.. ‬فكيف‭ ‬كان؟

اخترت اللغة العربية كتخصص، لذلك تخرجت في العام 1972 حاملًا درجة الليسانس في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية، وواصلت بعزيمة وطموح مشواري في التحصيل العلمي فحصلت على الدبلوم العالي في التربية من جامعة البحرين في العام 1984 بالإضافة إلى دبلوم الإدارة العليا من جامعة البحرين بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، ولم أتوقف طيلة هذه السنوات، حيث حصلت على درجة الماجستير من جامعة مانشستر في بريطانيا في العام 1987.

نحن‭ ‬في‭ ‬ضيافة‭ ‬شخصية‭ ‬بحرينية‭ ‬تربوية،‭ ‬ثقافية،‭ ‬إعلامية،‭ ‬اجتماعية‭ ‬لها‭ ‬مشوار‭ ‬طويل،‭ ‬هلا‭ ‬حدثتنا‭ ‬عن‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬دخول‭ ‬سلك‭ ‬التعليم؟

خدمت على مدى 40 عامًا منها 6 سنوات بدولة الإمارات العربية المتحدة في إمارة أبوظبي العام 1967، وكان ذلك قبل إعلان "الاتحاد"، وسافرت آنذاك إلى أبوظبي مبتعثًا من قبل وزارة التربية والتعليم، واسمحوا لي أن أعود إلى العام 1966 وهو العام الذي تولى فيه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد (رحمه الله) الحكم في إمارة أبوظبي بعد أخيه المعفور له بإذن الله تعالى الشيخ شخبوط. وبالمناسبة عملت في التعليم وأنا في سن السادسة عشرة، وبالنسبة لي كان الشيخ زايد قائدًا واعيًا للمستقبل ولما يحتاجه الوطن والناس، ولهذا خطا خطوات سبقت العصر اجتماعيًا وعلميًا؛ لأنه كان يتمتع بفكر عميق وبعيد المدى لأهمية التعليم على الرغم من كونه إنسانا بسيطا ومتواضعا، لكنه قدم الكثير مما يسجل في تقدم دولة الإمارات الشقيقة، وعلى العموم، في العام 1967 كنا مجموعة من المدرسين البحرينيين كأول دفعة عملت في إمارة أبوظبي ثم مجموعة أخرى عملت في إمارة العين وأنا كنت أحدهم، وهناك عملت لمدة ثلاث سنوات وعدت إلى البحرين لعامين ثم مرة أخرى إلى العين فكان مجموع العمل هناك 6 سنوات.

 

وكم‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين؟

أمضيت 7 سنوات معلمًا، وإذا جمعت معها السنوات الست في دولة الإمارات العربية المتحدة سيكون المجموع 13 عامًا، وقبل أن أتقاعد في العام 2005 تبوأت منصب مدير إدارة العلاقات العامة والأنشطة التربوية بوزارة التربية والتعليم، ولهذا أقول إن مسيرة 40 عامًا هي مسيرة أعتز بها كثيرًا حتى أنني اليوم أفتخر بما قدمته لوطني أنا والعديد من الزملاء والأصدقاء وأبناء البحرين الأكفاء الذين كانت وما تزال لهم بصمات واضحة في مسيرة التنمية.

 

‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬سنغير‭ ‬الجو‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬ونذهب‭ ‬معك‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة،‭ ‬من‭ ‬تتذكر‭ ‬من‭ ‬أصدقاء‭ ‬تلك‭ ‬الفترة؟

ولدت في قرية الديه العام 1947، وقريتنا في ذلك الوقت بالنسبة لنا شبه معزولة عن جاراتها القرى، حيث تفصلها بعض المسافات، ففي شماليها البحر الذي لم يعد موجودًا في وقتنا الحاضر، وجنوبها جدحفص، وشرقها السنابس، وغربها كرباباد والبدعة وهي مصيف يتبع الديه، وهذا المصيف كان يجمع أبناء العائلة الحاكمة من الشيوخ وأهالي المحرق ومختلف مناطق البحرين، حتى أن بعض الشيوخ كانوا يقضون فترة الصيف في بساتين منطقة البدعة. وفي طفولتي، كنا مجموعة من الأصدقاء منهم من اختاره الله ومنهم من لا يزال على قيد الحياة (الله يطول أعمارهم وأعمار القراء الكرام والسامعين)، وهناك بعض الأصدقاء المتميزين لكنهم ليسوا من الشخصيات المعروفة كونهم خلف الأضواء. وكوني رجل علاقات عامة ومعلما ساهم ذلك في ظهوري في البلد. كان من بينهم الصديق عبدالعزيز عبدالله يوسف وهو استشاري في الأشعة وله خبرته وتميزه، وكذلك شقيقه حميد عبدالله يوسف وهو من قياديي شركة بابكو من الدرجة الأولى، وكذلك الصديق علي يعقوب الصياد أيضًا ممن التحقوا بشركة بابكو وحقق مناصب متقدمة، وأتذكر الصديق أحمد عيسى عطية وقد توفي قبل عامين (رحمه الله) وكان من الإداريين الكبار في شركة بابكو وابتعث إلى بريطانيا ودرس دراسات عليا، ثم التحق بشركة بتلكو كأحد القياديين.

نعود لفترة الطفولة، ففي تلك الفترة كانت ألعابنا شعبية كما تعلمون، وليس كما الآن حيث ألعاب الكمبيوتر المكلفة وكذلك الألعاب العصرية، ففي أيامنا كانت الألعاب الشعبية لا تكلف كثيرًا، وكان من ضمنها "القلين أو القلينة" حيث نستخدم فيها قطعتين من الخشب واحدة عصا طويلة والأخرى صغيرة نضربها بالعصا الكبيرة لأبعد مسافة، أما لعبة "في فيوه"، فالفي هو ظل الإنسان وفي هذه اللعبة نصطف في طابور وأحدنا لديه قطعة من الحجر تسمى "قيس" ويلقيها ونحن وقوفًا وأمامنا ظلنا وحين يرمي تلك القطعة فتقف على ظل أحدنا ينطلق في الجري ونجري خلفه لاصطياده. كما كنا نلعب "الصبة" التي نرسمها على تراب الأرض بالمربعات ولعبة "الويل" التي نستخدم فيها عجلات الدراجات الهوائية بعد أن نزيل منها الأسلاك، ثم دخلت بعض الألعاب كالكيرم والدومنة وغيرها.

 

دعنا‭ ‬نسافر‭ ‬معك‭.. ‬أي‭ ‬البلدان‭ ‬زرتها‭ ‬وأحببتها؟

زرت كل دول الخليج، أما الدول العربية فقد زرت مصر، لبنان، سوريا، ومن الدول الأجنبية بريطانيا، وكذلك زرت أوكرانيا وهي التي تشهد في الوقت الراهن حربًا مع روسيا، لكن أوكرانيا في الحقيقة من أجمل البلدان، وكانت لي تجربة السفر إلى البوسنة والهرسك، وأتوقف قليلًا عن بلد جميل هو الآخر ألا وهو التشيك، فقد زرتها بعد انفصال "تشيكوسلوفاكيا"، وقبل انضمام التشيك إلى الاتحاد الأوروبي، وهذه البلاد جميلة للغاية بمنتجعاتها ومياهها المعدنية لا سيما في كارلوفي فاري ويخيموف وبلانيا، وهي من البلدان ذات الشعب الطيب ولا تكلف زيارتها الكثير، فهي من البلدان الرخيصة من ناحية الكلفة، ولك أن تعلم بأن التشيك استقبلت أعدادًا كبيرة من الجالية الفيتنامية إبان الحرب الأميركية الفيتنامية التي جعلتهم لاجئين في العديد من الدول، وعلى الرغم من أن ثقافة ومعيشة الفيتناميين مختلفة، لكن التشيك أصبحت بلد المعيشة والاستقرار لهم.

 

نختم‭ ‬بالجلوس‭ ‬بضع‭ ‬لحظات‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الفراغ‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تميل‭ ‬إليه؟

في القراة، أحب المؤلفات الاجتماعية كالقصص والكتب الأدبية وسير الشخصيات على مر التاريخ وكذلك المجال السياسي، وهذه الأخيرة، أي المجال السياسي، تشعرني بعد القراءة والمطالعة فيها بأنني لم أستفد شيئًا (يبتسم)... أما على صعيد العلاقات الاجتماعية فأحرص على رعاية علاقاتي الاجتماعية؛ لأن ميولي كبيرة لهذه الأجواء، فأحب التواصل مع الأهل والأصدقاء والمعارف، ومن أفتقده كثيرًا أحاول الوصول إليه وأدعوه لنتبادل الزيارات، ولهذا تجدني في العلاقات والاجتماعات والمناسبات الأفراح منها والأتراح وفي كل مكان. وألفت إلى جزئية مهمة أثرت في شخصتي كثيرًا، وهي أنني واظبت على حضور المجالس الحسينية والمحاضرات، وأثر مجالس القرية كبير في بناء الشخصية والاستماع إلى الخطباء وما يطرحونه من سير وموضوعات متنوعة وقد تربيت في تلك المجالس، ومن هنا، أحب الخير لي وللآخرين، وأشعر بالانزعاج الكبير حين يسيء أحد إلى أحد آخر أمامي، فمن الأشياء الطيبة في حياتنا هي عمل الخير دون انتظار الجزاء، وحين لا تلقى أثره الآن ستلقاه فيما بعد في الدنيا والآخرة، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وأقول إن من الأقوال والمآثر التي آمنت بها هي مقولة الإمام علي عليه السلام: "الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"، فما يهمني هو الإنسان وعلاقتي به دون النظر إلى عرق أو دين أو مذهب أو جنس.