+A
A-

أحمد سعد: مشكلة الشباب الاستعجال

تفرض سوق العمل على الخريجين وظائف لا علاقة لها بتخصصهم الأكاديمي، فيخير بعضهم بين البطالة وبين العمل فيما لم يكن في الحسبان، ويصدمون بعد تخرجهم بالواقع الذي يجبرهم للعمل في مجال يختلف كليًا عما كانوا يأملون. هل ترى هذا الوضع يتكرر بكثرة في واقعنا البحريني؟ وإذا كان الموضوع يتعلق بك، فهل ستقبل بذلك الواقع أم سترفضه؟ سنعرض في تحقيقنا الذي أجريناه بعضا من هذه الحالات التي تعكس واقع الكثير من الطلاب والعاملين.

مهاب مدحت، خريج كلية الهندسة الميكانيكية ويعمل حاليًا في إحدى شركات توصيل الطعام والذي يجسد نموذج الشاب الطموح، يوضح أن سبب قبوله للعمل في تلك الشركة هو أن راتبها يقارب راتب العمل في المجال الهندسي، ويتطرق لظروف التحاقه بعمله فيقول ”تقدمت للعمل في العديد من الشركات في كل من القطاعين العام والخاص ولكني لم أحصل على أي استجابة أو رد من هذه الجهات منذ تخرجي من الجامعي العام 2016”. وأضاف ”ولكني مازلت أبحث عن عمل في مجال الهندسة لحد الآن”.

أما فاطمة جعفر التي تعمل حاليًا في مجال التدريس بعد تخرجها من كلية إدارة الأعمال، والتي حاولت البحث كثيرًا عن عمل يناسب مجال دراستها فتقول ”لم أكن أحصل على أي رد من قبل هذه الجهات وإن كان هناك فلا يكون مناسبا لتخصصي، لذلك كنت أرفض، فقررت أن أعمل في معهد للتدريس وواجهت الكثير من الصعوبات في هذا المجال.. بالتأكيد إذا حصلت على فرصة عمل تناسب مجال دراستي سأترك مهنتي الحالية؛ لأني أطمح لأن أعمل في مجال إدارة الأعمال”.

في المقابل، اختارت رفيدة أحمد العمل مصممة أزياء فور تخرجها من كلية الصيدلة؛ لأنها تحب هذا المجال كثيرًا وتقول ”بالرغم من دراستي مجال الصيدلة إلا أني أرى أن الإخلاص في العمل والإتقان في ممارسته يأتي من الشغف تجاهه، لذلك اخترت العمل في تصميم الأزياء على الرغم من المعارضة التي واجهتها من أسرتي وبُعد المجال كليًا عما درست”.

فيما استهلت هناء محمد، خريجة علوم الحاسوب والتي تعمل حاليًا في مجال الإدارة المكتبية، حديثها باسترجاع شريط ذاكرتها؛ لتسرد لنا كيف بدأت حياتها العملية، إذ تنقلت في أكثر من عمل في المجال الإداري. ومن أكبر الصعوبات التي وقفت أمام توظيفها في مجالها هو شرط الخبرة الكبيرة التي كانت تفتقرها؛ كونها متخرجه حديثًا، هذا إضافة إلى المنافسة الكبيرة للعمالة الأجنبية في هذا التخصص. وتقول ”لدي الاستعداد لترك عملي الحالي إذا حصلت على عمل يناسب مجال تخصصي الأكاديمي، وأطالب بإعطاء الفرصة للشباب حديثي التخرج؛ حتى يحصلوا على الخبرة المطلوبة للتوظيف”.

ومن جانب آخر، كان من المهم أن نتطرق لآراء بعض الطلاب بشأن هذا الموضوع...

بدأنا حديثنا مع سعيد الحجر، طالب في كلية الإعلام، إذ يرى أن العمل هو وسيلة لجمع النقود لتحسين مستوى المعيشة وإن الشخص يضطر أحيانًا لقبول عمل يختلف كليًا عن مجال دراسته؛ بسبب ظروف الحياه الصعبة التي يواجهها الطلبه بعد التخرج.  ويقول سعيد ”على الرغم من أن مجال دراستي الحالي هو الصحافة إلا أنني إذا تخرجت وتوفر لي العمل في مجال إدارة الأعمال مثلًا لن يكون لدي أي مانع وسأقبل به”.

ولا تتفق سارة المرباطي، طالبة كلية البحرين للمعلمين، مع هذا الرأي كثيرًا، فترى أن من الأنسب أن يمارس الشخص عمله الخاص إذا وجد نفسه مجبرًا على عمل لا يتوافق مع مجال تخصصه الأكاديمي. فأعلنت معترضة ”أنا ضد قبول الشخص بعمل لا يتوافق مع مجال دراسته؛ لأن هناك بعض الأعمال تتطلب بالضرورة الحصول على دراسة تخصصية فيها. فمثلًا لا يجوز لخريج هندسه ميكانيكية مزاولة مهنة الطب”.

“يعتبر عمل الشخص في مجال مختلف عن دراسته الجامعية فرصة جيدة لاكتشاف نفسه في مجال آخر”. هذا هو رأي لؤي محمد، طالب كلية الحقوق، الذي أضاف قائلًا ”عندما أتخرج، إذا حصلت على فرصة عمل تختلف كليًا عن ما درسته سأقبل بها بكل تأكيد وسأحاول جاهدًا أن أحقق نجاحا كبيرا فيها أيضًا”.

للموضوع جانب آخر وهو النفسي، ويحدثنا عنه أستاذ علم النفس أحمد سعد فيقول “مشكلة الشباب هي الاستعجال، فجميع حديثي التخرج يريدون التوظيف مباشرةً في العمل المناسب. صحيح أنه من المحبط أن يدرس الشخص لمدة 4 أو 5 سنوات في تخصص ما ثم لا يستطيع العمل فيه، ولكن على الإنسان أن يتحلى بدرجة من المرونة تمكنه من تقبل ذلك الوضع، فالحياة غير عادلة والواقع يختلف عن الأحلام، ومن الممكن أن يؤثر ذلك على نفسية الشخص من اكتئاب وما إلى ذلك، ولكن سيظل بالتأكيد أفضل من الاستمرار بلا عمل”.

 

تحقيق: أميرة وليد

طالبة إعلام بجامعة البحرين