+A
A-

مشعل الشعلة: وراء كل تحدٍ تقف الفرص.. والفتى سر أبيه

استثمار 5 ملايين دينار في مبان تجارية جديدة

تقليل المركزية والعمل المؤسسي مهم للشركات العائلية

ذهبت للدوام بعد عودتي إلى البحرين بـ 7 ساعات

تعلمت الكثير من سنوات الغربة في أستراليا

أحب القراءة منذ الصغر.. أقرأ كتابا كل أسبوع

الفنار.. 40 عاما من التنوع والتجدد على مستوى المنطقة

ساعد والده منذ 8 سنوات بإدارة المجموعة التي تضم 18 شركة

تولى دفة القيادة من والده فأسس شركات جديدة وضاعف الموظفين

200 خدمة ومنتج توفرها “الفنار القابضة”

لا أنسى أول درس من والدي في إدارة المال

زبائننا كبريات مصاهر الألمنيوم والشركات الصناعية بالمنطقة

 

رغم أنه لا يزال شابا يافعا بمقاييس عالم الأعمال (نحو 33 عاما)، إلا أن الحديث مع مشعل الشعلة ابن رجل الأعمال البارز والوزير الأسبق عبدالنبي الشعلة، يشعرك بمدى سعة اطلاع رجل الأعمال الشاب الذي عاد من الغربة في أستراليا ليتسلم قيادة مجموعة “الفنار” من والده الذي أسسها وشيدها على مدى أربعين عاما لتصبح من أكثر المجموعات تنوعا وتجددا على مستوى المنطقة.

وخلال 8 أعوام من دخوله إلى جانب والده في إدارة المجموعة التي تضم حاليا نحو 18 شركة، نجح مشعل الشعلة في تعزيز نجاح شركات العائلة، واستطاع خلالها تأسيس نحو 4 شركات جديدة تحت مظلة المجموعة ما ضاعف عدد الموظفين بفضل العقود الكبيرة التي حصلت عليها المجموعة من كبريات الشركات الصناعية والنفطية بالمنطقة. ويقر الشعلة والذي يشغل حاليا رئيس مجلس إدارة مجموعة “الفنار” أن بدايته في العمل لم تكن سهلة، إلا أن والده كان بمثابة المدرسة التي تعلم منها الكثير، فهو يؤمن بفكرة الوالد القائلة بأن “وراء كل تحدٍ تقف الفرص”، وهو ما حدث فعلا في تسعينات القرن الماضي عند اندلاع حرب الخليج الثانية.

ورغم أنه كان يعيش حياه هانئة في أستراليا، بحسب وصفه، بعد استكمال دراسته، حيث عمل بوظيفة جيدة وبأجر مجزٍ، وعلاقات اجتماعية واسعة، لم يكن أفق العودة للبحرين واضحة بعد أن انغمس في الحياة الأسترالية.

والمفاجأة كانت في 2010 حين زاره والده والعائلة ويطلبون منه العودة، ليشعر بحجم المسؤولية؛ كونه الولد الوحيد لأبيه بين 3 أخوات، ليقرر العودة لأرض الوطن، ويبدأ العمل في الشركة من أول يوم له منذ وصوله المطار. انكب على العمل اليومي  مع والده الذي شكل له جامعته الثانية التي تعلم فيها ما لم يحصل عليه بالمراحل الدراسية. فيما يلي نص الحوار معه:

 

كيف كانت علاقتك مع والدك عبدالنبي الشعلة؟

حين كنتُ في السابعة من عمري أصبح الوالد وزيرا للعمل، وكان يحب عمله كثيرا، حيث يقضي معظم وقته بالمكتب، وربما هذا أثر بصورة أو بأخرى على تواجده في المنزل لكثرة انشغالاته، ومع انتهائي من الدراسة الجامعية والعودة إلى البحرين كان الوالد بمثابة المدرسة الكبيرة، إذ تعلمت منه في سنة ما لم أتعلمه في سنوات دراستي الجامعية، وساعدني ذلك على تولي قيادة الشركة بصورة تدريجية.

أعمل مع والدي بشكل يومي وأتعلم منه الكثير، فهو مدرستي الحقيقية، وهو معلمي وقدوتي في الحياة.

 

أين تلقيت تعليمك الأساسي والجامعي؟

بدأت مرحلتي الدراسية بمدرسة “البيان”، ثم مدرسة البحرين في المرحلة الثانوية، وبعد التخرج من الثانوية توجهت إلى استراليا لدراسة الاقتصاد والفلسفة في العام 2004 في جامعة كوينزلاند بمدينة برزبن. كانت الدراسة لنحو 4 أعوام، لكنني قررت البقاء، حيث عملتُ هناك لعامين، وهذا لم يكن في خططي المسبقة. وخلال 6 سنوات لم أزر البحرين سوى مرة لبعد المسافة، ولكون الرحلة تستغرق نحو 27 ساعة.

 

ما طبيعة عملك في أستراليا؟

عملت كمحلل اقتصادي، إذ كانت جامعة كوينزلاند ملحقة بقسم الأبحاث الاقتصادية للحكومة الأسترالية، وكان عدد من الجامعات الأسترالية تقدم المساعدة للحكومة بخصوص التخطيط الاقتصادي.

 

كيف أثرت فيك حياة الغربة؟

بالطبع الحياة مختلفة، في البحرين كانت سبل الحياة مهيأة ولم أكن أجد صعوبة في التعامل مع الأمور اليومية، فكل شيء كان جاهزا تقريبا، ومع حياة الغربة كان لابد عليَّ أن أعتمد على نفسي في تدبير أمور السكن والمعيشة، وغيرها. كانت بداية صعبة، لكنني تعلمت منها الكثير وبناء العلاقات خصوصا مع غياب الجالية العربية الكبيرة، واختلاف المجتمع هناك عن مجتمعاتنا العربية.

وأذكر أول درس جميل وربما كان مؤلما قليلا في “إدارة المال”، حين أعطاني والدي قبل السفر للالتحاق بالدراسة مصروفا لستة أشهر كميزانية لتدبير أموري عند الوصول إلى استراليا، لكن حين وصلت أنفقت المبلغ بسرعة خلال أسبوعين، وحين أخبرت الوالد بذلك، رد علي بالقول بأنني يجب أن أتحمل المسؤولية، وأنّ عليَّ أن أتصرف، وكان عليَّ مشاركة السكن، واستطعت بالتدبير أن أمدد الفترة إلى شهر ونصف الشهر قبل أن يرسل لي الوالد مزيدا من المال. من هناك تعلمت أنه عليَّ العمل ضمن ميزانية محددة، الوالد لم يكن يرغب معاملتي بدلال زائد؛ وذلك لكي أتعلم الاعتماد على نفسي.

 

متى قررت العودة إلى البحرين؟

كانت أموري في أستراليا ممتازة، وحين كان يسألني الأهل متى ستعود لم أكن أرى سببا للعودة، وللأمانة لم يكن هناك ضغط من جانب العائلة في البداية للعودة. وعندما لم تر عائلتي أفقا للعودة، فوجئت بزيارة من الوالد والعائلة في العام 2010 إلى أستراليا. وحينما أخبرني والدي بأن أخواتي بدأن الخروج من إدارة الشركة للتفرغ لحياتهن الخاصة وطلب مني مساعدته، هذا الحديث أثر عليَّ وشعرت بالمسؤولية، وخلال شهر واحد قمت ببيع كل ما أملك في أستراليا، ورجعت إلى البحرين.

كانت رحلة العودة طويلة من أستراليا لسنغافورة ثم دبي ثم البحرين، أتذكر أنه كان يوم السبت، وبعد عودتي ارتحت لبضع ساعات وتناولت الغداء مع العائلة في المنزل، وبعدها إلى مكتب الشركة من أول يوم وصول، كانت 7 ساعات فقط من لحظة وصولي للبحرين قبل بدء العمل.

هل استلمت العمل منذ البداية؟

من المستحيل أن تتسلم شركة، خصوصا إذا كانت شركة عائلية، إذ إن الشركات العائلية التي تعتبر معقدة ولديها تاريخ، ولا يوجد لديها أنظمة واضحة مثل الشركات الأخرى، عملية توليها لا تكون في شهر ولا سنة، بل تستغرق وقتا لمعرفتها.

عندما استلمت العمل كانت إحدى أخواتي الثلاث غادرت بالفعل الشركة، وخلال السنة الأولى غادرت الأختان بعد أن تزوجتا وأنجبتا، وكان هذا تحديا آخر كذلك.

ومن الطبيعي أن يرغب الوالد بعد سنوات العطاء الطويلة أن يقوم بالإدارة من خارج المكتب، ليتفرغ لانشغالاته الرسمية والاجتماعية، وغيرها.

استغرق تولي العمل بالطريقة المطلوبة نحو 3 إلى 4 أعوام إلى أن تمكنتُ من أسس العمل بالمجموعة.

 

عندما يتسلم جيل قيادة شركة عائلية من جيل آخر عادة ما تكون هناك نوع من الإشكالات في الإدارة، هل واجهت هذه الصعوبة؟

صحيح، ربما تجد ذلك في بعض الشركات العائلية، لكن طريقة الوالد في العمل كانت سلسة للغاية، ولم أشعر بذلك، وهذا أمر يحسب للوالد.

الوالد كان يترك لي الحرية في اتخاذ القرارات، وربما تكون قرارات خاطئة، وهو كان يعلم بذلك، وينتظر مني أخذ القرار لتبدأ نتائجه، بعدها يبدأ بتصحيح الخطأ؛ لكي أتعلم من واقع التجربة، إذ يشرح الوالد أبعاد هذا القرار. وعلمني كيفية تطوير العلاقات، وكيف يدار العمل، وأن يشارك الموظفون في تحقيق الأهداف لتصبح هذه الأهداف جزءا من اهتمامهم.

 

مع الظروف الاقتصادية غير المواتية في السنوات الماضية، كيف تقيم صعوبات تطوير أداء الشركة لمزيد من النمو؟

الدرس الآخر الذي تعلمته من الوالد أنه لا توجد بيئة عمل خالية من المصاعب، فالمصاعب هي جزء من الحياة اليومية التي ينبغي لنا التعامل معها.

فلا يوجد شيء اسمه “ظروف جيدة أو سهلة”، ففي العام 2008 شهدنا الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها المستمرة ونرى بعض المصاعب الاقتصادية حاليا.

 

إذًا أنت تتفق مع مقولة والدك بأن وراء التحديات فرصًا؟

أتذكر حين أخبرني الوالد أن الطفرة التي حققتها الشركة حدثت بعد غزو الكويت حين كانت البيئة الاستثمارية والوضع في المنطقة صعبا، لكن هذه الصعوبات والتحديات خلقت فرصا كذلك، إذ تمكنت الشركة من الحصول على أكبر عقد للعلاقات العامة في تاريخ الخليج في ذلك الوقت، وكان العقد متعلقًا بتقديم خدمات إعلامية لحكومة الكويت في المنفى وقتها وذلك بالتعاون مع أكبر شركة للعلاقات العامة في العالم آنذاك.

* ما الشركات التي تضمها مجموعة الفنار حاليا؟

لدينا 18 شركة حاليا، ولكن العدد في زيادة ونقصان، إذ كونّا مجموعة استثمارية، فنحن نؤسس الشركات ونساهم في الحصص، ونقوم بالتخارج منها بعد أن نعمل على نجاحها في فترة 5 سنوات أو أكثر، لكننا نحافظ على 4 شركات تقريبا من أصولنا ضمن المجموعة.

 

كم عدد الموظفين؟

يعمل لدى المجموعة نحو 250 موظفا في مختلف الاختصاصات والشركات.

 

لكن كان العدد أقل بقليل قبل أعوام؟

نعم صحيح، ولكن حصلنا على عقود كبيرة في مختلف قطاعات الصناعات الثقيلة بدول مجلس التعاون مثل شركات الألمنيوم والأسمنت والبتروكيماويات مما أدى إلى قيامنا بفتح شركات فرعية في دول التعاون وعلى هذا الأساس، وكمثال على ذلك، فقد ارتفع عدد العاملين في شركة أسواق الخليج في البحرين من 60 موظفا إلى أن بلغ الآن 160 موظفا.

 

أين يقع مجال عملكم الجغرافي، وفي أي القطاعات؟

إضافة إلى البحرين، لدينا شركتان في عمان وشركة في الإمارات وأخرى بالسعودية، ونعمل كوكلاء وموزعين لعدد من كبار الشركات الأوروبية والصينية والهندية، وغيرها. وكل شركة لديها تخصصها، ولكن عامة نعمل على توريد وتوزيع المعدات والأجهزة والأنظمة ومدخلات صناعات الألمنيوم والبتروكيماويات والأسمنت وغيرها، لدينا أكثر من 200 خدمة ومنتج، ونتعامل مع شركات عالمية كبرى، والتي لديها تكنولوجيا متطورة في تلك الصناعات، وذلك من خلال شركة أسواق الخليج وشركاتها الفرعية في دول مجلس التعاون. كما لدينا نشاط واسع في مجال المصاعد والأجهزة المتحركة وأنظمة تنظيف المباني وصيانتها، وغيرها من أنظمة الحلول المطلوبة في قطاعات الإنشاء.

كذلك لدينا نشاط في المجال الطبي خصوصا تزويد المعدات المتعلقة بالتصوير والأشعة وطب الأسنان وما شابه.

كما أننا شركاء في شركة البحرين لصناعة السبائك المعدنية “بامكو”، وهي من الصناعات التحويلية للألمنيوم، وقد أسسنا الشركة بالتعاون مع مستثمرين ألمان، ونقوم بتصدير المنتج بكامله لخارج البحرين، حيث كانت شركة هيونداي للسيارات أكبر زبائننا سابقا، وحاليا نتعامل مع شركات عالمية في أستراليا وأميركا وآسيا، وغيرها.

 

هل هناك استثمارات جديدة؟

نعم في القطاع الصحي، حيث دخلنا في شراكة؛ من أجل إنشاء مركز دلمون لإعادة التأهيل، والذي سيكون أول مركز متخصص في البحرين لعلاج الحالات التي تتطلب تأهيل بعد العمليات الجراحية الكبرى وغيرها من الحالات، المشروع يقع في جزيرة دلمونيا. لقد بدأنا أعمال البناء وذلك بكلفة تقدر بأكثر من مليوني دينار كمرحلة أولى.

ونأمل الانتهاء من المشروع بنهاية هذا العام أو بداية العام المقبل على أكثر تقدير.

 

هل مازلتم تستثمرون في العقار؟

نعم، لدينا مشروع جديد لإنشاء 3 مبانٍ جديدة للمكاتب التجارية ومركز تجاري قرب مقر المجموعة بالرفاع، بكلفة 5 ملايين دينار، ونتوقع البدء فيها قريبا. 

كما نقوم بتوفير مواد البناء والمصاعد وغيرها من الخدمات لمشروعات البناء، ونستثمر في العقارات في مختلف المناطق، وقد أسسنا لهذا شركة الفنار لتطوير وإدارة العقارات، وتم تحويل المحفظة العقارية إليها لإدارتها، ونحن الآن في طور تأسيس شركة للمقاولات الإنشائية تحت شركة فنار البحرين للمقاولات.

 

هل لديك اهتمامات أدبية على غرار الوالد؟

أتذكر أول كتاب قرأته وعمري 13 عاما، ومازلت أحافظ على شغفي بالقراءة، ومع عودتي من أستراليا وانشغالي في العمل قلّ نشاطي في القراءة، حيث كنت في السابق اقرأ كتابين في الأسبوع، لكن حاليا أقرأ كتابا واحدا، ومعظمها باللغة الإنجليزية للأسف بحكم دراستي من الصغر، لكن أعمل على زيادة قراءاتي بالعربية.