+A
A-

إيمان البنغدير: المرأة حازت اهتماما بالغا بالمشروع الإصلاحي

أول رئيس لإدارة التدقيق الشرعي على المستوى المحلي

تهوى الطبخ ورعاية الحيوانات حديثة الولادة ومجالسة الأطفال

واجهت تحديًا كبيرًا وهو تقبل المجتمع لعملها

طموحي إضافة الخبرات المتراكمة لديَّ بمجال عملي

تسعد بالهدوء والجلوس بجانب البحر والمناظر الطبيعية

زوجها وقف بجانبها في جميع مراحل تطورها وتحدياتها

التحقت بـ ”البحرين الإسلامي” ووجدت فيه فرصتها الذهبية في الخبرة العملية

 

حققت المرأة البحرينية إنجازا جديدا يضاف لسجل الإنجازات الكبيرة المتعددة في العهد الزاهر لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وجاء الإنجاز الجديد للمرأة البحرينية في المجال الاقتصادي والمصرفي، بعد تعيين مصرف البحرين الإسلامي إيمان محمد البنغدير في منصب رئيس الرقابة الشرعية، والذي تتقلده لأول مرة امرأة بحرينية لتصبح أول مدقق شرعي وأول رئيس لإدارة التدقيق الشرعي على المستوى المحلي.

وفي حوار خاص لـ “البلاد” مع إيمان البنغدير تطرقت إلى تعيينها في هذا المنصب المهم، وماذا يعني لها كونها أول امرأة بحرينية تترأس هذا المنصب، كما أشارت إلى الإضافة النوعية التي يمكن أن تحققها في مجال العمل المصرفي مستقبلا، وفيما يلي نص اللقاء:

 

إيمان البنغدير وسر النجاح

إيمان محمد إبراهيم البنغدير، رئيس الرقابة الشرعية ببنك البحرين الإسلامي، امرأة بحرينية من طراز مختلف تعشق التحديات وتتمتع بمهارة فائقة في كيفية مواجهتها، وكان الهدف والتحدي الأكبر في حياتها هو تحقيق التميز، وكان لها ما أرادت، فهي أول مدققة شرعية على مستوى البحرين ودول الخليج العربي وأول رئيس لإدارة التدقيق الشرعي على المستوى المحلي.

هي زوجة وأم لسبعة أبناء وكنيتها “أم علي”، وكانت دائما نموذجا يفتخر به، حتى أن أبناءها يصفونها بالتميز والتفرد، وهي تعمل بجد وتفانٍ؛ لأنها تحرص على التوفيق بين مسؤولياتها في جميع المجالات سواء من الناحية العملية أو الأسرية أو التعليمية؛ كذلك تحرص على ممارسة هواياتها مثل الطبخ ورعاية الحيوانات حديثة الولادة ومجالسة الأطفال، وهي هوايات ساعدت على ممارستها قوة التحمل والصبر اللذين تعلمتهما من والديها.

تسعد بالهدوء والجلوس بجانب البحر والمناطق الطبيعية، لذا لا تتردد في السفر إلى المناطق ذات الطبيعة الخلابة الهادئة أو قضاء يوم مع أسرتها بجوار البحر أو في فضاء يبعد عن ضوضاء المدينة.

 

الكفاح الأسري

كافحت مع زوجها، حيث بدآ سويا من الصفر، وتفتخر بزوجها عيسى الملا (لاعب المنتخب السابق لكرة الطائرة وعرف بطيبة قلبه وسعة صدره والخلق الحسن)، وهو من ساندها دائما ووقف بجانبها في جميع مراحل تطورها وتحدياتها، إذ تزوجا عندما كان يعمل موظفا بسيطا تحت مسمى مهندس صوت؛ ليصبح مسؤولا مهما في قسم التصوير.

تعشق محدثتنا الأسماء الرباعية لذلك أسمت بناتها “مريم، شموس، آمنة، ثريا، شقرة، نجلاء” ولكل اسم قصة تحكيها وتكررها دائما.

طموحها في الحياة حصولها على رضا ربّها وبر والديها، فهي تسعى دائما إلى أن تكون البنت الصالحة لوالدها (رحمه الله) والبارة لوالدتها (أطال الله في عمرها)، وتطمح في نجاح أبنائها، ثمرة حياتها؛ لكي يعيشوا حياة مستقرة تحت مظلة الدين الإسلامي والعادات والتقاليد، وأن يشقوا طريقهم لنيل أهداف سامية في حياتهم، بينما تعمل هي حاليا على تأسيس برنامج متكامل للتدقيق الشرعي.

 

تمكين المرأة

ماذا يعني كونكم أول امرأة بحرينية تشغل هذا المنصب؟

بداية أحمد الله عز وجل على هذا المنصب الذي أتى بعد بذل وعطاء كبيرين، كما أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لبنك البحرين الإسلامي ممثلًا برئيسه التنفيذي حسان جرار على تقديره وثقته بي لتولي هذا المنصب، وإلى هيئة الرقابة الشرعية لبنك البحرين الإسلامي وجميع الزملاء الذين ساندوني سواء بالتشجيع أو النصح أو التوجيه.

إن تعييني أول امرأة في هذا المنصب، هو أمر يعني لي الكثير خصوصا، وللنساء عموما لشغل هذه الوظيفة التي يظن البعض أنها يجب أن تقتصر على الرجال فقط، متناسين بأن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قد ولى الشفاء بنت عبدالله العدوية القرشية مهمة الاحتساب في السوق، وهو مثال مشرف على تمكين المرأة في الإسلام وتوليها زمام الأمور طالما كانت مؤهلة لذلك.

وكيف خضت هذه التجربة الصعبة مع تحدياتها؟ وماذا حصدت من ورائها؟

عملت في العام 1999 مساعدة لتنسيق مؤتمر تابع لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بدوام مؤقت، ثم التحقت بشكل دائم بعد ذلك، وتم تدرجي في شواغل عدة منها سكرتيرة المجلس الشرعي ومنسقة المؤتمرات الشرعية، وهو العامل الذي ساعدني على فهم المعايير الشرعية بشكل نظري.

في العام 2005 انضممت لبنك البحرين الإسلامي سكرتيرة إدارة الرقابة الشرعية، وكانت هي فرصتي الذهبية، إذ بدأت في تطبيق الخبرة النظرية بشكل عملي. وبعد حصولي على شهادة التدقيق الشرعي الصادرة من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في العام 2008 تم تعييني مدققا شرعيا؛ لما أمتلكه من خبرة.

 

سعادة لا توصف

ماذا عن الخبرة والشهادات؟

حصلت على شهادة أكاديمية برونموث - بريطانيا للكمبيوتر وإدارة أعمال في بداية مسيرتي، ثم سعيت للحصول على العديد من الشهادات التي تطورني وتدعمني في مجال عملي ومنها دبلوم متقدم في الفقه الإسلامي البرنامج التجاري ADIC، شهادة المصرفي الإسلامي المعتمدة CIB، الاختصاصي الإسلامي المعتمد في المحاسبة المصرفية CSIA، الدبلوم المهني المتقدم في الرقابة والتدقيق الشرعي، الرخصة الدولية لقيادة الكمبيوتر (ICDL)، إضافة إلى شهادة المدقق والمراقب الشرعي (CSAA) الصادرة من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، والعديد من الدورات التدريبية الخاصة بالمعايير والتدقيق الشرعي والمحاسبة، وأطمح في الحصول على شهادة الماجستير المهني للتدقيق الشرعي.

التحدي الوحيد الذي كنت أواجهه هو تقبل المجتمع لعملي في مجال التدقيق الشرعي؛ وذلك بسبب اختلاف المفاهيم لدى كثيرين، فعملت جاهدة لأحصل على ثقتهم وأتقبل النقد والرد عليهم بالفعل، وإثبات العكس للسعي لإقناع وجهات النظر الأخرى؛ لأنني أعتقد أن المجتمع هو من بنى جدارا بين المرأة وهذا المجال. وأبرز التحديات رفض البعض وجودي معهم في إحدى الدورات التدريبية وغيرها من المواقف، ولكني ولله الحمد واجهت بنجاح الكثير من التحديات.

وبعد هذه التجربة والتحديات التي خضتها، وضعت بترشيح من قبل البنك وهيئة الرقابة الشرعية للبنك أمام أصعب تحدٍّ، وهو موافقة مصرف البحرين المركزي على تعييني رئيسا للتدقيق الشرعي، وهو منصب جديد نسبيا في سوق الصيرفة الإسلامية في مملكة البحرين، ولله الحمد حصلت على هذا اللقب في سبتمبر 2018، وكانت سعادتي لا توصف.

 

أهم إنجازاتكم؟

قمت بتوثيق جميع فتاوى البنك منذ 1979 إلى نهاية شهر يونيو 2018، وكذلك تم جمع القرارات والعقود التي تم اعتمادها من قبل هيئة الرقابة الشرعية منذ نشأة البنك، وتم إصدار كتابين لفتاوى البنك، كما عملت جاهدة على تطوير استمارات التدقيق الشرعي، وأنجزت برنامجا للتدقيق الشرعي بالحاسوب، وتم إعداد استمارات لجميع خطوات عمل التدقيق قبل وأثناء وبعد.

 

ما طبيعة هذا المنصب؟ وما الإضافة التي يمكن أن يحققها في مجال العمل المصرفي؟

يعد هذا المنصب جديدا نسبيًا، إذ نُظِّم بعد صدور نموذج حوكمة الرقابة الشرعية من قبل مصرف البحرين المركزي في العام 2017 القاضي بفصل إدارة الرقابة الشرعية إلى إدارتين منفصلتين، هما جهاز التنسيق والتنفيذ الشرعي وجهاز التدقيق الشرعي، ووقع الاختيار عليَّ لترؤس إدارة التدقيق الشرعي من قبل هيئة الرقابة الشرعية ببنك البحرين الإسلامي.

أما عن طبيعة المنصب فهو الإشراف على أعمال التدقيق الشرعي في البنك؛ للتأكد من موافقة الأعمال والتمويلات والخدمات التي يقدمها البنك، على ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية بقصد التأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية المتمثلة بالقرارات التي تصدرها هيئة الرقابة الشرعية والمعايير الشرعية ومعايير الضبط والحوكمة الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وقوانين ولوائح وتعليمات مصرف البحرين المركزي وهيئته الشرعية، ومع السياسات والإجراءات والضوابط الشرعية التي يتبعها البنك، إضافة إلى متابعة وفحص وتحليل الأنشطة والأعمال والتصرفات التي يقوم بها البنك باستخدام الوسائل الملائمة، مع بيان المخالفات والأخطاء وفقا لمبدأ التدقيق على المخاطر المتعلقة بالوزن والحجم لكل المنتجات التمويلية والاستثمارية، ثم تعِد إدارة التدقيق الشرعي تقاريرها التي تحتوي على ملخص أعمال التدقيق وأهم الملاحظات الشرعية، وترسل هذه التقارير إلى الجهات المعنية متضمنة المستندات الشرعية والقرارات وتوضيح الآثار والتوصيات لكل ملاحظة علاوة على بعض المهام الموكلة على رئيس التدقيق الشرعي.

وتعمل إدارة التدقيق الشرعي وفقا للائحة داخلية معتمدة من قبل مجلس إدارة البنك وهيئة الرقابة الشرعية، ولديها دليل عمل مفصل أعِد بصورة تتوافق مع أنموذج حوكمة الرقابة الشرعية الصادرة من مصرف البحرين المركزي يوضح الصلاحيات والمسؤوليات تجاه الأعمال التي يدقق عليها.

 

دعم المرأة

تعيينكم في هذا المنصب له دلالات تتعلق باهتمام البحرين بتمكين المرأة البحرينية في مناصب قيادية، ما ردكم؟

يؤكد هذا التعيين في هذا المنصب الاهتمام منقطع النظير من مملكة البحرين بتمكين المرأة البحرينية لتبوء المناصب القيادية؛ رغبة في بيان نجاح وتميز المرأة في مجالات كانت بالأمس حكرًا للرجال، ولا شك بأن هذا الاهتمام من أعلى المستويات من القيادة الرشيدة للبلد ساند نجاحات المرأة ودعم حضورها في قلب مسيرة العمل الوطني.

مشاركة المرأة في صنع القرار

كيف تنظرون لمستقبل المرأة البحرينية في مختلف المجالات خصوصا في المجال المصرفي؟

حازت المرأة البحرينية اهتماما بالغا في إطار ما أتاحه المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك، قائد المسيرة التنموية لتنمية المواطن البحريني رجلا كان أو امرأة. إضافة لذلك وجود المجلس الأعلى للمرأة تحت قيادة وتوجيهات قرينة العاهل رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، الذي ساهم في تعزيز مشاركة المرأة في مجال صنع القرار، ولحماية حقوقها وتمكينها والارتقاء بدورها.

وأرى أن جميع المجالات فُتحت أمام المرأة البحرينية، لكن يظل اجتهادها وإتقانها وتميزها للوصول إلى أهدافها هو المفتاح الذي يفتح الأبواب أمامها.

 

ما طموحاتكم؟

لن أدخر جهدا في إضافة الخبرات المتراكمة لدي لإعداد برنامج متكامل للتدقيق الشرعي حسب المتطلبات التي تطلبها سوق الصيرفة الإسلامية بالتعاون مع المدققين الشرعيين ذوي الخبرة، كما أتمنى أن تحصل المرأة البحرينية على الصدارة في جميع المجالات بحيث لا تتعدى مبادئنا الإسلامية والعادات والتقاليد التي تربينا عليها.