+A
A-

مدفع رمضان.. تقليد مصري انتقل للبحرين

رغم كونه من أقدم العادات التي عرفتها البحرين إلا أن مدفع رمضان يستخدم كإعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة عن هذا الموعد، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث يتم إطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس، معلنًا فك الصوم خلال شهر رمضان.

وما زال المدفع يحتفظ بكونه أيقونة الشهر العظيم لدى البحرينيين، ويجذب الكثيرين حوله مع قدوم الشهر من كل عام، رغم ما عرفته الحياة من تغييرات حداثية على كل المستويات، أدت إلى اندثار الكثير من العادات والتقاليد القديمة. ولم يقتصر دور المدفع على الإعلان عن موعد الإفطار، ولكنه يطلق قذيفته أيضا ليعلن عن موعد دخول شهر رمضان عند ثبوت الرؤية، وكذلك عند ثبوت رؤية هلال شوال معلنا حلول عيد الفطر، ويطلق أيضا قذائفه عند حلول عيد الأضحى، ويكون عدد قذائف العيدين 12 قذيفة، لكل منهما.

وعادة ما يقوم أفراد من رجال الأمن بإطلاق القذيفة لحظة مغيب الشمس؛ لإعلان حلول موعد الإفطار خلال شهر رمضان المبارك. ففي وقت الغروب، وقرب موعد أذان المغرب بشهر رمضان المبارك في مملكة البحرين، يتجمع العشرات من المواطنين والمقيمين برفقة ذويهم؛ لمشاهدة مدفع الإفطار وهو يطلق قذيفته.

ويعد مدفع الإفطار بالبحرين مظهراً من مظاهر شهر رمضان المبارك، فقد ارتبط اسمه بالشهر الكريم وروحانياته، كما يحكي ذكريات قديمة يستمتع الأهالي باسترجاعها بين الحين والآخر. ولا يوجد عام محدد يمكن القول إن مدفع الإفطار ظهر فيه بالبحرين، غير أن بعض المصادر تقول أن مدفع الإفطار في البحرين يعود إلى ما قبل عصر النفط، في ثلاثينيان القرن الماضي، وقد انتقلت هذه العادة من عدة بلدان عربية إلى البحرين، التي تستمر فيها هذه العادة القديمة إلى هذا اليوم، وأ، كورنيلا دالنبرج، وهي واحدة ممن خدمن بالإرسالية الإنجيلية الأميركية كممرضات ومدرسات في البحرين عام 1922، وعرفت باسم شريفة الأميركانية، تتحدث في مذكراتها اليومية عن مظاهر شهر الصيام في البحرين، وتذكر أن مدفع رمضان كان يدوّي الساعة الثالثة والنصف من كل صباح إيذانا ببدء يوم صيام جديد. ويذكر تشارلز بلجريف في مذكراته عن البحرين أنه في يوم “السبت الأول من مارس 1930، أطلقت مدافع العيد وقرعت أجراس مركز الحريق، وصادف يوم الأحد الثاني من مارس، أول أيام عيد الفطر “وهو ما يوضح أن المدفع كان يطلق ليلة العيد لإعلام الناس بحلول العيد. ويُعد الملا جاسم بن محمد سالم (1922 - 1981) من أبرز وأقدم من أشرف على مدفع رمضان في البحرين. يتكون المدفع من سلك المشعل وحجر بطارية وسلك حديدي لاستخدامه في إطلاق القذيفة، وظل المدفع الرمضاني يعمل بالذخيرة الحية في القاهرة حتى 1859 ميلادي إلى أن ظهر جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة “الفشنك” غير الحقيقية وتم الاستغناء عن الذخيرة الحية، أما مدفع مكة فكان يطلق ذخائر صوتية ناجمة عن عملية انفجار البارود واحتراقه داخل فوهة المدفع، إذ ينطلق الصوت ليسمع في كافة أرجاء مكة المكرمة ويصدر دخانا متصاعدا نتيجة لاحتراق البارود بعد إطلاق الذخيرة، ثم استبدل في السنوات الأخيرة بمدفع جديدا “شبه آلي”.

ووفق المصادر، توكل مهمة الإشراف على مدفع الإفطار، والإمساك، وضبط التوقيت، لأحد شيوخ الدين، الذين يحددون موعد غروب الشمس وفق توقيت الساعة، مقارنة بغروب الشمس الفعلي. وفي السابق كان يتولى تعيين المشرف على مدفع الإفطار قضاة الشرع في البحرين، حيث كان يتم اختيار المشرفين على المدفع ممن يعرفون بالأمانة وضبط التوقيت، وحالياً تتولى وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف هذه المهمة. وتتعدد أماكن إطلاق مدفع الإفطار في البحرين. في العصور الأولى للإسلام كان الأذان هو الوسيلة الوحيدة للإعلان عن الافطار أو الامساك في شهر رمضان، وكان يوجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أذانان قبيل الفجر أحدهما للتنبيه للاستعداد للسحور وقيام الليل والثاني للإمساك عن المفطرات والإعلام بدخول وقت صلاة الفجر، وربما لم تكن الحاجة داعية لاستخدام وسيلة أخرى لصغر المدن ومحدوديتها آنذاك، وبعد اتساع المدن وتباعد المساجد تم استخدم المدفع في الإعلان عن وقت الإفطار والإمساك في رمضان. وبدأت فكرة مدفع رمضان تنتشر من مصر إلى الدول العربية والاسلامية، إذ انتشرت في أقطار الشام بداية بالقدس ودمشق ومدن الشام الأخرى، ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.